وإذا كان البنك يشترط عدم تملك غير المسلمين لأسهمه فلماذا دخل البورصة أصلا وهى سوق عامة مفتوحة أمام جميع المستثمرين من مسلمين وغير مسلمين ؟ ولماذا وافقت إدارة البورصة على قيده داخلها ونظامه الأساسى يخالف الدستور المصرى وهو أبو القوانين العامة والخاصة ؟ بل والأخطر من ذلك كيف وافق البرلمان المصرى على قانون إنشاء هذا البنك الذى يفرق بين أبناء الوطن الواحد وهل لم ينتبه أحد لهذه القضية ؟
وكشف محمد الشرنوبى أن إجبار المشترين المسيحيين لأسهم البنك على بيعها بدون رغبتهم يخالف الدستور الذى يصون الملكية الخاصة ، أيضا إذا كانت البورصة تلغى هذه العمليات لمخالفتها للنظام الأساسى للبنك فلماذا لم تعلن على شاشاتها أن سهم بنك فيصل الإسلامى محظور التعامل عليه لغير المسلمين كنوع من الشفافية والإفصاح التى يلزمها القانون بالالتزام بها . وحتى يعرف المستثمرون أن هذا السهم مقصور على فئة معينة فى المجتمع وبالتالى لا يقدمون على شرائه خاصة أن طلبات الشراء والبيع للأسهم لا تتضمن ضمن بيانها خانة للديانة كما ليس مطلوبا من المستثمرين أن يعرفوا جميع النظم الأساسية لكافة الشركات والبنوك المتداولة أسهمها فى البورصة ، بل أن كل ما يهمه هو نشاطها وما تحققه من أرباح ومستقبل سهمها وفى ضوء هذه البيانات يتخذ قراره بشراء أى سهم أو بيعه . وعدم إعلان إدارة البورصة على شاشاتها أن اسهم بنك فيصل الإسلامى مقصورة على المسلمين فقط يعطى الحق لكافة المستثمرين المسيحيين الذين اشتروا هذا السهم وتم إجبارهم على بيعه إلى الرجوع على البورصة بالتعويض لما أصابهم من خسائر وأضرار وكذا الرجوع على البنك بالتعويض لذات السبب .
مساهمون مسيحيون
ويفجر ناصف نظمى رئيس البورصة المصرية الأسبق ورئيس شركة الأهرام للسمسرة مفاجأة من النوع الخطير حيث يؤكد أن هناك الكثير من المستثمرين المسيحيين الحائزين لسهم بنك فيصل الإسلامى ويشاركون فى جمعياته العمومية السنوية ، وان هذه هى المرة الأولى التى تنتبه فيها البورصة إلى إن النظام الأساسى للبنك يقصر تملك أسهمه على المسلمين فقط ويلزم جميع شركات السمسرة بإجراء عمليات تنفيذ عكسية لكافة عمليات شراء الأسهم التى تتم لصالح مسيحيين فى سهم بنك فيصل الإسلامى أى عند إجراء التسوية لعمليات التعامل على السهم والتى تتم خلال ثلاثة أيام من الشراء إذا كان المشترى مسيحيا يتم طرح ما اشتراه من اسهم للبيع بسعر السوق وفوراً وهو ما يلحق الخسارة بالمستثمر الذى يجبر على البيع لمخالفته لقانون سوق المال ذاته والذى يقضى بألا تتم عمليات بيع أو شراء إلا بطلبات موقعة من العميل ذاته ولا يجوز لأحد إجباره على ذلك .
وهذا الأمر غير موجود فى أى بورصة فى العالم ، وقد يكون هناك بعض الأسهم المحظور تملكها لبعض الفئات كالأسهم المقصورة على المصريين فقط ولكن هذه هى المرة الأولى التى يدخل فيها عامل الدين للتفرقة بين حملة الأسهم .
وقد أثار قرار البورصة الأخيرة ضيقا داخل شركات السمسرة حيث تؤكد إيمان الشافعى نائب رئيس مجلس إدارة شركة المودة للسمسرة فى الأوراق المالية انه لا يعقل أن تسأل الشركة كل عميل يتقدم إليها طالباً الاستثمار فى البورصة عن ديانته ، خاصة أن السؤال عن الديانة بالذات مخجل فلا يوجد أى علاقة بين الاستثمار والديانة ، كما أن كافة شركات السمسرة لم تخطر بأن التعامل على بنك فيصل الإسلامى مقصور على المسلمين حتى تنتبه لهذا الأمر وتراعيه فى تعاملها مع زبائنها وهذه هى المرة الأولى التى نفاجأ فيها بمثل هذا الأمر ، ولا يعقل أن نفرق بين المستثمرين على أساس ديانتهم ، وإلا لماذا تعمل البنوك الأجنبية فى مصر وغيرها من الدول الإسلامية ومعظم المساهمين فيها من غير المسلمين .
سر النظام الأساسى
وقد حاولت " المصور " الاتصال ب عبد الحميد أبو موسى محافظ بنك فيصل الإسلامى لكشف السبب الحقيقى لاشتراط مؤسس هذا البنك قصر التعامل فى أسهمه على المسلمين فقط لكن وجوده خارج البلاد حتى مثول المصور للطبع حال دون ذلك لكن على نجم محافظ البنك المركزى الأسبق والذى شارك فى إعداد النظام الأساسى لبنك فيصل الإسلامى أكد انه كلف بإعداد النظام الأساسى لبنك فيصل الإسلامى من الدكتور محمد ذكى شافعى وزير الاقتصاد الأسبق ليكون أول بنك إسلامى فى مصر ، وقد كان الاتجاه أن يكون تابعا لوزارة الأوقاف ويخضع لإشرافها ولذلك اشتركت مع المرحوم محمد متولى الشعراوى وزير الأوقاف فى ذلك الوقت فى وضع نظامه الأساسى والذى يختلف تماما عن البنوك العامة والاستثمارية ، حيث يعمل طبقا للشريعة الإسلامية ويتعامل مع الجميع لكن أسهمه تكون مقصورة على المسلمين فقط ، ورغم استقرار الرأى على أن يخضع لرقابة وإشراف البنك المركزى إلا أن نظامه الأساسى كان على هذا المبدأ وأرسلت اللائحة إلى البورصة عند قيده بها لتعلنها على المتعاملين فيها ويتم التعامل على أسهمه طبقا لهذه اللائحة منذ اكثر من 30 عاما .
ويقول على نجم طالما أن اللائحة مسجلة فى البورصة وبالتالى فان البورصة ملزمة بتنفيذها ولا تملك مخالفتها وهناك الكثير من الأسهم التى يكون التعامل عليها مقصورا على فئة معينة فى المجتمع ولكن المهم الشفافية والإفصاح فى التعامل وهو أمر موجود فى كافة البورصات .
ويقول إسماعيل حسن محافظ البنك المركزى الأسبق انه إذا كان النظام الأساسى للبنك يقضى بقصر تملك أسهمه على المسلمين فقط والبورصة وافقت على هذا الشرط عند قيد اسهم البنك به فلابد من احترام ذلك ، ومن الخطورة إثارة مثل هذه الأمور الآن والدفع بأمور الدين فى الاقتصاد خاصة أن البنك تم تأسيسه منذ اكثر من 30 عاما ونظامه الأساسى معروف للجميع !
إلا أن حسان صادق اكبر خبراء البورصة يؤكد أن البورصة وان كانت لا تملك مخالفة النظام الأساسى لأى شركة أو بنك تتداول أسهمه فى البورصة إلا أن القضية الأساسية هنا أن هذا النظام ينتقص من حقوق فئة فى المجتمع ولا يقوم على مبررات قومية أو أمنية يجب مراعاتها لصالح المجتمع وإنما على التفرقة بين أبناء المجتمع الواحد ومن هنا تأتى خطورة هذا الوضع السائد .
|