- كثيرا ما يتحدثون عن فكرة مراجعة الخطاب السياسى، ولكن عندما تواجه هذا الكلام بالواقع الفعلى تجد العديد من التناقضات، فمثلا موقفهم غير واضح أو محدد من النص الموجود فى قانون بنك فيصل الإسلامى الذى يمنع التعامل مع المسيحيين، وهو ما يعنى القضاء على فكرة المواطنة، ومع ذلك تجدهم طوال الوقت يتحدثون عن إيمانهم بالدولة المدنية ودولة المواطنة.
سؤال أخير، هل من الممكن أن يحاولوا اللجوء إلى العنف كبديل أو أن يحاولوا دعم جماعات عنف لا تربطهم بها صلة مباشرة؟
- لا أعتقد أنهم يحاولون اللجوء للعنف، وإذا ظهرت جماعات العنف ستتحرك فى إطار الحرب الدولية ضد الإرهاب، كما أن مثل هذه الجماعات يعتمد على منظومة فكرية مختلفة عن منظومة الإخوان، وأكثر ارتباطا بالقاعدة وغيرها من التنظيمات المماثلة. وبمناسبة الحديث عن أزمة الميليشيات من المهم الإشارة إلى أن تراجع الإخوان واعتذارهم بعد انزعاج الرأى العام المصرى هو تراجع تكتيكى يتسم من الناحية السياسية الحرفية بالمهارة. نقطة أخيرة، وهى أن الإخوان - كما قلت فى البداية - نجحوا فى أن يخلقوا نظام حياة متكاملة داخل مؤسسات الدولة ووجودهم الاجتماعى لن يتأثر بالتعديلات الدستورية أو المتغيرات السياسية.
الكاتب الصحفى «صلاح عيسى» - رئيس تحرير جريدة القاهرة - بدأ حديثه بالتأكيد أن «النص الذى يحظر إقامة أى أحزاب دينية أو ممارسة نشاط سياس باسم الدين والذى سيتم إقراره دستوريا ليس بجديد، حيث إنه موجود فى قانون الأحزاب لعام 1977، ولكن الجديد هو أن يتم رفعه من مستوى القانون إلى مستوى الدستور، وهذا يعطيه ثباتا ونفاذا أكثر.
ما توقعاتك بشأن تعامل الإخوان مع هذه التعديلات وكيف سيتحركون سياسيا خلال الفترة المقبلة؟ أجاب قائلا: فى تقديرى أن الإخوان أمامهم خياران أساسيان، إما أن يتجاهلوا ما يحدث ويستمروا فى النهج القائم الآن، وبالتالى يعرضون أنفسهم لمساءلة القانون خاصة أنه فيما يبدو أن الحكومة الآن تحاول إنهاء الاتفاق العرفى الذى تم بينها وبين الإخوان، والذى بمقتضاه كانوا يعملون بشكل غير قانونى. أما الخيار الثانى وهو أن تنهى هذه التعديلات حالة الجدل بين أعضاء الجماعة حول تأسيس حزب مدنى، حيث إنه من الممكن أن تقنع هذه المادة الخاصة بحظر إقامة أى أحزاب دينية، المعارضين لفكرة الحزب الدينى داخل الجماعة والذين قد يغيرون آراءهم، وبالتالى تتحول الجماعة إلى حزب مدنى يحترم قيم المواطنة والمدنية.
قاطعته متسائلا: هل أفهم من رؤيتك هذه أنهم لن يسعوا لمقاومة هذه التعديلات؟ فأجاب قائلا: لا بالطبع، سيحاولون مقاومة هذه التعديلات، وسيحاولون عرقلتها، ولكن هناك احتمالا آخر هو الأقرب للتحقق، وهو أنه نظرا لأنهم الآن فى موقع دفاع، نتيجة سلسلة الأخطاء التى ارتكبوها خلال العام الماضى.. وحالة الإزعاج الاجتماعى التى أثارها موضوع ميليشيات الأزهر، فضلا عن الضربات الأمنية الأخيرة التى يبدو أنها أصابت مفاصل التنظيم، قد يلجأون إلى ما يسمى بالتكتيك السكونى، بمعنى ألا يحاولوا التصعيد، أو شن حملات على المادة كما هو متوقع.
هل احتمال اللجوء للعنف من قبلهم وارد خلال المرحلة المقبلة؟
- الإخوان لديهم قناعة ثابتة أن العنف يستدعى عندهم ما يسمى بسنوات المحنة، كما أن العنف يحدث فى حالات التشرذم، عندما يفقد التنظيم سيطرته على زمام الأمور، ولكن هذا غير وارد الآن.
فى حالة تم إقرار التعديلات الدستورية وفى حالة رفض الإخوان الاستجابة لهذه التعديلات، هل سيلجأون إلى التوارى وراء تحالفات مع أحزاب وكيانات سياسية موجودة ومعروفة؟
- لقد بدأوا فى هذا الأسلوب بالفعل، فقد قاموا بعمل تحالفات من قبل داخل تنظيمات مشروعة وقائمة ومن خلال الائتلافات الانتخابية، مثلما فعلوا مع حزب الوفد 1984، ومع حزبى العمل والأحرار 1987، حيث فاز حوالى 38 مرشحا إخوانيا بمقاعد برلمانية، وفى حالة إذا تم إقرار هذه التعديلات الدستورية ستكون لديهم رغبة عارمة فى التحالف مع الأحزاب السياسية، التى أعتقد أنها لن تمانع، فقد كانت هناك أحزاب كبرى تحرص على التحالف معهم، طمعا فى قوتهم التى تكسبها بسبب الشعارات الدينية والتى تمنحهم شعبية يفتقدونها.
ولكن هل تعتقد أنه من خلال تجربة هذه الأحزاب مع الإخوان قد يقبلون الدخول معهم فى تحالفات خلال الفترة المقبلة؟
- تستطيع أن تقول إن هناك الآن اتجاها عاما لدى الأحزاب بالرفض بسبب التجارب السابقة، والدليل على هذا ما نشرته جريدة الوفد فى صفحتها الأولى خلال الشهور الماضية حول أن «الوفد حاجة والإخوان حاجة أخرى، ومش ممكن يتحالفوا»، وهذا موقف جديد للوفد. ولكن هناك نقطة مهمة يجب أن نستوعبها جيدا وهى أن هذه التعديلات - لو تم إقرارها - ستسد الطريق أمامهم وأية محاولة منهم للتحايل على هذه المواد، ستعرضهم للمساءلة القانونية، وبالتالى هذا يعنى أنهم لن يستطيعوا كسب الناس بدون شعاراتهم الدينية وهو ما سيترتب عليه تراجعهم، وبالتالى يجب عليهم أن يجتهدوا لكى يوائموا أوضاعهم من أجل مصلحة الدولة، ومن أجل الحفاظ على قيم المواطنة، فالدين يجب أن يكون خارج لعبة السياسة. وكما قال الرئيس، فإن هناك مخاطر كثيرة تحيق بنا، وبالتالى يجب أن نحترس وأن نبتعد تماما عن اللعب بسلاح الدين فى السياسة.
|