سادت المقابلة لحظة صمت بعد أن تنبهت الى ثورة الغضب وحدة الصوت وحماس المحامي الشاب الذي كنت أترافع به في المحاكم، وأنه لا يليق أن أخاطب نائب رئيس الجمهورية هكذا..
فقلت: يا سيادة النائب أرجو أن أكون قد أوضحت لكم قليل من كثير من المتاعب والمصاعب والمظالم والمآسي والاضطهادات التي نعاني منها كأقباط والتي زادت عن طاقة الاحتمال ومن أجلها قال قداسة الباب: "اننا حزانى وليس لنا نفس للاحتفالات الرسمية بالعيد حتى تنصلح الأمور وسنصلي في الأديرة في حالنا حتى يتدخل الله وينصفنا فقد جربنا الوعود البشرية ولم تأتي بنتيجة فلنجرب وعد الله "الرب يدافع عنكم وأنتم تصمتون"
وأضفت: ان قداسة البابا شنودة جاء الى منصبه مع الرئيس السادات في 1971 وكانت العلاقات دائما طيبة كلها مودة وتقدير متبادل بينهما والبابا مشهود له من الجميع بوطنيته وهو يشرف مصر ويرفع رأسها في كل حين. ولما زار زائير مؤخرا كانت علاقاتها الدبلوماسية مقطوعة مع مصر ومع ذلك عزفوا السلام الجمهوري المصري اكراما له.. ولما عاد الرئيس السادات من أمريكا بعد معاهدة كامب ديفيد للسلام مع اسرائيل وكانت أحداث سماولط حديثة قال البابا نكتم أحزاننا في قلوبنا ونشارك في الأفراح الوطنية وذهب لاستقبال الرئيس في المطار!
- فقال السيد/ حسني مبارك: وهو ده تجمل منه، هذا واجب عليه.
- قلت: لا. أبدا مش واجب فليس عمل البطاركة أن يشتغلوا تشريفاتية فالبطاركة والبابوات في الخارج هم الذين يتوجون الملوك والرؤساء، ولكن البابا شنودة عمل ذلك بدافع المحبة والوطنية والتقدير.
فلما رأى الأستاذ عدلي عبد الشهيد أن الجو تكهرب، قال: "يا سيادة النائب طيب اسمح بأن يذهب معنا الأستاذ فكري مكرم عبيد لمقابلة البابا
- لا طبعا. ففكري بك له صفة رسمية فهو رئيس الحزب الوطني الديموقراطي. والمبادرة يجب أن تأتي من البابا وليس من الحكومة وعلى فكري فكري بك لا يحب أن يقابل البابا شنودة!
وهنا انتفضت وقمت واقفا وأنا أقول: ولا البابا يحب أن يراه!
وبهذه الصورة انتهت المقابلة بعد ثلاثة أرباع الساعة.. وأشهد أن السيد/ حسني مبارك كان لطيفا وصبورا جدا معي واحتمل حديثي الجاف الشديد معه بهدوء. ويبدو أنه حكى أخبار هذه المقابلة للرئيس السادات فكانت النتيجة أن أضيف اسم ماهر راغب حنا الى كشوف المعتقلين (المتحفظ عليهم) تحت رقم 863 وهكذا زاد عدد المعتقلين من 1535 الى 1536.
__________________
ان طلبنا الله فأنه يظهر لنا . . . و ان تمسكنا به فأنه يبقى معنا
(sml21) (sml21) (sml21) الآنبا أرسانيوس معلم أولاد الملوك (sml21) (sml21) (sml21)
|