رد علي اسامه سلامه في رز اليوسف .هل الاقباط اصحاب البلد الاصليين
هل الأقباط أولاد البلد وأصحابها وهم بمفردهم أحفاد المصريين القدماء؟! هذا السؤال الكريه والمتعصب فرض نفسه علينا، إذ إن هناك اتجاها بين الأقباط يحاول أن يجعل منه أمرا واقعا، وهم يعنون بذلك أن المسلمين المصريين لا علاقة لهم بمصر الفرعونية وهم دخلاء على البلد، ويغالى البعض ويصف المسلمين بالعرب المحتلين، وكأنهم يدعون الأقباط إلى الجهاد لكى تعود مصر لأبنائها الأصليين بعد جلاء المحتل العربى عنها،
إنها الفتنة التى تماثل الوجه الآخر للتطرف الإسلامى، حيث يقول المتطرفون المسلمون : مصر بلد إسلامى ومن لا يعترف بذلك فعليه أن يرحل ويتركها، وأن الأقباط لا يجب أن يتولوا مناصب عليا، وهكذا بين الاثنين تقع مصر وأبناؤها وأصحابها من المسلمين والأقباط بين نيران المتطرفين المسيحيين والمسلمين، تكاد تحرقهم وتخلف وراءها الخراب والدمار! الاشتباك بين الطرفين موجود والتراشق بينهما يتم بشكل غير مباشر على صفحات الصحف، فهذا يدلى بتصريح ويرد الآخر بحوار، ويعود الأول بكتابة مقال ويتدخل الثانى من خلال كتاب يتم عرضه فى الصحف، وهذا يصرخ فى الفضائيات والآخر يهتف فى الندوات، والهدف هو إبعاد الآخر وإثبات أنه لا حق له فى هذا البلد، والحقيقة أن السؤال كان يصبح أكثر صحة لو صار: هل الأقباط من أصحاب البلد ومن أبنائها؟ وعندئذ تكون الإجابة نعم، فهم شركاء فى الوطن وأبناء له مثلهم مثل المسلمين، لكن المشكلة أن الذى يطرح هذا الكلام يقوله لإقصاء الآخر ولإثبات أنه لا يوجد أحد غير الأقباط أبناء وأحفاد للمصريين القدماء، وفى المقابل فإن السؤال عن دين الدولة يجب أن يكون: هل ينتمى أغلبية شعب مصر إلى الإسلام؟! وتكون الإجابة نعم، فهذا هو الواقع والذى لا ينفى وجود آخرين من أبناء الشعب يعتنقون المسيحية بكل طوائفها، وأن وجود أغلبية مسلمة لا ينقص من حقوق الأقباط شيئا ولا يعطى للمسلمين ميزة، فالدستور جعل المواطنين سواء وهو مبدأ أقره الإسلام منذ أكثر من 14 قرنا عندما حدد حقوق المسيحيين وأهل الديانات الأخرى من خلال قول الرسول - صلى الله عليه وسلم: «لهم ما لنا وعليهم ما علينا»، وهو ما يعنى المواطنة فى أسمى معانيها وأوضح تطبيقاتها.
السؤال: هل كان الفراعنة مصريين خلصاء دون اختلاط مع باقى الأجناس ولم تمتزج دماؤهم مع أهل البلاد المجاورة لهم ولم يتم التزاوج بينهم وبين أية دول وإمبراطوريات قديمة احتلت مصر؟! وهل احتفظوا بنقاء العرق المصرى حتى الفتح الإسلامى؟! إن هذا أمر مستحيل وعلماء الأنثروبولوجيا يؤكدون أن مصر من الدول التى لم تكن منغلقة أو ترفض الآخر والأجنبى، بل كانت تحتضنه وتعتبره من أبنائها مادام أقام فيها، والشعب المصرى لم يكن يرفض التزاوج مع الأجانب، ويدلل العلماء على ذلك بأنه لا توجد ملامح خاصة بالمصريين، ففيهم الأسود والأبيض وبينهما يتدرج لون البشرة من الأسمر إلى القمحى، وتتجاوز الأبيض إلى الأشقر، كما أن ملامح الوجه تتباين بشكل لافت، فكل ألوان العيون موجودة من الأسود والعسلى إلى الأخضر والأزرق، فعلى سبيل المثال هناك مسيحى أسود وآخر أبيض، فمن منهما حفيد للمصريين القدماء؟! أيضا المسلمون لا تجمعهم ملامح واحدة. وما دعانا لفتح الملف وإعادة الكلام فيه رسالتان، إحداهما من الأنبا مرقس أسقف شبرا الخيمة المتحدث الرسمى باسم الكنيسة، والأخرى من منير بشاى وهو مواطن مصرى مقيم بلوس أنجلوس بأمريكا «حسب ما جاء فى رسالته»، وقد وضع عنوانا لها «نعم الأقباط هم أصحاب البلد الأصليون».
وكان المقال قد تناول حدثين وقعا الأسبوع قبل الماضى وهما حوار صحفى نشر بجريدة «الكرامة» مع محمود عزت عضو مكتب الإرشاد بجماعة «الإخوان المسلمون»، وتصريحات صحفية للأنبا مرقس نشرت فى صحيفة «المصرى اليوم»، وقد رأينا فى الآراء المطروحة سواء فى الحوار أو التصريحات خطورة بالغة خاصة أنه لم يتم نفيها فى حينها، فقد قال محمود عزت: «ما ينفعش واحد قبطى يحكم مصر لأن الرئيس يجب أن يصلى بالناس ويأمرهم بدفع الزكاة». «وما المشكلة فى أن يحكمنا مسلم غير مصرى»؟! ورددت عليه وأوضحت أنه فى ظل دولة المؤسسات ووجود رقابة على الرئيس لم يعد هناك ما يسمى بالولاية الكبرى التى ينفرد فيها الوالى أو الخليفة بالحكم، ويعين القضاة ويعزلهم ويصلى بالناس، وأن الشعب من حقه أن يختار رئيسه، وأن ينتخب من يراه الأصلح مهما كان منتميا إلى دين أو فئة.. وكشفت أن المصريين يرفضون أن يحكمهم أجنبى مهما كان دينه، كما أن الحكام خلال الخلافة العثمانية حكموا بالحديد والنار وظلموا المصريين كثيرا ونهبوا بلدنا دون أن يردعهم ضمير ولا دين، رغم أنهم كانوا مسلمين، أما تصريحات الأنبا مرقس فقد كانت خطيرة لأنه قال: «إن الأقباط أولاد البلد وأصحابها وأن تعدادهم يتراوح ما بين 15 و18% من تعداد السكان»، ولم ينف الأنبا مرقس هذه التصريحات طوال أسبوع كامل، وهو ما دعانى لتصديق ما جاء به.
وتساءلت: هل يستطيع الأنبا مرقس أن يثبت أن أجداده كانوا من قدماء المصريين وأن نسبه لم يدخل عليه فى أى عصر جنس آخر جاء إلى مصر؟! وهو كلام يوجه أيضا إلى أى شخص يردد هذا الكلام أو يتبنى هذا الرأى، كما قلت أن الكلام حول عدد الأقباط طائفى ولا معنى له فى ظل المواطنة التى لا تميز بين الأقباط، وبعد نشر المقال وردت إلينا الرسالتان؛ الأولى من الأنبا مرقس يصحح فيها ما جاء على لسانه من تصريحات فى «المصرى اليوم»، ويؤكد فيها على موقفه الوطنى، وأنه نفى موقف البابا شنودة والكنيسة، والثانية من منير بشاى وننشر هاتين الرسالتين دون تدخل منا، ثم نعقب على بعض ما جاء فيهما.
|