عرض مشاركة مفردة
  #7  
قديم 10-02-2007
الصورة الرمزية لـ makakola
makakola makakola غير متصل
Moderator
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
المشاركات: 6,270
makakola is on a distinguished road
قمة ال (17) 4 من 4

سيد القمنى

elqemany@yahoo.com
الحوار المتمدن - العدد: 1815 - 2007 / 2 / 3



بشأن التاريخ الجهادي العربي النبيل يقدم لنا الكاتب الاسلامي المستنير (فهمي هويدي) تعريفا له يقول:" ان العقل الغربي ينظر الي الجهاد علي أنه Holy war حرب مقدسه, وهي في الحقيقة كلمة لا مرادف لها عندهم (طبعا!!) فالجهاد يتميز عن القتال أو النضال الذي قد يكون في سبيل أي شئ آخر ولا ينتقص منه شيئا بينما الجهاد يفقد مضمونه ويفقد شرعيته اذا لم يكن في سبيل الله / كتابه مواطنون لاذميون 218, 220".
وبغض النظر عن كون التعريف الهويدي يتضمن دعوة صارخة للتخلي عن مفهوم المواطنة والوطن, بتعارض مطالب الدين مع مطالب المواطنة, فاننا نتابع الاستماع اليه مستطردا" والاسلام لم يأمر أمته بالعدوان " !!؟ .. بسيطة.. ماذا يسمي هويدي ما فعله العرب الفاتحون" ؟ ما هو بالضبط ؟ يستكمل هويدي :" ولم يأمر أمته بترويع الامنين ولا بسلب مقدرات الاخرين ولا الاستعلاء عليهم قط "؟ ( قط؟!) ألم يطالع هذا الرجل تاريخ اسلافه الكرام البررة؟ أم هو كاذب؟ والكذب شر بالضرورة ، فما بالك اذا كان يكذب علي أمته وعلي العالمين؟ يتابع الكذوب الشرير ليقول ان " الجهاد في الاسلام شرع لنشر الاسلام ونصره للحق ودفعا للظلم واقرارا للعدل والسلام والامن, وتمكينا للرحمة التي أرسل بها محمد ص للعالمين ليخرجهم من الظلمات الي النور, لذلك هو فريضة شرعية "!! لكن الا يري هويدي وفقا لهذه المبادئ السامية فعلا ؛ الرفيعة حقا ، انه كان علي العرب أن ينسحبوا من البلاد المفتوحة بعد ان أبلغوهم بالاسلام, أو أن يعلنوا ذلك علي الاقل في أي كلمة أو نص أو حرف في مكتبتنا الاسلامية الهائلة, كما تعلن امريكا عن ذلك بشأن العراق اليوم؟ حتي يتركوا أهالي البلاد المفتوحة أحرارا حقا يحكمون بلادهم بأنفسهم؟ أم أن من ضرورات اكتمال الجهاد حيازه الارض والبشر عبيدا ، والجزية وغلة خراج العبيد والسبي ، ميراثا لهم كابرا عن كابر؟ واذا كان الاسلام ونشره هو غرض الجهاد كما يقول , فلماذا لم يكن ذلك علي بند كبار الصحابة في قمة الـ (17) . الي جوار بنود اقتسام الفريسة بأشد وأقسي وأبشع ما عرف الناس علي يد أي احتلال آخر بطوال التاريخ؟ ولم يكن الجهاد الفاتح نشرا للدعوة المكلف بها ، لان الدعوة لو كانت حاضرة حقا وراء تلك الفتوح, لرأي العالم من العرب فعالا تحببهم فيها وترغبهم في الدين الجديد, بالسيرة فيهم بالعدل والإحسان حتي يدخلوا فيه حبا وطوعا لا كرها.
هويدي يري أن الجهاد هو تحرير البلاد، وهو ما يقوله المشتغلون بالاسلام للمؤمنين الذين اختاروا تسليم أوطانهم مقابل استلامهم الدين, لكن ألا يري هويدي أن الفعل الذي تقوم به الجيوش المحاربة هو ما يحدد طبيعة الفعل العسكري ومسماه؟ مثلا للتوضيح ذهبت الجيوش المصرية وشاركت في حرب تحرير الكويت, وسميت حربها هناك تحريرا لان القوات ذهبت وعادت, فماذا عن الجهاد المقدس؟ هل كانت الجيوش العربية جيوش تحرير أم غزو أم احتلال أم استعمار استيطاني أم هو إحلالي؟ أي اسم سيختار هويدي؟
العراق هذه الأيام هو هم الاستاذ هويدي الشاغل لأنه يرزخ تحت نير الاحتلال الامريكي, لكن السؤال : هل العراق بذلك يكون تحت الاحتلال؟ الإجابة بالقطع هي نعم, لكن يأتي السؤال الثاني وهو : ماذا تفعل قوات الاحتلال هناك؟ هل تغزو؟ أم تستوطن ؟ هل تم استقدام القبائل الامريكية مع النساء ، وهل أنزلوا العيالات القادمة من كاليفورنيا ونيو يورك وشيكاغو فى دور من فر اهلوها فزعا بالنجف والفالوجة؟ ام انها قد حررت العراق من الطاغية؟ هذا مع الإعلان الدائم انها مهمة لها نهايتها وان الجيوش ستعود الي بلادها بعد استقرار الاوضاع. وفي ظل هذا الاحتلال العجيب الشأن بين ألوان الاحتلال عبر التاريخ, عاد الصوت العراقي مرة أخري , وعاد شعبه المجيد يسمع صوته للدنيا سواء في مظاهرات دائبة ، أو انتخابات حرة لم يحدث مثلها علي ارض تلك الاوطان منذ الفتح العربي الميمون, تسمع الدنيا أن هنا شعبا عريقا وأن هنا حرية ، ان الفعل هو ما يحدد الاسم وليس العكس.
ان سحب مفاهيم اليوم عن العدل والمساواة والحريات علي تاريخ الاسلام هو ظلم لكليهما, والعدل هو تسمية الاشياء بأسمائها ، دون تزويق لشأن تعجز كل مساحيق التجميل في الدنيا عن اخفاء تشوهاته وقبحه وبشاعاته. وان ما فعلته قمة الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الثانية يأتي بعد قرون متطاولة من التطور القيمي والاخلاقي والانساني ، بعد انتصار نموذج الدولة الديمقراطية العلمانية كأفضل نظام عالمي اليوم. لذلك عندما جلسوا لم يبحثوا في توزيع الأرضيين ، وغلة العبيد المخارجين ، وتوزيع النساء المسبيات حتى يأتي الكاوبوي نصيبه من اللذة وهو مسترخ على مؤخرة حصانة في تكساس. كانت العلمانية الراقية هي سيدة الموقف منذ عصر التنوير, مما أمكنها أن تفرز رقيا ونبلا وسموا وتحضرا ما كان ممكنا أن تفرزه أبدا حضارة البداوة الفقيرة المدقعة حتي في مفاهيمها وطرق اجتماعها وتحضرها بالضرورة.
ان خلط أهل الدين بين الزمنيين يضر بديننا ودنيانا , لان اليوم غير الامس ولان بوش أو بلير غير أبي بكر أو بن الخطاب, رغم ان كل منهم هو سيد زمانه, وأمريكا غير الحجاز والناس غير الناس وكل شئ غير كل شئ, لذلك لا تشبه قمة الحلفاء ولا مستنداتها ولا جدول اعمالها ولا أهدافها قمة الـ (17) في شئ.
هويدي وأمثاله يقولون لنا " إحنا بتوع الحرية" اسلامنا عدل واخاء ومساواة ، هو القيم الأولي والأخيرة الأزلية الأبدية, هو نهاية التاريخ , لا تسايره ولا تطاوله قيم اخري ناهيك ان تعلو عليه. لكنهم لا يوضحون لنا لماذا لم تكن هذه القيم معلومة لأصحابها من صحابة رسول الله, لانها لو كانت معلومة ولم يفعلوها فانهم يكونوا قد خرجوا عن صحيح الدين, وان لم تكن معلومة ولا من صحيح الدين يكون هو ذلك هو القول الأدق والأكثر عدلا وحقا. ويكون هويدي كذاب أشر.
ان سادتنا اللاعبون بالاسلام علينا يرددون اليوم كلام روسو ومونتسكيو وفولتير، انهم لا يرددون هنا كلام محمد والاسلام, انما يرددون منتج الحداثة العلمانية لينسبوه للاسلام ثم يكفرون به العلمانية!!؟ ان هذه المبادئ والقيم ليست من ثقافة العرب والمسلمين ، لذلك لم تكن معلومة لديهم ، حتي لا نظلمهم بادعائنا علمهم بها وتنكبهم سبلها ، فهي لم تكن ضمن مخزونهم الثقافي (قط), وهذه الـ (قط) هي الصدق غير الكذوب.
__________________
لم اكتم عدلك في وسط قلبي تكلمت بامانتك وخلاصك لم اخف رحمتك وحقك عن الجماعة العظيمة اما انت يا رب فلا تمنع رأفتك عني تنصرني رحمتك وحقك دائما
الرد مع إقتباس