الانفجار القادم الذى يتوقعه الجميع :
إذا استمر هذا الحال على ما هو عليه ، بالتوريث أوبقاء العسكر فى الحكم فلا بد أن ينتهى الأمر بالانفجار. وبالانفجار تسقط الدولة و يتشرذم الجيش ، وتتحول مصر الى غابة لحروب أهلية يفوز فيها ( المجاهدون الانتحاريون ) . هى الفوضى الخلاّقة التى يتمناها الاخوان ليقيموا دولتهم بالتخويف والارهاب.
ولكن لن يلبث قادة الاخوان الحاليون أن يكونوا ضحية . فالعادة فى مثل هذه النوعية من الثورات أن يفوز من هو أكثر دموية وأكثر تزمتا وتعصبا. وبالتالى فلو وصل الاخوان الى الحكم فستكون مرحلة قصيرة يتمتع فيها رموز الاخوان بالسلطة بعد العسكر ثم تنشق الأرض عن ( المهدى المنتظر) وعشرات من منافسيه ، من أعماق الصعيد و العشوائيات ، ويأتى ( الطالبان ) المصريون ليجربوا طريقتهم فى الحكم على جثث ( المعتدلين من الآخوان المسلمين ) ، ثم يتعدد الصراع بين هذا ( المهدى) وذاك ، وتتدخل قوى خارجية ، و تصبح الحرب الأهلية اقتصادا تتعيش منه قوى خارجية وداخلية. والضحية هى مصر؛ البشر والتاريخ و الجغرافيا.
إننا نعيش الان مرحلة القضاء على الطواغيت السياسية، بدأت بالصومال ولن تنتهى باعدام طاغوت العراق. وكلما تأجلت المواجهة وكلما طال عمر الطاغوت فى السلطة، وكلما ضاعت كل الحلول السياسية الممكنة ـ تعاظم الانفجار ليقضى على الدولة نفسها وليس على مجرد نظام الحكم.
لو وقف شعب العراق وقفة رجل واحد ضد صدام حسين منذ ثلاثين عاما فماذا كان سيحدث ؟
فى وقفته عندئذ كان سيفقد بضع مئات أو بضع الوف فى مظاهرات واعتصامات ، كانت ستؤدى فى النهاية الى أن يفيق الجيش من غفلته و يتصرف لصالح الشعب. ولكن استكان أهل العراق لصدام ، وثار بعضهم هنا وهناك فى اوقات متفرقة. وفى النهاية قتل صدام منهم ملايين فى حروب داخلية وخارجية. ثم أدى الخلاص منه الى القضاء ليس فقط على نظام حكمه و لكن على الدولة نفسها ـ بعد أن قام صدام بتفريغ العراق من نخبته المثقفة ولم يترك إلا زعماء العصابات الذين خلا لهم الجو الان ليحكموا أرض الرافدين وليقتلوا أهله فى حرب عشوائية لا مثيل لها.
الايرانيون كانوا أكثر وعيا. وقفوا ضد الشاه ، وضحوا ببضع مئات فى المظاهرات ، وفى النهاية لم يتحمل الجيش أن يضرب فى الشعب فتخلى عن الشاه فسقط .
نفس الحال فى رومانيا مع شاوشيسكو. ودول شرق أوربا الشيوعية سابقا ، تم فيها تغيير الأنظمة مع بقاء الدولة فحدث التحول الديمقراطى سلميا وسلسا. هل أقول أيضا جنوب افريقيا ومانديلا ؟ أم يكفى المثل الرائع للتحول الديمقراطى فى موريتانيا ؟
مع بقاء الرئيس الحالى فى حكم مصر كل هذه المدة ـ بكل هذا الفساد والتعذيب والاستبداد ـ فان انهيار الدولة المصرية العتيدة هو الهاوية التى تنتظر مصر.. إلا إذا سارعنا بانقاذ ما يمكن إنقاذه..
وهنا تاتى مسئولية الجيش المصرى ، هو سبب المشكلة ، وعليه أن يكون الأساس فى حلها.
كيف نتحاشى هذه الهاوية ؟
إن مصر تحتاج الان الى أن يتدخل الجيش سلميا لانقاذ الرئيس مبارك من عناده ، بأن يتخلى طواعية عن الحكم ، وأن يرحل باسرته الى مكان آمن ، ثم يتخلى الجيش تماما عن فكرة الحكم ويحصر مهمته فى حماية البلد ، ومنها القيام بتامين عملية انتقال السلطة الى حكومة مدنية تؤسس الاصلاح.
بتفصيل أكثر أقول :
1 ـ يتخلى الجيش عن الحكم. ويعود الى معسكراته. ويفهم أن دوره هو حماية الوطن وليس حكم الوطن. وليفهم أنه عندما يتولى حكم الوطن فانه يصبح عدوا للشعب ، ويتعامل مع الوطن على أنه جبهة حربية ، وأن أبناء الوطن هم أعداء يوجه نحوهم سلاحه. وهذا هو بالضبط ما يحدث الآن. الأمن المركزى ـ أكبر جزء من الجيش ـ هو الذى يبطش بالناس.
هل هذه هى وظيفة الجيش المصرى؟ يا قادة الجيش المصرى ؟
هل يليق بكم أن توجهوا سلاحكم الى المدنيين العزل من أبناء وطنكم ؟
هل هذه هى شهامتكم ؟ هل هذا هو اسلامكم ؟ هل من الاسلام ان تضرب المظلوم لتساعد الظالم؟ أم أن تقف ضد الظلم وتؤيد العدل ؟ هل ينفق عليكم الشعب من ماله وقوت يومه لتقوموا بضربه و استعمال سلاحكم ضده ؟ ومن أجل من ؟ من أجل فرد واحد إستاثر بالسلطة مفسدا ثم يريد ان يورثها لابنه كما لو كانت مصر ضيعة له ولذريته ؟
هل جئتم من رحم الشعب المصرى للدفاع عنه أم لاذلاله وتعذيبه و اهانته ؟
تصوروا أن رجلا له عدة أولاد وبنات وبيت . وقد قام هذا الرجل بتقليد ابنه الأكبر وظيفة حماية البيت ومن فيه، وأعطاه السلاح و النفوذ. فقام ذلك الابن بضرب أبيه واغتصاب أمه وأخواته البنات و استعباد أخوته الذكور و تعذيبهم. هذا المثل البشع هو بالضبط ما ينطبق على اى جيش عندما يحكم الشعب .
باختصار أقولها وأجرى على الله: إن أى جيش يتخلى عن مهمة حماية الوطن ليتحكم فى الوطن إنما يرتكب جريمة الخيانة العظمى فى حق الوطن.
__________________
لم اكتم عدلك في وسط قلبي تكلمت بامانتك وخلاصك لم اخف رحمتك وحقك عن الجماعة العظيمة اما انت يا رب فلا تمنع رأفتك عني تنصرني رحمتك وحقك دائما
|