عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 07-05-2007
الصورة الرمزية لـ makakola
makakola makakola غير متصل
Moderator
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
المشاركات: 6,270
makakola is on a distinguished road
عقب الغاء وضع الذمية التقليدي عام 1855 في إطار بناء مصر الحديثة، سعت التيارات الإسلامية قديما وحديثا إلى تقويض مفهوم المواطنة وتحويله إلى تابع للمرجعية الإسلامية والشريعة الإسلامية في إطار وضع غير المسلمين في الدولة الإسلامية. والصراع مازال قائما ولم يحسم بعد، بين من يعرف المواطنة حسب تأصيلها عالميا في إطار تعريف الدولة القومية الحديثة القائمة على فكرة المواطنة أساسا، وبين فكر التيارات الإسلامية على مختلف أتجاهاتها التي تنظر وتأصل لوضع خاص لغير المسلمين في الدولة الإسلامية يتناقض في جوهره مع المواطنة الحديثة. فكر التيارات الإسلامية قائم على مرجعية الشريعة وعلى الخلط والجمع بين الدين والدولة والسلطة الدينية والسلطة الزمنية، وقائم حول مفهوم أن الوطن تابع للإسلام وأن الإسلام وطن ومن ثم فالانتماء الوطني تابع للانتماء الديني، بل وأن الانتماء الوطني يقاس كما يقول طارق البشري على "الولاء والبراء والصفاء" أى أن المعيار المحدد هو مصلحة الإسلام والدولة الإسلامية وليس مصلحة الوطن كقطعة من الأرض يتشارك عليها الناس وفقا لإسس المشاركة والمساواة وسيادة القانون.
وهذا الموقف من المواطنة في فكر التيارات الإسلامية هو امتداد للفقه الإسلامي والتراث الإسلامي، ولهذا سيعاد أنتاج مفهوم المواطنة من التراث مرات ومرات ما لم يتم غلق هذا الملف بتأصيل مدنية الدولة والفصل التام بين الدين والسياسة، ولهذا يقول شريف كامل " وعلى ذلك يتأكد بيقين أن الحركات الإسلامية المعاصرة في مصر ليست مجرد حركات متطرفة أنحرفت بالتراث الفكري الإسلامي الصحيح، كما أنها ليست حركات متطرفة خالفت بشدة التراث الفكري الإسلامي، بل أن الثابت على نحو يتعين الانتباه إليه بكل الوعي واليقظة والشجاعة أن هذه الحركات الإسلامية المعاصرة في مصر قد جاءت تعبيرا مخلصا وتجسيدا صادقا وإفرازا أمينا للتراث الفكري الإسلامي السائد ومنذ البداية" (المستشار شريف كامل، فكرة الحاكمية الإلهية والمصريين المسيحيين مركز بن خلدون، التقرير السنوي الرابع 1997 ص 223)
الاتجاه نحو تحويل الإسلام وطن ومن ثم تقويض مفهوم المواطنة الحقيقي بدأ في مصر الحديثة بدعوة مصطفي كامل للجامعة الإسلامية. وحول الجامعة الإسلامية يقول محمد عمارة (اجتهد تيار الجامعة الإسلامية كي يجعل علاقة الدين والمعتقد بديلا للعلاقات القومية. ولقد عبرت مجلة "العروة الوثقي" عن هذه الخاصية التي كانت من أبرز خصائص هذا التيار فكتبت "لا جنسية للمسلمين إلا في دينهم" و "أن المسلمين لا يعتدون برابطة الشعوب وعصبيات الأجناس، وإنما ينظرون إلى جامعة الدين، فلهذا ترى المغربي لا ينفر من سلطة التركي، والفارسي يقبل سيادة العربي، والهندي يذعن لرياسة الأفغاني. وأن المسلم لا يستنكر ما يعرض عليه من أشكال حكوماته ما دام صاحب الحكم حافظا لشأن الشريعة ذاهبا مذاهبها") .(محمد عمارة، الجامعة الإسلامية والفكرة القومية، دار الشروق 1994 ص 54)
وأتخذ هذا الاتجاه منهاج عمل مع تأسيس جماعة الأخوان المسلمين عام 1928، واستفحل هذا التيار مع كتابات سيد قطب وظهور الجماعات الإرهابية مع نهاية السبعينات من القرن الماضي.
وقد جاءت الاجتهادات الحديثة لمحمد الغزالي ويوسف القرضاوي وطارق البشري ومحمد سليم العوا وفهمى هويدى متلاعبة بالألفاظ ولكن مضمامينها تصب تجاه مفهوم مشوه للمواطنة لا يختلف كثيرا عن أعتبار الإسلام وطن وتقزيم الدولة القومية وتأصيل وضع الأقباط كتابع للشريعة وللمرجعية الإسلامية. فحقوق الآخر غير الديني في خطاب التيارات الإسلامية الحديثة تأتي تأكيدا مستمرا على المواطنة للجميع المسلم و غير المسلم أنطلاقا من مرجعية دينية تلزم المسلم بالبر بغير المسلم، وليس لحقوق ثابتة كأصل من أصول المواطنة .(سامح فوزي، مرجع سابق ص 145)
يقول محمد الغزالي "لقد صارت الاستجابة لدعاة النعرة الوطنية ارتدادا عن الإسلام محذور العاقبة.. نريد أن نستخلص من هذا أن تقسيم المسلمين على أساس الوطن.. ضرب من الكفر لا صلة له بالإسلام قط.. إن وطن المسلم هو عقيدته وأن حكومة المسلم هي شريعته وأن ديار المسلم ومن عليها فدي للإسلام"(مجدي خليل، أقباط المهجر، دراسة ميدانية حول هموم الوطن والمواطنة، دار الخيال 1999 ص 124). ويقول سيد قطب "لا جنسية للمسلم غير عقيدته، فالمسلم لا يعتز بجنس ولا بقوم ولا بوطن ولا بأرض" (سيد قطب، معالم على الطريق، دار الشروق 1980، ص 79).
وأثناء التعديلات الدستورية الأخيرة وزع الاخوان منشورا يقول "الإسلام دينك ...الإسلام وطنك...الإسلام دستورك".
ويصل فهمي هويدي لنفس النتيجة ، بطريقة غير مباشرة إذ يري أن الأغلبية لن تتنازل عن الشريعة من آجل المواطنة، وحسب تحليله فإن الأقلية عليها أن ترضخ في هذه الحالة لمشروع الأقلية في فرض الشريعة ومرجعية الدولة وأسلمة النظام العام. (فهمي هويدي، جريدة الأهرام، 11 ديسمبر 1998)
__________________
لم اكتم عدلك في وسط قلبي تكلمت بامانتك وخلاصك لم اخف رحمتك وحقك عن الجماعة العظيمة اما انت يا رب فلا تمنع رأفتك عني تنصرني رحمتك وحقك دائما
الرد مع إقتباس