[B]سيناء: كلما استأثرت مباحث أمن الدولة بملف أفسدته! [/B7
د. سعد الدين إبراهيم
ما يزال بدو سيناء في حالة غضب واستياء من السياسة التي تتبعها معهم الحكومة المصرية، التي أوكلت شئونهم إلي جهاز مباحث أمن الدولة منذ استرجاع أرض سيناء من إسرائيل في 25 أبريل 1982، وبعد تنصيب حسني مبارك رئيساً لمصر، بستة شهور، أي منذ ربع قرن. وقد عبّر بدو سيناء عن غضبهم واستيائهم بطرق شتي في السنوات الأربع الأخيرة. فقد وقعت تفجيرات في منتجع طابا، ثم في شرم الشيخ، وأخيراً في قلب سيناء. وقد شارك في تعبيرات الغضب هذه، عناصر مختلفة من أبناء سيناء، ولم تستجب الدولة المصرية لتعبيرات الغضب المبكرة وبالطرق المناسبة، فإن تعبيرات الغضب التالية تصاعدت بشكل ينذر بتدويل مشكلات أهل سيناء، علي شاكلة ما يحدث في إقليم دارفور في غرب السودان.
لقد عقدت قبائل وسط وشمال سيناء مؤتمراً حاشداً، يوم الاثنين 7 مايو، لمناقشة ومتابعة الاتفاق الذي توصل إليه شيوخهم مع سلطات المخابرات المصرية، قبل فض اعتصامهم علي الحدود مع إسرائيل، والذي استمر عدة أيام، احتجاجاً علي مقتل اثنين من أبنائهم (الأربعاء 25 أبريل) بواسطة قوات مباحث الأمن المصرية، ثم القبض علي عشرات آخرين في أعقاب واقعة القتل، وحبسهم دون توجيه اتهامات محددة لهم. ولم يفض المعتصمون علي الحدود اعتصامهم، الذي جذب اهتماماً عالمياً واسعاً، إلا بعد أن وعدهم مسئولو المخابرات بتلبية ثلاثة مطالب عاجلة وهي الإفراج عن المعتقلين، وإجراء تحقيق مع ضباط المباحث الذين قتلوا اثنين من أبناء قبيلة السواركة، واحترام ثقافة البدو، ورد الاعتبار لشيوخ قبائلهم.
وكان من أهم ما أسفر عنه مؤتمر القبائل هو إرسال وفد إلي القاهرة لشرح قضيتهم لمنظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان والإعلام. وقد اختاروا مركز ابن خلدون، كمحطة أولي لهذه المهمة، حيث تزامن ذلك مع اللقاء الأسبوعي المفتوح لرواق ابن خلدون، يوم الثلاثاء 8 مارس، وتحدث فيه أربعة من ممثلي قبائل وسط وشمال سيناء، وهم:
- الشيخ محمد المنيعي - المهندس صلاح البُلك - الشيخ يحي أبو نصيرة - الكاتب الروائي مسعد أبو فجر.
وفيما يلي فحوي ما سمعناه منهم من استغاثات:
1 إن مناطقهم (وسط وشمال سيناء) مهملة تماماً، حيث لم ينلها أي من حظوظ جنوب سيناء، التي تركزت فيها كل التنمية العمرانية والسياحية، وحيث يقيم الرئيس وكبار المسئولين ويتواجد السُياح الأجانب، معظم شهور السنة.
2 أن المرافق الوحيدة التي بالغت الدولة المصرية في تشييدها في وسط وشمال سيناء هي أقسام الشرطة ونقاط الأمن، حيث يوجد منها أربعة عشر، وخمسين ألف عنصر أمني، بواقع رجل أمن لكل سبعة من أهل سيناء. وهو أعلي معدل أمني من نوعه في العالم.
3 أن الفقر والبطالة، وخاصة بين الشباب من بدو سيناء جعل نسبة كبيرة منهم تلجأ إلي التهريب لكسب قوتهم، خاصة أن فرص العمل في منتجعات جنوب سيناء قد حُرّمت عليهم لاعتبارات أمنية أو ثقافية.
4 رغم الكثافة الأمنية، فإن أنشطة التهريب قد تضاعفت مع تضاعف نسبة البطالة. والأدهي من ذلك أن عناصر أمنية بدأت تدخل شريكة في هذه الأنشطة التهريبية. بل وأصبحوا يتنافسون فيها مع الشباب السيناوي، وهو ما أدي إلي مزيد من الاحتكاكات والصدامات. ومن هنا إصرار بدو سيناء علي إجراء تحقيق محايد في مقتل الشابين، حيث أن هناك شبهات تحوم حول بعض عناصر الأمن الضالعة في هذه الأنشطة التهريبية التنافسية.
|