عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 09-01-2004
Kyrillos Kyrillos غير متصل
Gold User
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2003
الإقامة: Usa
المشاركات: 606
Kyrillos is on a distinguished road
ولم يقدر لي أن أكمل كتابي ( وإن كنت قد أصدرت حتى الآن سبعة كتب ) , وتطور فكري إلى منحى آخر, وأتخذ سبيله للانخراط والانغماس في قضايا حقوق الانسان والمساواة بين البشر, وتولى الزمن رسم مشاهد جديدة في حياتي, وتبلورت في أعماقي صورة صحيحة وسليمة وعادلة لأخي المواطن القبطي, تطورت مع الوقت لتصبح هما دينيا وأخلاقيا ومواطنيا, ولم أعد أفرق مطلقا, في يقظتي ومنامي, وبأدنى الصور والأفكار بين المسلم والمسيحي.

في نفسي نفور شديد من كل الذين استخرجوا عنوة من بين دفتي الكتب المقدسة مشاعر الكراهية ضد الآخرين, وتعلمت من الاسلام قيمة التسامح فهو دين قائم على مبدأ ثابت في حرية العقيدة ( من شاء فليؤمن, ومن شاء فليكفر).

إن التاريخ المشرف للكنيسة القبطية ليس فقط ملكا لشركائنا في الوطن, لكنه ملك لنا جميعا, ينبغي أن يفتخر به المسلمون قبل المسيحيين, وأن يحافظوا عليه, ويتدارسوه في كل مراحل التعليم, ويتعلم أبناؤنا أن شهداء الوطن من الأقباط لا تقل مكانتهم في الدنيا والآخرة عن شهدائه من المسلمين.

وبناء الكنائس حق للقبطي لا يجب أن ينازعه عليه أحد, وينبغي أن تكون سهولة الحصول على ترخيص بناء كنيسة بنفس القدر في الحصول على بناء مسجد أو زاوية في أي مكان في مصر كلها.

إن وجود عشرين كنيسة بجانب مسجد واحد لن يمثل خطرا على الاسلام أو المسلمين أو الوجه الغالب للأغلبية المسلمة, بل إنها حماية لشبابنا الأقباط, وسهولة الدخول إلى مكان روحي يمارسون فيه حرية العبادة.
الحمقى فقط هم الذين يعتقدون أن عقائد الآخرين تمثل عبئا عليهم أو خطرا على الاسلام أو تراجعا لعدد معتنقيه, فمن بين كل عشرة لا دينيين أو وثنيين في أفريقيا, يعتنق الاسلامَ منهم سبعةُ أفارقة ويلجأ ثلاثة إلى المسيحية.
وفي فرنسا هناك أكثر من خمسمئة مفكر ومثقف يعتنقون الاسلام في كل عام بعد دراسة وبحث وجهد في المقارنات .

الاسلام في خطر مادامت قيادته يتولاها المهووسون بالجنس والحقد والكراهية ومعارك دون كيشوت , وأنا لا أظن أن مسلما يحمل ضغينة أو بغضا لجاره القبطي بسبب اختلاف العقيدة سيشم ريح الجنة ولو على مبعدة ألف عام.
في كل عام يهل علينا شهر رمضان المبارك, ويرفض كثيرون من شركاء الوطن تناول الطعام أمام المسلمين, ومنهم من يصوم تطوعا ومجاملة لنا, ومنهم من ينصت باحترام وتقدير لتلاوة مجودة من آيات الذكر الحكيم بصوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد أو الحصري أو محمود علي البنا أو عبد العظيم زاهر.

وعرفت قبطيا يبدأ يومه بالاستماع لصوت الشيخ محمد رفعت فيمنحه احساسا بالراحة والسلام.

في فترة ما قبل هوس التطرف كنا ونحن وصغار يصعب على أحدنا التعرف على المسلم من القبطي إلا إذا كان الاسم مميزا, ونحتفل بأعياد مشتركة, ويتزاور الكثيرون في أعياد الآخرين, ويطلب أقباط من أولادهم ارتداء ملابس جديدة في عيدي الفطر والأضحى, ويتدفق على الكنائس مسلمون كثيرون ومتسامحون للتهنئة بأعياد القيامة والميلاد والفصح.

ويبقى الوطن كما قال قداسة البابا شنودة يعيش فينا ولا نعيش فيه.

إن غياب التاريخ والثقافة والتراث القبطي عن مناهج الدراسة خسارة فادحة للمسلمين أيضا, فهو تاريخنا وفخرنا ومجدنا, وحتى هزائم الاقباط أمام قوى البغي الاستعمارية هي هزائم لمسلمي مصر بنفس القدر.

إنني هنا لا أرفع الاقباط وأحط من قدر المسلمين, حاشا لله أن أكون من الظالمين, لكنني أتحدث عن حقوق مشروعة, ولا أنفي أو أنكر وجود جماعات قبطية أو أفراد أشد تطرفا من أعضاء الجماعات الاسلامية المتشددة, ومن يستمع إلى منتديات دينية على الانترنيت تسب وتلعن بأقذع الشتائم في الاسلام والمسلمين ومقدسات هذا الدين ونبيه الكريم, صلوات الله وسلامه عليه, ينتابه غضب قد ينعكس عن غير قصد على شركاء الوطن كلهم.

وهناك بعض المنظمات والجمعيات المجهرية الصفراء من أقباط المهجر تصدر نشرات مغرضة كأنها تستنجد بالغرب وأمريكا للانفصال أو التدخل أو الحماية.

لكنها والحمد لله لقلة عددها تذوب في مليون قبطي في المهجر يعيشون في مصر ولو كانوا بعيدين عنها, ويحملون همومها و ويفرحون لانتصاراتها, ويتألمون لهزائمها.

إنني أرى الجانب السلبي في تردد أقباط مصر للانخراط في العمل السياسي والحزبي والمعارضة, فتنوع التوجهات مطلوب لاثراء الفكر, واشتراك كل المواطنين واجب قومي ووطني بغض النظر عن العقيدة أو الطائفة.

وأحيي كوكبة من المبدعين الأقباط الذي اقتحموا الفن السابع ووضعوا بصماتهم على أفلام مصرية نعتز بها جميعا ( ومنهم داود عبد السيد وخيري بشارة ويسري نصر الله ويوسف شاهين).

إننا نؤكد مرة أخرى حاجتنا إلى بركان من المحبة والتسامح يكتسح وينظف ما علق على النفوس من أوحال التعصب والطائفية والتمييز والغاء الآخر, فأقباطننا أحبابنا, وأنا أتحدى أي مصري يدعي ملكيته لصك غفران أو مفتاح لبيته في الجنة أو تأكيد أنه سيرى اشراق نور وجه ربه لأنه صاحب عقيدة معينة أو محددة له مسبقا حسب المولد.

إن العزيز الرحيم ليس منحازا لأحد, وسنأتيه يوم القيامة ومع كل منا حسنات وسيئات وقلب قد يكون سليما أو مريضا بالكراهية.

إن الله , العلي القدير, لن ينظر يوم الحشر لخانة الديانة في البطاقة الشخصية, وسيدخل ملكوته من أتاه بقلب سليم.
أيها المصريون, إن حقوق أقباطنا واجباتنا, ودم شهدائهم في الكشح تم سفحه على جبين وطننا, وسيزول الحكام والخطائون والعصاة والمتطرفون , وتبقى مصر شاهدة على شراكة لا ينفصم عراها.

إن قوة ومنعة وحصانة مصر تبدأ من التسامح, وبغير هذه القيمة العظيمة الرائعة يتفكك الوطن, وينهار, أو يضعف ويتراجع تمهيدا لاهالة التراب عليه في زاوية النسيان.

أليس فينا مبصر واحد يستشرف الخطر قبل وقوعه, أم على قلوب أقفالها؟

محمد عبد المجيد
رئيس تحرير طائر الشمال
أوسلو النرويج

http://www.TAERALSHMAL84.com

Email. Taeralshmal@hotmail.com
__________________
Outstanding casual Dating
الرد مع إقتباس