اتحاد المنظمات القبطيه
بقلم : بولس رمزى
كثيراً ومراراً طالبنا على صفحات المواقع القبطية الاليكترونية بضرورة التنسيق والترابط والتكامل فيما بين المنظمات القبطية ولم نجد آذان صاغية لمطلبنا هذا على الرغم من أنه مطلباً ضرورياً لهذه المرحلة والمراحل المُقبلة، فقد كانت روح المنافسة على الريادة هي الروح السائدة فيما بين المنظمات القبطية الأمر الذي أدى إلى وجود العديد من السلبيات في مجال العمل القبطي ومن بين هذه السلبيات على سبيل المثال وليس الحصر:
السلبية الأولى: تشرذم المنظمات القبطية وعدم تناغمها وانقطاع التواصل فيما بينها إضافة إلى التنافس فيما بينهما على الريادة الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى التناحر.
السلبية الثانية: عدم توحيد العمل القبطي يؤدي إلى تفتت وانعدام القوة الضاربة المؤثرة على صانع القرار المصري والرأي العام الدولي.
السلبية الثالثة: عدم توحيد العمل القبطي يؤدي إلى انعدام التأثير في الشارع السياسي القبطي داخل مصر ويؤثر على مصداقية هذه المنظمات الأمر الذي أدى إلى افتقاد هذه المنظمات المقدرة على التوسع الأفقي في الشارع القبطي المصري وعدم مقدرتها على ضم أعضاء فاعلين مؤثرين داخل مصر والافتقار إلى زعامات لهذه المنظمات تعمل في الداخل المصري.
السلبية الرابعة: تعدد هذه المنظمات بشكل يدعو البعض أن يُطلق على هذه المنظمات مسمى "دكاكين" الأمر الذي معه أدى إلى عدم اكتراث الحكومات المصرية بمطالب هذه المنظمات وعدم الالتفات إليها
السلبية الخامسة: عدم توحيد المجهود القبطي من شأنه إعطاء الفرصة إلى اختراق هذه المنظمات من أجل الاستقطاب وخلق مجال للفتنة والتناحر فيما بين المنظمات القبطية لترك الأهداف التي من أجلها أنشئت هذه المنظمات والاهتمام بسجال هدّام غير مفيد فيما بين المنظمات القبطية الأمر الذي من شأنه أن يُزيد من الفُرقة والتطاحن وعدم التناغم والتفاعل فيما بين المنظمات القبطية.
ولابد لنا هنا أن نشيد بمنظمة مسيحي الشرق الأوسط حينما أقدمت على خطوة بخطوة إيجابية ظناً منها أن الدولة جادة في حل مشكلات الأقباط وتسمح للمنظمات القبطية العمل في مصر، وأن الدولة مستعدة لقبول الصوت القبطي في المُطالبة بحق المواطنة الذي تكفله المادة الأولى من الدستور المصري في أخر تعديلاته وبناءاً عليه قامت المنظمة بإنشاء فرع لها في القاهرة يعمل تحت مرئي وبصر كافة الأجهزة المصرية وقد قبل الدكتور عادل فوزي في أن يكون ممثلاً لهذه المنظمة في مصر وكانت رؤية السيد الأستاذ نادر فوزي رئيس المنظمة أن العمل السياسي للأقباط في مصر لا يتعارض مع نظام الحكم في مصر بل يوجد العديد من نقاط التلاقي مع توجهات الدولة من بين هذه النقاط:
أولاً: القضاء على سلبية الأقباط في الشارع السياسي المصري ونحن نرى أن مسئولية سلبية الأقباط وامتناعهم عن العمل السياسي في مصر تقع بكاملها على عاتق الدولة للأسباب التالية:
أ- إعطاء الدولة الضوء الأخضر للإسلام السياسي في مصر وتنامي التيارات الأصولية التي ترى أن "الإسلام دين ودولة" والشعار الانتخابي الشهير "الإسلام هو الحل" بالإضافة إلى شعار "القرآن دستورنا" وهنا نرى أن دخول الأقباط المعترك سياسي يستخدم الدين كنهج سياسي والاختلاف مع هذا النهج يعرّضهم إلى العديد من المخاطر منها الدولة نفسها حيث أنها تعتبر أن انتقاد الإسلام كمشروع سياسي يدخل في نطاق ازدراء الإسلام بالإضافة إلى مخاطر الإرهاب الأصولي في مصر الأمر الذي معه أدى إلى ابتعاد الأقباط عن العمل الاجتماعي والسياسي في مصر.
ب – خلو البناء الهرمي للحزب الوطني الذي يترأسه رئيس الجمهورية من الأقباط لم يشجع الأقباط على الانخراط في العمل السياسي في مصر حيث أن هذا الأمر يعطي انطباعاً للأقباط بأن توجه الدولة هو استبعاد الأقباط من المشاركة في العمل السياسي.
ج- خلو قوائم مرشحي الحزب الوطني في انتخابات المجالس البرلمانية والمحلية عزز من عزلة الأقباط في مصر.
ثانياً- عندما قامت الدولة بطرح التعديلات الدستورية الجديدة ومن بينها تعديل كل من المادة الأولى والخامسة اللتان من شأنهما تعزيز حق المواطنة وكذلك فصل الدين عن الدولة وجدنا مدى الإقبال القبطي على صناديق الاستفتاء بالموافقة على هذه التعديلات وبالرغم من الشحن الجماهيري الذي قامت به جماعة الإخوان المسلمين الذي أدى إلى امتناع الأصوليين والمندفعين بعواطف دينيه في أوساط البسطاء من المسلمين الذين تدفعهم العاطفة الدينية وقد رصدت المنظمات المُشرفة على هذا الاستفتاء بأن نسبة أصوات الأقباط فيه لا تقل عن سبعين في المئة من الحضور في هذا الاستفتاء.
ثالثاً– إقرار التعديلات الدستورية بالإضافة إلى عودة الأقباط كقوة مؤثرة في نتيجة هذا الاستفتاء كانوا عاملاً مشجعاً لضرورة بأن تعمل المنظمات القبطية داخل مصر إعلاناً من الأقباط عن الخروج من عزلتهم والاندماج في الشارع السياسي المصري ومن هنا كان موقف منظمة مسيحيي الشرق الأوسط بالإعلان عن إنشاء فرع لها للعمل في مصر.
هذا الأمر الذي من شأنه أعطى باقي المنظمات القبطية في دراسة هذه التجربة عن كثب لكن كانت الطامة الكبرى تتمثل في رفض الحكومة المصرية الأيادي القبطية الممدودة لها بالتعاون في رفع الغبن عن شريحة لا يُستهان بها من شرائح الشعب المصري متمثله في أقباط مصر وقد أعلنت الحكومة المصرية عن رفضها تفعيل التعديلات الدستورية وعدم الاعتراف بحق الأقباط في المواطنة بشكلاً عملياً بقيامها بإلقاء القبض على الدكتور عادل فوزي ممثل المنظمة في مصر والمهندس بيتر عزت،
حيث أن المصريين بطبيعتهم الأزمات توحدهم فقد كانت عملية القبض على الدكتور عادل فوزي والمهندس بيتر عزت دافعاً قوياً في توحيد صفوف المنظمات القبطية وتوحدها نحو هدف قبطي واحد في مواجهة الظلم البيّن الذي يتعرض له أقباط مصر وإصدار البيانات التي من شأنها توحيد العمل القبطي في المطالبة بتفعيل المادة الأولى من الدستور المصري وحصول الأقباط على حقوقهم في المواطنة الكاملة والغير منقوصة وتعزيز المادة الخامسة من الدستور التي تنص على ضرورة فصل الدين عن الدولة وعدم التمييز بين أفراد المجتمع المصري على أساس ديني أو عرقي أو الجنس وهنا نرى أنه في هذا الاتحاد القبطي الكثير من الايجابيات الرائعة ونسرد بعضاً من هذه الايجابيات على سبيل المثال وليس الحصر فيما يلي:
أولاً– تنسيق الأدوار بين المنظمات القبطية والتكامل في العمل السياسي والحقوقي في إطار الشرعية الدستورية والقانونية والدولية.
ثانياً- أن إتحاد هذه المنظمات من شأنه تقويتها وإتاحة الفرصة لها في التوسع الأفقي في اكتساب أعضاء جدد سواء كان هذا بالنسبة للأقباط داخل أو خارج مصر على السواء حيث لا يمكن أن يكون هناك عملاً سياسياً بدون بغير قاعدة جماهيرية.
ثالثاً– التشجيع على بروز قيادات سياسية قبطية داخل مصر تكون قادرة على التعاطي مع الشأن القبطي والتعامل مع أجهزة الدولة في إخراج الملف القبطي من الأجهزة الأمنية أولاً والتفاوض مع صناع القرار في مصر في تفعيل التعديلات الدستورية الجدية والمعاونة في سن القوانين الفرعية التي تحكمها وتنظمها.
رابعاً– توحد المنظمات القبطية من شأنه إزاحة أي خلافات فيما بينها وإغلاق الطريق أمام أي إنسان تسوّل له نفسه في بث الفتنة بين المنظمات القبطية من أجل شرزمة العمل القبطي وتفتيته.
أخيراً
أتمنى على السادة رؤساء المنظمات القبطية أن يكون هدفهم هو حقوق الأقباط قبل أي زعامات لا محل لها من الإعراب وأن يستمر التواصل فيما بينهم، وأن يرسوا القواعد والأسس وتوزيع الأدوار المتكاملة فيما بين المنظمات القبطية وأن تكون هذه القواعد والأسس بمثابة ميثاق شرف تلتزم به جميع المنظمات القبطية على السواء، وأن تكون هناك اجتماعات دورية بين رؤساء هذه المنظمات والتزام كل منظمه بخطتين عمل واحدة على المدى الطويل والأخرى على المدى القصير كخطوات تنفيذية للخطة الأولى.
http://elmassry.com/articals.php?id=990