نص رسالة احمد نجاد الى بوش
(السعودية) 11:12 صباحاً (جرينتش)
السيد جورج دبليو بوش.. رئيس جمهورية الولايات المتحدة الأمريكية أحييك بتحية الإسلام لكي تعرف أننا أمة تدعو للسلام ولا تريد الحرب وأن ديننا يأمرنا ألا نحارب أهل الكتاب إلا إذا اعتدي علينا أحد منهم. وأنا لا أكتب إليك لأطلب منك شيئاً أو لأستجدي منك ألا تهاجمنا فأنت تعلم أن لحمنا مر وأن العدوان علينا سيكلفك ويكلف ربيبتك إسرائيل ما لا قبل لكما به، أنت تعرف ذلك جيداً ولابد أنك تحسب له ألف حساب، ولو كنت تعلم غير ذلك ما ترددت منذ وقت طويل في أن تقدم علي العدوان، فهذا أقرب إلي طبيعتك واعتدادك المفرط بقوتك، وهو في الوقت نفسه الذي يستجيب لرغبات إسرائيل التي لا تريد في المنطقة قوة تناوئها، وما جعلك تتردد في الإقدام علي هذا العدوان إلا ما نصحك به مساعدوك الذين يعرفون بعض حقائق قوتنا وبعض الآثار المحتملة للعدوان علينا، ولولا ذلك لكنت جررت بلدك وجررت البشرية كلها وراءك ـ كما فعلت مراراً من قبل ـ إلي حافة هاوية بغير قرار، والحمد لله أنه يوجد إلي جوارك أمثال «بيرنز» وأنهم ليسوا جميعاً من شاكلة «بولتون»، وإن كان الفارق بينهما في الجوهر ليس ببعيد. أنا لا أكتب لك يا سيدي لأطلب أو لأستجدي شيئاً وأنا لا أكتب لك أيضاً مهدداً ولا متوعداً فهذا ليس من طبع أمة الإسلام.. إذن لماذا أكتب لك؟ أكتب لك لأشرح لك الحقائق التي تتعلق بموقفنا منكم ومن المنطقة ومن إسرائيل، وأرجو أن تصدق ما سأقوله لك فهو ليس تفكيري وحدي وإنما هو تفكير العديد من مراكز الأبحاث والدراسات عندنا، فنحن دولة فيها مؤسسات، ونحن دولة تؤمن بالعلم والخبرة، ونحن دولة لها قبل ذلك كله وبعد ذلك كله قضية تسعي إلي تحقيقها. أول ما أريدك أن تعرفه ـ وهذا ما لا نخفيه ـ أننا نريد أن نبني دولة قوية لأننا نعرف جيداً أن العالم لن يرحم الضعفاء فضلاً عن أن يحترمهم، ونحن نريد أن نكون أمة محترمة في إقليمنا وفي العالم، ونحن نعلم جيداً أن ذلك لن يكون إلا بأن تكون لنا قوة ذاتية مرهوبة الجانب، وأصارحك القول يا سيادة الرئيس إننا حققنا شيئاً من ذلك، وأننا في سبيل المزيد بأمر الله. ولست أكتمك أننا نسعي بكل سبيل لامتلاك تكنولوجيا الأبحاث النووية، وأننا نسعي بكل سبيل لتخصيب اليورانيوم، ونحن نعرف ـ وأنت يا سيدي تعرف ـ أن القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية لا تحرمنا شيئاً من ذلك، طالما أننا لا نسعي الآن ولا غداً لامتلاك السلاح النووي الذي تمتلكون منه ترسانة هائلة ضخمة والذي تمتلكه أيضاً إسرائيل. نحن يا سيدي لا نريد أن نصنع قنابل نووية ولكننا بوضوح نريد أن نمتلك التكنولوجيا النووية، إن البحث العلمي ليس حلالاً لكم ولحلفائكم، وحراماً علينا. إن البحث العلمي فيما نري يجب أن يكون متاحاً لمن يسعي إليه ويقدر مسؤولياته الأخلاقية، ونحن أمة يا سيدي تعرف مسؤوليتها الأخلاقية التي يفرضها عليها دينها وحضارتها، ولكن أظن يا سيدي أنكم عندما ضربتم اليابان بقنابلكم النووية لم تكونوا تقدرون المسؤولية الأخلاقية للعلم، ولم تكونوا تحرصون علي الحضارة فهي جديدة عليكم وغير أصيلة في وجدانكم. وبوضوح شديد فإننا لن نتراجع عن حقنا في مواصلة البحث العلمي ومواصلة التقدم في كل مجالاته، فنحن نعرف جيداً أن العالم الآن فيه نوعان من الأمم، أمم عالمة وأمم جاهلة، وأن العلم هو القوة الحقيقية، ونحن نسعي كما قلت لك من قبل أن نكون أمة لها وزنها في عالمها وفي إقليمها، ولن نتراجع عن ذلك مهما بلغت تهديداتك، وأطمئنك إن كنت تريد أن تطمئن.. ليست صناعة القنبلة النووية هي شاغلنا، وإنما شاغلنا ألا نمكن أحداً من العدوان علينا. ونحن نعيش في منطقة دانت «أغلب» أنظمتها لكم وأصبحت تعيش أسيرة إحساناتكم لأنها لا تجد عند شعوبها سنداً يسندها لأنها لم تعتمد يوماً علي هذه الشعوب ولم تحترم إرادتها ولم تشركها معها، نحن نعرف الكثرة من هذه الأنظمة ونعرف أنها تدين لكم بالطاعة والولاء. ولكن هل تعرفون يا سيدي شعور شعوب المنطقة كلها نحوكم؟ أظن أن عندكم من أجهزة الرصد ما يجعلكم تعرفون جيداً أن الناس في منطقتنا مثلهم مثل الناس في غالبية مناطق العالم تكره سياستكم في الاستعلاء والغطرسة وادعاء امتلاك الحقيقة وحدكم ـ يقيناً أجهزة الرصد عندكم تقول لكم ذلك ـ الغرور والغطرسة تعميكم عن الحقائق. ومع ذلك أريد أن أقول لك إننا لا نكره الشعب الأمريكي علي الإطلاق، إننا نكره نظامكم وسياستكم وتصرفاتكم وانحيازكم الكامل إلي باطل إسرائيل، وإننا في المقابل نحب الشعب الأمريكي الطيب الودود الذي تزداد كراهيته لكم ولنظام حكمكم وإدارتكم يوماً بعد يوم كما تقول لكم أجهزة الرصد في بلادكم، وهي قادرة علي رصد دبة النملة كما يقولون. وأريد أن أشرح لك ما أزعجك من كلامي عن إسرائيل، إسرائيل هي دولة مصطنعة، دولة أقمتموها لكي تكون رأس حربة لكم وجمعت فيها شذاذ الآفاق الذين يؤمنون مثل إيمانك بالأساطير الصهيونية، وأنصحك يا سيادة الرئيس أن تقرأ كتاب الرئيس الأمريكي الأسبق الرجل المتدين الطيب جيمي كارتر عن قيم أمريكا المعرضة للخطر بفضل سياستكم وبفضل إدارتكم، اقرأ هذا الكتاب الذي كتبه أمريكي متدين تديناً حقيقياً، والذي له خبرة أوسع وأعمق من خبرتك، وحاول أن تتخلي عن غرورك وادعائك فإنك إذن ستدرك لماذا ستزول إسرائيل يوماً من الأيام. الرئيس كارتر لم يقل ذلك ولكن أنا الذي أقوله، إسرائيل أمامها أحد خيارين في المدي البعيد، إما أن تعيش في هذه المنطقة جزءاً منها وعندئذ لابد وأن تذوب في المحيط البشري الواسع، وإما أن تظل علي حالتها ترسانة للسلاح وللعدوان والاستعلاء والتوسع، والنتيجة المحتومة لذلك هي الانفجار من الداخل شأن كل القوي الفاشية في العالم، هكذا يحدثنا التاريخ عندما قلت إن هذا الكيان الصهيوني إلي زوال لم أكن أقصد أن ذلك سيأتي نتيجة عدوان قريب. إن الأمر قد يستغرق قروناً، ولكن هذه هي النهاية المحتومة يا سيادة الرئيس. أعد تفكيرك وانظر حولك وحاول أن تتخلي عن غطرستك وعن اعتقادك أنك ومجموعتك وحدكم تملكون الحقيقة كلها وعندئذ قد تفيقون علي صواب. والله يهدينا ويهديكم ويهدي الجميع وهو علي كل شيء قدير. تخيلت أن هذه هي الرسالة التي أرسلها أحمدي نجاد إلي بوش، وهو طبعاً نوع من الخيال الجامح والحمد لله علي كل حال.