وإذا كان الجواب بنعم، فلماذا يحتضن الغرب الكافر الملايين من المسلمين من أصول آسيوية و افريقية يعاملون على قدم المساواة مع كافة المواطنين ويعولون أهلهم و ذويهم ممن بقى بديار الإسلام؟؟، لماذا تمنح لأبناء الجاليات المسلمة فرصا لإثبات الذات وتشرع لهم الأبواب على مصراعيها للخلق و الإبداع والتفوق؟؟ ، فرصا ما كانوا ليحلموا بها في أوطانهم الأصلية التي لم يجنوا من وراء حكامها سوى المذلة والقهر و الجوع والخرافة و الجهل وكل آفة تضمن للحاكم الاستمرار بالتسلط على رقاب شعبه .
بأوروبا و أمريكا هناك من هم من أصول و خلفيات إسلامية ممن تقلد مناصب هامة داخل أجهزة ومؤسسات الدولة، ولعل آخر نموذج ماثل هو وزيرة العدل الفرنسية الحالية "رشيدة داتي" المغربية الأصل، لماذا يسمح للمسلمين ببناء مساجدهم في كل حي وممارسة طقوسهم والاحتفال بأعيادهم بكل حرية؟؟، بل هناك من يدخل في دينهم من الغربيين دون متابعة أو مضايقة، هل يسمح بهذا في السعودية مثلا ؟؟ هل حرية الاعتقاد وممارسة الطقوس جهرا مسموح بها للمواطن أو المقيم بمملكة طويل العمر ؟؟
أما السؤال الثاني و الذي يطرح نفسه بنفسه كذلك فهو كالتالي :
هل يستحق المسلمون مؤتمرا كهذا ؟؟
هل المسلمون في مستوى هذا التكريم وهذه الالتفاتة الإنسانية ؟؟
لا أظن... لا أظن يستحقها من يرى في أحلامه ضرورة إعادة الأندلس إلى حظيرة الأمة الإسلامية بالجهاد وسفك الدماء و قطع الرقاب، لا أظن يستحقها من ينصت بخشوع لخطابات بن لادن و الظواهري ومن يفغر فاه لدعوات حمقى القاعدة و السلفية الجهادية وهم يؤكدون و يذكرون الأمة بضرورة فتح أسبانيا من جديد و تطويع شعبها لكي يدخل في الإسلام أو يدفع الجزية صاغرا ذليلا ....
لا أظن يستحقها من يؤمن بفتح روما ..وحواضر الغرب و استباحة نسائه و أطفاله ومقدراته ...وهذا لا يخفى على أحد فهناك أحاديث صحيحة و آيات صريحة و اجتهادات و فتاوى فصيحة تذكر المسلمين بوعود الله وبجنانه الدنيوية الفسيحة التي ستفتح لعباده الصالحين ....
على العالم أن يعلم أن علماء المسلمين ومنظري الأمة لم يغيروا من استراتيجيتهم و الرامية إلى إخضاع كل العالم لسلطانهم ولو بعد حين، لكن ما تغير هو بعض من التكتيك، فهناك من يعطي اليوم مفهوما خاصا عن الجهاد يتماشى مع الظرف الصعب الذي تمر به الأمة، وهنا ينقسم علماء الإسلام إلى قسمين، قسم يرى ضرورة تجنيد الأمة و تحفيزها حالا للزحف على كل الشعوب بصرف النظر عن المخاطر والكوارث وهذا الخط تتبناه القاعدة ومن سار على دربها، و قسم آخر يرى ضرورة الاكتفاء بالدعوة المسالمة إلى أن يتمكن المسلمين من الاستقواء، و حينها لكل حادث حديث، على المجتمع الدولي أن يعي جيدا هذه الأمور و أن يتعامل معها كواقع ....
المسلمون ليسوا بحاجة إلى مؤتمرات من هذا النوع بقدر ما هم بحاجة إلى تأهيل و إعادة تكوين لأنسنتهم و مساعدتهم وتخليصهم من الأوساخ التي ترسبت في عقولهم طيلة خمسة عشر قرنا...
وللتذكير فقد سبق لشيخ السلفية الجهادية بالمغرب "محمد الفزازي" المعتقل حاليا والمحكوم عليه بثلاثين سنة سجن نافذة على خلفية أحداث الدار البيضاء الإرهابية أن نعت أسبانيا فبل اعتقاله بالصليبية و الكافرة و التي يجب إعلان الجهاد في حقها،إذن هذا هو جزاء أسبانيا وجزاء كل من سولت له نفسه تنظيم و احتضان مؤتمر يتطرق للتعصب و التمييز ضد المسلمين ....
المسلمون ليسوا بحاجة إلى مؤتمر قرطبة، بل بحاجة إلى وصفة طبية وجلسات تأهيل من نوع خاص لكي يتخلصوا من مرضهم اللعين ...
|