من سيقود القطاع المصري المسيحي في الثورة القادمة؟!
من سيقود القطاع المصري المسيحي في الثورة القادمة؟!
كتب أحمد حسنين الحسنية
الخميس, 18 أكتوبر 2007
التغيير قادم لا محالة، بوادره قد ظهرت للعيان منذ مدة، و كل يوم تزداد وضوحاً، و لكن ما ينتظر اللحظة الحاسمة التي يتقوض فيها بناء الفساد، هو ظهور تلك القيادة الجماعية التي تستطيع أن تجمع الأشتات، و تنظم الصفوف، في كتلة واحدة متراصة تكون قادرة على أن تتصادم مع قوى الإستبداد، و أن تزيحها عن مكانها.
و لكي يكون الصف كاملاً، و تلك الكتلة قوية، فإنها يجب أن تشتمل على كافة مكونات المجتمع المصري، بكافة طبقاته، و أديانه و معتقداته و مذاهبه، و بكافة تنواعته الثقافية و العرقية.
الشعب المصري اليوم يحتاج قيادة جماعية، فالوعي الحالي لا يسمح بوجود قيادة واحدة وحيدة، كاريزمية، تأخذ بيدها وحدها أزمة الأمور، و هذا عرض صحي، لأنه دليل نضوج.
إذا فمن هو الذي سيمثل القطاع - و لا أحب أن أٌقول الأقلية - المصري المسيحي؟؟؟
لكي نجيب على هذا التساؤل فإننا يجب أن نعرف أولا مطالب و طبيعة القطاع المسيحي المصري.
القطاع المسيحي المصري، لا يختلف عن القطاع المصري المسلم، سوى في مسمى المعتقد و ما يشتمل عليه من عقائد، أما سوى ذلك فلا إختلاف، فالقطاع المصري المسيحي لا يرغب إلا في أن يمارس حقه في الوجود، و بحرية و أمان، ثم بعد ذلك لا يريد إلا ما يريد بقية المصريين من حرية و عدالة و رفاهية، هذا عن المطالب، أما عن طبيعته، فإنه قطاع متمسك بدينه، مثلما يتمسك المصريين المسلمين بدينهم، و يمارس ذلك في إعتدال، و يبغض النقاشات اللاهوتية، و يكره الجدل العقيم، و ينبذ العنف، و لا يقبل على النظريات السياسية، تماما كما هو في القطاع المصري المسلم، إنها الطبيعة المصرية التقليدية العملية.
إذاً خير من يمثل ذلك القطاع، هو من يكون نابع من ذلك القطاع.
إذاً لا مكان في القيادة لأولئك المسيحيين المتطرفين في علمانيتهم، و الذين يهاجمون الكنيسة المصرية في أسسها و ثوابتها، و كأنهم يرغبون في أن يحيلونها إلى كنيسة بروتستانتية متأمركة.
و لا مكان أيضاً في القيادة لأولئك المسيحيين المصريين الذين يعتنقون نظريات سياسية، و ينتمون إلى تيارات سياسية بأكثر مما ينتمون للتيار المسيحي التقليدي.
كذلك لن يجلس على مقعد القيادة مسيحيين متطرفين إنعزاليين، لا هم لهم سوى بث الخوف من الأخر.
التاريخ يعطينا درس مجاني، ففي بدايات القرن العشرين ظهر على الساحة تيار مسيحي إنعزالي، يلعب على وتر الكراهية و الخوف، و الإحتماء بالأجنبي، و تمثل ذلك في تجمع أطلق عليه الحزب القبطي، و لكن هل نجح في أن يفعل أي شيء على الساحة المصرية؟؟
النتيجة معروفة، فمن المعروف أن من نجح في إحداث تغيرات إيجابية، هم المنتمين للتيار المعتدل، من الجانبين، المسلم و المسيحي، و المتمثل في القيادة الجماعية التي قادت ثورة 1919.
من سيقود القطاع المصري المسيحي، هم أولئك المتمسكين بمسيحيتهم، المعتدلين في طبيعتهم، الذين يحترمون كنيستهم و ثوابتها، و الذين يتفهمون أن أغلبية المصريين معتدلين، و إن بالإمكان التعايش في ود و سلام، و أن التطرف الأهوج لا يعبر عنه إلا قلة، مهما علا صوتها.
إنهم سيكونون على شاكلة مكرم عبيد، السكرتير العام السابق لحزب الوفد الأصلي و الحقيقي، ثم مؤسس حزب الكتلة الوفدية، و الذي عاد للمعتقد القبطي الأرثوذكسي، مذهب جده لوالده، بعد أن تحول والده إلى البروتستانتية، و كان يستشهد بالقرآن الكريم في مرافعاته كمحام، و في عمله السياسي، دون أن يخرج من دينه، إنه القبطي المعتدل، الذي يعرف أن التعايش الودي ممكن.
الساحة المصرية المسيحية اليوم تمتلىء بأولئك العلمانيين المتطرفين، و أولئك من معتنقي النظريات السياسية المختلفة، و لكن كلهم لا مكان لهم في مقعد القيادة و سوف يظلوا على الهامش.
إن أفضل من يمكنه أن يتولى زمام القيادة هم أشخاص على شاكلة المعتدل الأستاذ كميل حليم، شرط ألا ينزلق لأي تراهات متطرفة، مع مزج بين مطالب القطاع المسيحي المصري، بمطالب الشعب المصري ككل.
أما مجموعة سويسرا، فإنها تحمل العديد من المواصفات المطلوبة للقيادة، فهي متدينة، و هي لا ترتبط بنظريات سياسية يسارية أو يمينية، و لكن يعيبها عيب خطير، يجعلها بمعزل عن الأغلبية، إن تلافته دانت لها القيادة في القطاع القبطي، و هو هجومها المستمر على ثوابت الإسلام، و عدم تفريقها بين المسلمين، و ضعهم كلهم في سلة التطرف و التقية، فعندهم إما أن تكون علماني متطرف أو ملحد، و إلا فأنت متطرف، و ما إعتدالك إلا تقية، حتى إنني أظن إن لو سعد زغلول حي اليوم، و دعاهم للثورة على الفساد و الإستبداد الحاليين، لأُتهم بالتقية.
إنني أتمنى أن يقوموا بإستطلاع للرأي، بعيد عن المندسين من الأجهزة الأمنية، من مباحث أمن الأسرة، و شرطة الإنترنت، لبيان هل حقاً قراء موقعهم، الأقباط متحدون، يرغبون في التشرنق، أم لا؟
هل الأقباط في مصر، بصفة عامة و بحق، يريدون أن يعيشوا في خوف و إنعزال عن إخوانهم، أو على الأقل جيرانهم في الوطن، من المسلمين؟
إنني متأكد، إن مجموعة سويسرا لو تلافت هذا العيب الخطير، و إبتعدت عن نهج الحزب القبطي، و سارت على نهج أباء ثورة 1919، و ما تلاها، فإنهم سينالون مكانهم الصحيح، و هو قيادة القطاع القبطي في مسيرة التغيير التي بدأت بوادرها تلوح، و سوف يوجهون لطمة قوية، للأجهزة الأمنية التي إستراحت و نامت على وسادة إنهم، أي مجموعة سويسرا، ليسوا إلا أقلية هامشية منعزلة متطرفة، يسهل التلويح بها في الفتن، أو في إشعال الأحقاد.
الشعب المصري بدأ في الغليان، و لكن يحتاج قيادة صلبة جريئة جماعية، تمثل كافة تياراته، لا تقبل بالحلول الوسط، و القطاع المسيحي، لا يوجد فيه اليوم من يستطيع أن يمثله في تلك القيادة بحق، و يسهُل على المسلمين المعتدلين أن يتعاونوا معها دون حرج.
إن المؤتمر الحالي مناسب لمراجعة النفس، و فرصة لعودة الإبن الضال.
أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين الحسنية، نقلاً عن الحوار المتمدن
بوخارست – رومانيا
نقلاً عن الحوار المتمدن
آخر تعديل بواسطة Servant5 ، 10-02-2008 الساعة 06:28 PM
السبب: تصحيح
|