
22-12-2007
|
Registered User
|
|
تاريخ التّسجيل: Jan 2006
الإقامة: EGYPT
المشاركات: 7,419
|
|
مهزلة العدالة في مصر
اسم الكاتب : صبحى فؤاد
22/12/2007
كيف يعقل إجبار الضحايا على التصالح مع القتلة والمجرمين؟؟
في مدينة إسنا بصعيد مصر دخلت سيدة مسلمة منقبة أحد محال التجار المسيحين وقامت بسرقة "موبايل فون" ثم خرجت مسرعة إلى شوارع المدينة، وعندما انتبهة التاجر لما حدث أسرع هو وابنه وراء هذه السيدة المنقبة لكي يسترد منها ما سرقته.
ولكنها بدلاً من رد التليفون المسروق إلى صاحب المحل راحت تصرخ بأعلى صوتها تطلب من الناس في الشارع حمايتها والتصدي للتاجر المسيحي الكافر وابنه. وهكذا تحول الأمر في دقائق معدودة من قضية سرقة عادية قامت بها سيدة منقبة إلى موضوع آخر يمس كرامة المسلمين في هذه المدينة وشرفهم وعرضهم، وبدلاً من مساندة التاجر راح ألوف المسلمين الذين تجمعوا بسرعو عجيبة من كل مكان يتصدون له ولابنه ولم يكتفوا بتخريب متجره وسرقة محتوياته، وإنما راحوا أيضاً يعتدون على بقية محال الأقباط بالمدينة وبيوتهم، وحتى الكنائس لم تسلم من اعتداءتهم وهجماتهم البربرية الهمجية.
وقد بلغت حصيلة الاعتداءات التي قام بها الهمج واللصوص والمخربين والمتطرفين ضد أبناء المدينة الأقباط تدمير وسرقة 13 محل وثلاثة بيوت وكنيستين واحدة منهما أثرية.
وعقب حدوث هذه العملية الإجرامية ضد الأقباط في صعيد مصر ورغم خطورة ما حدث على الوحدة الوطنية، لم يصدر بيان من رئاسة الجمهورية أو وزارة الداخلية لاستنكار ما حدث للأقباط وإنما خرجت الصحف المصرية في اليوم التالي لكي تروي لنا قصصاً وتفسيرات غبية ملفقة كاذبة كما جرت العادة، مدعين أن التاجر القبطي تقمص شخصية رجل بوليس، كما أنه نزع نقاب المرأة المسلمة، وبدلاً من التنديد بمسلك المرأة السارقة المخزي التي كانت تتستر وراء زيها الإسلامي، انقلبت الآية وأصبح الضحية هو المجرم والمذنب والمخطئ!!
والمدهش في الأمر أنه بدلاً من تقديم السارقة المنقبة والمجرمين الذين اعتدوا على أملاك الأقباط وكنائسهم إلى المحاكمة، دعا المسئولين في مصر أم الدنيا إلى عقد مجالس صلح (أشبه بمجالس المصاطب) بين المسلمين والمسيحين من أهل المدينة لإنهاء الأزمة بطريقة ودية بعيداً عن القانون والقضاء. وللعلم هذا الأمر تكرر كثيراً من قبل في كل المعارك والهجمات البربرية التي قام بها الهمج والمتطرفين واللصوص ضد الأقباط في عدد من مدن وقرى مصر خلال السنوات الماضية، ولم ينتج عنه سوى تشجيع المتطرفين وزيادة الاعتداءات على الأقباط وأملاكهم ودور عبادتهم.
وفي هذه المجالس التي لا يوجد مثيلاً لها في أي دولة أخرى يحضر عدد من رجال الدين الإسلامي وعدد آخر من رجال الدين المسيحي وعضو أو إثنين من أعضاء مجلس الشعب وضابط أو أكثر ممثلاً للأمن والدولة، وأيضاً المعتدى عليهم من الأقباط والمعتدين من الطرف المسلم.
وتنتهي الجلسة بإجبار الجميع على توقيع محاضر تنازلات وتقبيل ومعانقة بعضهم البعض والهتاف للوحدة الوطنية والهلال والصليب والقيادة الحكيمة للرئيس مبارك في مصر!!
بالزمة دة كلام ياناس؟؟ بأي منطق أو عقل يمكن إجبار الضحية على التنازل عن حقوقها القانونية وإجبارها على التصالح مع القتلة والمجرمين والمعتدين؟؟ كيف يمكن مساواة القاتل بالقتيل والسارق بالمسروق والظالم بالبريء؟؟ وإذا كانت الدولة المباركة بجلالة قدرها ترى في مجالس الصلح العرفية البديل عن المحاكم والقضاء والوسيلة المناسبة لحل المشاكل والنزاعات الطائفية في مصر بين المسلمين والمسيحيين فلماذا لم تتوقف أو على الأقل تقل حدتها، بل على العكس رأيناها تزداد أكثر وأكثر في السنوات الأخيرة؟؟
لا شك أن ما يحدث ضد الأقباط في بعض المدن والقرى المصرية هو قمة الظلم وعدوان صارخ على حقوق الإنسان والمواطنة، مأساة كبرى ومهزلة تمس العدالة والعدل وإن دل ما حدث ويحدث فإنما يدل على أن النظام المصري المريض المهزوز الذي انتهت فترة صلاحيته منذ سنوات يريد استمرار الصراع بين عنصري الأمة من مسلمين ومسيحيين لكي يبقى الأقوى ولكي يظل قادراً على الحكم لعدة سنوات أخرى.
إن صمت الرئيس مبارك ووزير داخليته العادلي تجاه ما يحدث ضد الأقباط في مصر يطرح كثيراً من التساؤلات وعلامات الاستفهام، فهل صمتهما هو تأييد وتشجيع لما يحدث؟؟ وإذا كانت الإجابة بالنفي لماذا لم نسمع استنكار الرئيس أو الوزير العادلي لما يحدث ضد الأقباط من قبل المتاجرين بالدين الإسلامي واللصوص والحرامية؟؟
وأخيراً أقول لأقباط مصر إن إيمانكم بالله وثقتكم العمياء على أنه إله حي قوي قادر على التصدي للظلم والظالمين لا يعفيكم أبداً من مسئولية الدفاع عن أنفسكم وحماية بيوتكم وعروضكم وكنائسكم من اعتداءات الهمج واللصوص والخارجين عن القانون.
صبحي فؤاد
أستراليا
السبت 22 ديسمبر 2007
sobh@iprimus.com.au
|