عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 02-01-2008
الصورة الرمزية لـ abomeret
abomeret abomeret غير متصل
Moderator
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2004
المشاركات: 2,345
abomeret is on a distinguished road
الملف القبطي بين صحافة الريموت كونترول.. والمعارضة «٢ ـ ٢»

بقلم وليم ويصا ٢/١/٢٠٠٨
تناولت في الحلقة السابقة الأسباب التي تدعو أقباط الخارج إلي عقد مؤتمرات في المهجر، وأتوقف في الثانية والأخيرة عند موقف الدولة من أقباط الخارج فيتسم بازدواجية غير مقبولة وأخلص في النهاية إلي اقتراح بفض الاشتباك بين الدولة وأقباط الخارج.

ويمكن تلخيص سلوك الدولة تجاه أقباط الخارج في محورين:

أولا: التخوين واتهام النشطاء منهم بأنهم عملاء للمخابرات الأمريكية والموساد. وتوظف السلطة في ذلك أجهزة الإعلام المصرية بشكل خطير يؤدي إلي تشويه صورتهم وتأليب الرأي العام في مصر ضدهم وبطريقة تنعكس آثارها السلبية علي الملف القبطي بشكل عام.

ثانيا: أنه علي الرغم من التجاهل الظاهري لأقباط الخارج، قامت الدولة بعدة محاولات غير جادة للحوار معهم استهدفت في المقام الأول الاحتواء. وأذكر هنا علي وجه التحديد قيام ثلاثة من أقباط الداخل في يونيو عام ١٩٩٨ بالاتصال بالأقباط في أمريكا وببعض أعضاء الكونجرس لتهدئتهم، استجابة لمطلب من الدكتور أسامة الباز والدكتور يوسف بطرس غالي، علي أمل قيام الدولة باتخاذ خطوات جادة في معرض تسوية المشاكل التي تواجه الأقباط.

ولكن هؤلاء الثلاثة أصيبوا بخيبة أمل شديدة بسبب عدم قيام الدولة بتنفيذ الوعود التي قدمت لهم قبل سفرهم. وتمت محاولات أخري في السنوات التي تلت، قامت بها شخصية تتولي الآن رئاسة أحد الأحزاب اليسارية وآخرون. ولكن هذه المحاولات كانت تستهدف الاحتواء وليس الاستماع لهم والتفاعل الصادق معهم. وقد أوردت تفاصيل هذه المحاولات في كتابي «الكشح.. الحقيقة الغائبة».

ويعود سلوك الدولة هذا في تقديري إلي غياب رؤية إستراتيجية ومنهج جاد لكيفية التعامل مع الملف القبطي بشكل خاص ومع أقباط الخارج بشكل عام، حيث يتسم سلوكها عادة برد الفعل عندما تحدث التهابات عنيفة في هذا الملف مثل تحركها في موضوع جريدة النبأ وأحداث أخري، ويتمثل هذا السلوك في مكالمة تليفونية من رئيس الدولة لإخماد النار الملتهبة في حدث ما، دون أن يكون هناك توجه سياسي ومنهجي جاد للتعامل بشكل صحي مع الملف القبطي.

ويعود موقف الدولة أيضا إلي خوفها من الشارع الإسلامي إذا ما تعاملت بجدية مع هذه المشاكل بشكل علني.

ويحضرني في هذا المقام رد الدكتور أسامة الباز والذي كان مكلفا في وقت ما بمتابعة هذا الملف، عندما التقينا به في مكتب السفير المصري في باريس منذ عدة سنوات بعد مذبحة الكشح. كنا خمسة من المصريين الأقباط دعاهم السفير علي ماهر لمقابلته.

وعندما سألناه عن سبب تقاعس الدولة عن اتخاذ قرارات جذرية لمعالجة جوانب الملف القبطي بدلا من جرعات الأسبرين غير المجدية، قال مع دهشتنا جميعا وبالحرف الواحد " إننا لا نريد أن نتخذ قرارات واضحة وجذرية بشكل علني وسريع حتي لا نغضب المسلمين المعتدلين في الشارع المصري".

ولعل هذه الإجابة من مسؤول علي أعلي مستوي تكشف وبشكل عميق عن أسباب العجز الذي تعاني منه الدولة في مواجهة هذا الملف تحديدا، ويكفي أن نعرف أن تدخل الرئيس مبارك عندما تحدث التهابات عنيفة في هذا الملف يتم دون الإعلان عنها في أجهزة الإعلام ولكن تبلغ بها الكنيسة فقط أو الشخصيات التي توسطها للتدخل لدي الرئاسة أو المؤسسات الأخري لإطفاء حريق مشتعل.

ومع ذلك يعتقد البعض أن الدولة تمر بمرحلة تغير بطيء في طريقة معالجتها لملف الأقباط، ولكنها لا تعرف مع من تتكلم. فالانطباع السائد لدي الدولة- كما يقول الدكتور رفعت السعيد - أن أقباط المهجر هم إما جموع صامتة أو أقلية زاعقة و " شتامون ".

ونحن نعتقد أن هذه الرؤية لدي الدولة لأقباط الخارج تمثل تبسيطا مخلا لأوضاعهم وسلوكياتهم وإمكانياتهم. ذلك أن الغالبية الساحقة منهم ليسوا شتامين. وهناك الكثير من العقلاء بينهم خاطبوا الدولة مرارا علي مدي سنوات طويلة بأسلوب هادئ.

ويري الكثير من أقباط الخارج أنه لم يعد يجدي مع النظام، بسبب عجزه عن اتخاذ قرارات جذرية في هذا الملف المشتعل، سوي أسلوب عدلي أبادير الذي أصبح يشكل صداعا دائما للدولة التي تهتم في الخفاء بإرسال من يحضر مؤتمراته، كما حدث في مؤتمر زيوريخ الأخير عندما أرسل الحزب الوطني الدكتور جهاد عودة.

وأعتقد أنه يجب في هذا الإطار فض الاشتباك بين الدولة ونشطاء الأقباط في الخارج مثلما تم فض الاشتباك بين الدولة والجماعات الإسلامية، مع الفارق في التشبيه بين الجماعات الإسلامية وأقباط الخارج، لأن الأخيرين لم يرفعوا السلاح ضد الدولة.

يجب علي الدولة، إذن، أن تتصرف كأم حنون ترعي كل أبنائها وتقبل الدخول في حوار معهم وأن تمد يدها للعقلاء منهم في الخارج وهم الأغلبية الساحقة، وأن تستمع إليهم وأن تستفيد من خبراتهم الحياتية حتي يكونوا ذخرا لها وليس عبئا عليها.

إن أي محاولة للحوار مع الدولة يجب أن تكون في إطار مشاركة جماعية من أقباط الخارج وقبل ذلك أقباط الداخل من المخلصين، وأن لا يتم ذلك مع الأجهزة الأمنية، ولكن مع الوزارات المعنية بالملف القبطي والفعاليات السياسية والبرلمانية والحزبية والإعلامية.

وإذا ما رفضت العنجهية السياسية ذلك الآن، سيأتي اليوم الذي يضطر فيه النظام القادم أو النظام الذي يليه إلي الدخول في حوار مع قطاع من أبناء الوطن في الخارج والداخل.

http://www.almasry-alyoum.com/articl...rticleID=88524
الرد مع إقتباس