قضية ساخنة
أدب نجيب ساويرس
انعقد لساني،* واصابتني صدمة كبيرة،* وتأكدت تماما* في هذه اللحظة أن الرجل أصابه الغرور*.
لقد قالها بكل جرأة،* وبقي فقط أن يبصق علي المشاهدين جميعا،* لم يعتذر،* ولم يراجع نفسه،* بل إن المذيعة القديرة تركته يمضي دون حتي أن تصاب هي الأخري بالدهشة أو تنهي البرنامج،* أو في كل الأحوال تقول له*: 'عيب*.. أنت تخاطب عشرات الملايين من المشاهدين من شاشة التليفزيون المصري وعليك أن تلتزم أدب الحوار*'.
وبغض النظر عما طرحه نجيب ساويرس من مغالطات في الحديث فإني أتوقف هنا أمام شتائمه التي وجهها ضدي،* فقد اسماني بصحفي الفتنة لمجرد أنني طلبت منه أن يتوقف عن اثارة الفتنة بحديثه المتكرر عن الحجاب وعن أن شوارع مصر بدت وكأنها شوارع إيران،* وعن أن المادة الثانية من الدستور* 'مادة الشريعة الإسلامية*' ستدخل البلاد في حالة من التيه*!!
كان حديثي إليه نابعا من الحرص علي وحدة الوطن ودعوته إلي التوقف عن اشعال النيران لحسابات يعرفها هو قبل* غيره،* وهي بالقطع حسابات سياسية أكثر من كونها طائفية*.
غير أن ساويرس راح يقدم نفسه علي أنه ضحية للمتطرفين وعناصر الفتنة،* وتناسي أنه هو الذي يصب الزيت علي النار بهذه المقولات التي سرعان ما يستغلها البعض علي الجانبين ويكون الوطن هو الضحية*.
وإذا كان المهندس نجيب ساويرس يري* - كما قال في أحاديث صحفية منشورة* - أن أفضل طريقة للقضاء علي المد الديني لدي المسلمين والمسيحيين هو في تقديم أفلام لا تخضع للرقابة في قناته* (O. T. V)* فهو قول مغلوط يعبر عن عدم وضوح الرؤية وافتقاد المنهج الصحيح وضحالة الفكرة*.
كان يمكن للمهندس نجيب ساويرس أن يواجه الحجة بالحجة وأن يبحث عن منطق يرد به علي التساؤلات المطروحة* غير أنه راح يؤجر الصحف اللقيطة ويدفع الأموال لممارسة دور الرأسمالية المتوحشة بقيم* غريبة ورؤي متخلفة،* ظنا* منه أن المال قادر علي شراء كل شيء وقهر كل من يتصدون لما يطرحه من مواقف وما يقوم به من ممارسات*..
لقد شن ساويرس في حديثه هجوما علي الصحافة والصحفيين واتهم بعض الصحف الخاصة بالتحريض والمزاجية،* بل قال إن إحدي الصحف الخاصة التي يساهم فيها تقوم هي الأخري* 'بشلفطة الدنيا*' حسب تعبيره،* وكان يقصد بالقطع صحيفة* 'المصري اليوم*' التي أراد توظيفها لحساب معاركه الخاصة وإلا*!!
وكانت الطامة الكبري عندما راح ساويرس يقول*: 'إنني بعت البلد مرتين*' وأنا شخصيا لا أعرف لماذا مرتان وليس ثلاثا* أو أربعا* أو عشرا*..؟*! ثم الأهم من ذلك* :ماذا بعت يا سيد ساويرس؟*.. هل بعت شركة المصرية للأسمنت إلي شركة لاڤارج الفرنسية ب*٣٧ مليار جنيه مثلا* ؟ أم هل حصلت علي مليارات القروض من البنوك المصرية وذهبت للاستثمار في شركات أجنبية وإحداها تقوم بالاستثمار في* 'إسرائيل*' مثلا؟ أم أن هيئة المعونة الأمريكية تفضلني علي الآخرين من رجال الأعمال؟*.. هل مثلا* حصلت علي آلاف الأفدنة بثمن بخس،* أم أن ثروتي وثروة أسرتي أصبحت في عشر سنوات حوالي *٠٢١ مليار جنيه،* ورغم ذلك لم أسدد قروض البنوك المصرية؟