قنبلة..بكري والاسبوع من يتامى صدام حسين!
نشرت صحيفة الأهرام المصرية تحقيقا يوم الجمعة 30/5/2003م، حول وثيقة عثروا عليها في أحد قصور صدام تتضمن أسماء نخبة من المثقفين والسياسيين والصحفيين الأجانب والعرب تلقوا أموالا طائلة من نظام صدام حسين مقابل الترويج له ولنظامه في وسائل الإعلام المختلفة. ونحن ننشر نص التحقيق لأهميته:
قنبلة.. يتامى صدام حسين! واولهم بكري
تحقيق ـ أسامة الدليل: كان في وسعنا أن نطالع هذه القائمة السوداء بشهوة الباحثين عن فضيحة.. فعلتها بعض صحف الإثارة ونشرت تلميحات ومزايدات علي الأسماء الواردة فيها.. ولكننا اخترنا الطريق الأصعب.. حاولنا التحقيق في كل الملابسات والتفاصيل وقررنا عدم الإساءة لأحد وفتحنا كل الأبواب والنوافذ كي يكشف كل طرف الحقيقة الكاملة.
نحن نتحدث عن قائمة مشبوهة ملأت مواقع الإنترنت وتناقلتها الصحف الغربية باعتبارها ـ علي حد زعمها ـ صادرة أو مسربة من المخابرات المركزية الأمريكية.. قالوا إنهم عثروا عليها في أحد قصور عدي صدام حسين وأنها تتضمن أسماء نخبة من المثقفين والسياسيين والصحفيين الأجانب والعرب تلقوا أموالا طائلة من نظام صدام حسين مقابل الترويج له ولنظامه في وسائل الإعلام المختلفة.
ولأن الأمر لا ينطوي علي دليل مادي يثبت صحة القائمة.. ولأن الأسماء الشهيرة سرت بين الناس كالنار في الهشيم.. كان لابد أن نحقق في القضية وأن نسجل اعترافات البعض وبراءة البعض الآخر.. مع التأكيد علي كل الشرفاء في الوطن العربي بالإسهام في كشف الحقيقة.. والاحتفاظ لكل من ورد اسمه في هذه القائمة بحق فضح مزاعمها, وصفحات الأهرام العربي مشرعة للجميع.
يبدو أن صدام حسين الذي تمكن ببراعة من إخفاء معارضيه البالغ تعدادهم60 بالمئة من شعبه عن أعين الرأي العام العالمي نسي أن يخفي الوثائق والمكاتبات الخاصة بتمويل ودعم مؤيديه ومناصريه في عدد كبير من بلدان العالم.. ومن بينها بعض الدول العربية, وهكذا مكن حاكم العراق المخابرات الأمريكية من أن تصنع قائمة بأسماء( صبيانه) الذين تحولوا بعد تبخره في الهواء في8 أبريل الماضي إلى يتامى, هذا إذا كانت هذه القائمة قد تم العثور عليها في بغداد بالفعل وليست في إبداع الخيال الأمريكي لتصفية المدافعين في العراق.
القائمة المثيرة للجدل والتي شاع خبرها بعد أن نشرت لها ترجمة أخيرا على شبكة الإنترنت سبقتها زفة إعلامية لم يكن ينقصها سوى الطبول!!
ففي5 مايو الماضي صدرت صحيفة (ويكلي ستاندارد) الأمريكية وفي طياتها تقرير كتبه ستيفان هايز بعنوان: فلوس صدام وهو التقرير الذي فجر فضيحة جورج جالاوي النائب البرلماني البريطاني الذي قيل أنه كان يتقاضى أموالا طائلة من صدام نظير الترويج لرفع العقوبات المفروضة على النظام العراقي كما شمل التقرير أيضا اتهامات لبعض النواب في الكونجرس الأمريكي بالاسترزاق من نظام صدام حسين ومع ذلك كان أخطر ما في التقرير ما نقله المحرر على لسان جان مايرز وجيرالدين بروكز المحررين في صحيفة وول ستريت جورنال واللذين أكدا أن صدام حسين يمتلك آلة إعلامية جبارة يمولها بوسائل متعددة للتأثير على الرأي العام في العالم العربي وإن إستراتيجيته في تفعيل هذه الآلة تتنوع ما بين تمويل الإصدارات المؤيدة له وإغراق كبار الكتاب والمثقفين العرب بالهدايا والأموال.
كما نقل التقرير عن طارق المضرم وسلامة نعمات قولهما إن صدام ظل يغدق على الصحفيين العرب في عمان وبيروت والقاهرة حتى قبيل سقوط بغداد بأيام وقال نعمات الصحفي الأردني إن أبرز الرشاوى التي كان يعرضها صدام علي كبار الكتاب في الأردن ولبنان كانت تتمثل في السيارات الفارهة (مرسيدس غالبا وتويوتا للأقل شأنا) والشقق والفيلات السكنية والساعات الذهبية عدا الأموال السائلة وعقود طباعة الكتب للمؤسسات الصحفية التي تتسم بقدر من الولاء للفكر البعثي وأكد نعمات أن ما قام به صدام في الأردن ولبنان كان يحدث مثله لكن بطرق ووسائل مغايرة مع بعض الصحفيين والسياسيين في مصر واليمن وموريتانيا.
لكن المثير ما نقله المحرر عن تقرير منسوب للمخابرات المركزية الأمريكية بشأن الآلة الدعائية العراقية والذي ذكر بالنص أن صدام حسين شخصيا كان معنيا بالإشراف علي عملية الإنفاق على الكتاب والصحفيين والسياسيين العرب وأنه قبل فترة وجيزة من خلعه كان قد انتبه لأهمية ضم كتيبة من الفنانين العرب إلى جيوشه الدعائية وأنه خلال العامين الماضيين كان طارق عزيز مسئول ( شخصيا) أمام صدام عن تحسين أداء آلة الدعاية البعثية في العالم العربي وأن عدي نجل صدام حسين كان يشرف بنفسه على تجنيد الأقلام اللبنانية وأنه المسئول عن زرع رحيم زياد في قناة الجزيرة القطرية!!
لكن الأمر الغامض كان يكمن في آخر سطرين من تقرير الويكلي ستاندارد الأمريكية إذ انتهى التقرير إلى أن جورج جالاوي النائب البريطاني الذي عمل لسنوات لحساب صدام وكشفته الوثائق التي تم العثور عليها في مقر المخابرات العراقية لم يكن الوحيد في هذا العالم الذي يحشو جيوبه بأموال صدام حسين فهناك من الصحفيين والدبلوماسيين ورجال الأعمال العرب والغربيين من سار على هذا الدرب لسنوات وأن قصصهم سوف تروي!!
فلوس صدام
هذه الشفرة وجدت مفتاح الحل في تقرير صدر في اليوم التالي أي6 مايو ونشرته شبكة جلوبال فيجن الإخبارية المستقلة GVNN ويقول التقرير بالنص إن صدام حسين الذي اشتهر بالإغداق على كل من يمتدحونه علي صفحات الصحف العربية والفضائيات بالهدايا والأموال يتسبب حاليا في حالة من الترقب الممزوج بالرعب يعيشها عدد من الكتاب والصحفيين والسياسيين المصريين والأردنيين الذين دأبوا على مناصرة الرئيس المخلوع بعد أن انكشفت صلاتهم بأجهزة المخابرات العراقية أمام رجال المخابرات الأمريكية!!
ومضي التقرير للقول إنه في حالة مصر فإن مجرد نشر المخابرات الأمريكية لما في حوزتها من وثائق المخابرات العراقية قد يفضي بعدد من الصحفيين والسياسيين المصريين للإعدام (في إشارة للعقوبة المنصوص عليها في القانون المصري على جريمة التخابر)!!
وأضاف التقرير أن المكتب الإعلامي للرئيس العراقي المخلوع كان يحتفظ بأرشيف هائل من قصاصات الصحف التي تدعم تصوراته وأفكاره وتنشرها في الأوساط غير العراقية وأن كتاب هذه المقالات كانوا يكافأون برواتب شهرية ودعم مالي للصحف التي تصدر بهذه المقالات في صورة شراء نسخ محدودة بمبالغ فلكية لكن الأخطر في هذا التقرير قوله: إن عددا من المسئولين عن التعامل مع هؤلاء الكتاب والصحفيين وتوصيل الأموال إليهم هم حاليا أسري في أيدي القوات الأمريكية وأنه يتم استجوابهم بشأن التفاصيل الدقيقة!!
ويبدو أن المخابرات الأمريكية قد أحرزت تقدما في هذا التحقيق لأن جانبا كبيرا من أسماء المتورطين قد تسرب وتمت ترجمته والقائمة منشورة على موقع (مهاجر دوت كوم) في صفحة خاصة رقمها (a.13htm) وتحوي أسماء صحفيين وسياسيين ورجال أعمال وفنانين من دول مختلفة!!