عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 29-02-2008
الصورة الرمزية لـ abomeret
abomeret abomeret غير متصل
Moderator
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2004
المشاركات: 2,345
abomeret is on a distinguished road
«التوريث» علي الطريقة الشرعية

«التوريث» علي الطريقة الشرعية

كتب سحر الجعارة ٢٩/٢/٢٠٠٨
«التوريث» هو الأصل لكن في النظم الملكية، أما «الخلافة» -كما نعرفها في التاريخ الإسلامي- فمختلفة تماما. لأنها ببساطة لا تتخذ من علاقة «الدم» وريداً مستمراً، لانتقال السلطة في عائلة بعينها، بل تعتمد علي توصية، أو (تزكية)، الحاكم لأصلح من يخلفه في حكم البلاد.

ولايزال قطاع كبير من المسلمين (الشيعة تحديداً) يبكي دماً، ويضرب نفسه بالسلاسل الحديدية، ندما علي «صراع السلطة» الذي بلغ حدته الدرامية باستشهاد «الحسين» رضي الله عنه.

لقد بدأت الخلافة الإسلامية بـ «البيعة» وانتهت بـ«الفرقة» والتشيع إلي فرق متنافرة، فرق تتكتم الكراهية وتعلن الاختلاف حتي في ممارسة العبادات!!.

لكن الشيخ «محمود لطفي عامر»، رئيس جمعية أنصار السنة بدمنهور، أسقط التاريخ الإسلامي من ذاكرته، وقرر أن يتحفنا بفتوي غريبة ومريبة.

وكان الشيخ «عامر» شمر عن ساعديه، ثم توضأ، وأطلق لقب «أمير المؤمنين» علي الرئيس «حسني مبارك»، لكنه لم يجد الصدي الذي توقعه، لم تلتفت أجهزة الإعلام ووكالات الأنباء لأهمية الفتوي، ودلالة اللقب!.

ربما انشغل الجميع في فتاوي التبرك ببول الرسول، وإرضاع الكبير، فتاه صوت السلفيين في الزحام!.

رئيس جمعية السلفيين عاد وكرر اختراق بؤرة الاهتمام، بفتوي «حريفة»، خاصة بعدما استوعب الدرس، وأدرك أن الفتاوي المتعلقة بشؤون الحكم هي أول ما يشد الأنظار تجاه اسمه.

خرج علينا الشيخ «عامر» فتوي تجيز توريث الحكم من الرئيس «حسني مبارك» إلي نجله «جمال»!!. وكأن ملف «التوريث» لم يكن ينقصه إلا بركة السلفيين ليتجاوز القوي السياسية المعارضة، أو أن «جمال مبارك» نفسه لم يكن ليتولي الحكم دون الحصول علي البيعة من السلفيين.

وحتي تكتمل أركان الفتوي، فقد بررها :(الفتوي جاءت لدرء فتنة الصراع علي السلطة، فإن تولاها جمال مبارك فإننا معاشر السلفيين سنسمع ونطيع في المعروف لجمال مبارك)!!.

لا تتعجب من إقحام الدين في السياسة، ولا تتعجل في الحكم علي الشيخ «عامر». الرجل يسير علي درب الدكتور «سيد طنطاوي»، شيخ الأزهر، حين دعا المواطنين المصريين للخروج إلي الاستفتاء، وأفتي بأن مقاطعة الاستفتاء حرام لقوله تعالي : (ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه).

لقد أصبح التلاعب بالدين، وتطويعه لخدمة «أولي الأمر» أمراً طبيعياً، يتطوع به بعض الفقهاء، بمبادرات فردية تعود عليهم - وحدهم- بالثروة أو بالسلطة!.

لا يجوز -في هذا السياق- أن تتحدث عن آليات انتقال السلطة، والطرق الديمقراطية لتداولها، لقد حسم «عامر» موقفه وقال: (أنا لا أناقش صلاحية جمال مبارك للحكم من عدمها، فهذه ليست قضيتي، ولكني أبحث في الموقف الشرعي من نظام الحكم)!!.

الرجل يقف علي النقيض حتي من الإسلام السياسي، فهو يكرس فكرة «التوريث»، حتي لو لم يكن الحاكم عادلا أو بارا!!. وكأنه يدعو الأمة الإسلامية للتخلي عن ميراثها النضالي، وتراثها الحضاري، والتنازل عن مكتسباتها الدينية أيضا لتخضع لأي حاكم مهما كانت صفاته!.

ولأن آراء الشيخ «عامر» تبدو «عبثية»، فلا يصح أن نناقش فكرة التوريث - معه - بعقلانية، نحن نتوقف - فقط - أمام استغلال الدين لجلب الشهرة، ولو علي حساب مؤسسة الرئاسة.

أتصور أن المؤسسة الدينية يجب أن تتصدي لتلك الأطروحات، التي تخلق أرضا خصبة للتطرف الديني، لكنني أخشي أن يواجه الدكتور «طنطاوي» هذا الموقف بطريقته المعهودة : (احتكار الحديد حرام، لكن الدولة تمنع الاحتكار)!!.

الشيخ «عامر» يحلم بأن يكون إحدي «آيات الله» كما في إيران، يسعي لخلق دولة تستمد شرعيتها من المرجعية الدينية، وهذا سيناريو أسوأ ألف مرة من سيناريو توريث الحكم!..
http://www.almasry-alyoum.com/articl...rticleID=95519
الرد مع إقتباس