عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 08-03-2004
ABOELGMOO3 ABOELGMOO3 غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2003
المشاركات: 60
ABOELGMOO3 is on a distinguished road

وعودة إلي موضوع المقال، فان القول بأننا نحن المصريين عرب واصحاب هذا التراث الفرعوني الضخم، لم يعد يصدقه أحد في ظل ما هو سائد ثقافيا الآن، فالعرب لايوجد لهم تراث معماري ضخم كهذا في موطنهم الأصلي، بل لايمكن إثبات وجودنا كعرب علي ضفاف النيل قبل مجيء بن العاص بجيشه إلي مصر. سبب آخر مستمد من الدين يجعل دفاعنا منعدما كما في موقف السادات أمام بيجين. فالاسلام يعتبره تراثا وثنيا لابد من التنكر له، ولايري فيه أي انجاز حضاري، لان القضية بالنسبة له قضية ايمان مقابل كفر ولاشيء آخر، ناهيك عن السب الدائم لفرعون وقومه الذي بدأ بمجيء ابراهيم أبوالأنبياء جميعا. طبقا للقصص الدينية، إلي مصر في زمن لم يكن هناك لاعرب ولاعبرانيون..
وبسبب العروبة والاسلام التي يحاول المصري أيا كان موقفه التشبث بها جعلته يغترب عن تراث اجداده بل ويحاول أن يتفادي الصدام الحتمي بينهما، وانظر لما هو مطروح في الأسواق في كتب هزيلة تحاول التنصل من هذا التراث الضخم ومن علي أرضية اسلامية، إحداها بعنوان 'الفراعنة لصوص حضارة' لكاتب مغمور وعلي الغلاف منظر للأهرام، وفيه يحاول الرجل (محمد سمير عطا) اثبات أن قوم عاد الذين لانعرف لهم أثرا، بل ولا أين بلادهم علي وجه التحديد هم بناه المعمار الفرعوني، ذلك لمجرد أن اء ذكرهم في القرآن مقرونا بالصخر..
هنا نجد بصمة ثقافة القوم الرحل من عرب وعبرانيين، حيث الثقافة الشفاهية للمعرفة والتي لاتعرف الاستقرار ودائمة الخلط بين كل ما تتسمعه شفهيا في ترحالها رعويا كان أم تجاريا شتاءا كان أم صيفا..

* * *

أما عن الندوة التي أقامتها ونشرتها جريدة الوفد في 3/7/97 وفي مقر الوفد حيث الروح المصرية، فقد بدت حيرة اصحاب التراث بين موقفين، فان دافعوا يصبحون في موقف لايحبذه الدين، بل ينكره ولسوف يخسرون انتماءهم إلي العرب الذين شرف الله أحدهم بلقاء الوحي، أما اذا أيدوا وأنكروا علاقتهم بذات التراث، فقد اعطوا الحق للآخرين الصهاينة أبناء عمومة العرب بالتقدم والمطالبة به كما هو حادث الآن، بل اذا مددنا الخطوط المتعرجة في بدايتها علي استقامتها فسيصبح من حق هؤلاء المدعيون بالعودة والاستيطان في ظل تراثهم المزعوم ونتحول نحن الي فلسطينيين في الشتات..
ودعنا نري وجهة نظر التاريخ وكما كتبها من لهم السيادة الثقافية الآن، ففي الخطط للمقريزي أن الخليفة المأمون عندما أتي لمصر علي رأس جيش لمحاربة أهل الدتا من المصريين، زار الأهرام وحاول معرفة ماذا في قمة الهرم. فصعد أحد اتباعه وعاد ليقول.. أن قمة الهرم مسطح ومساحته مبرك ثماني جمال...!! هكذا تقاس المساحة عند الخليفة الجالس في بغداد حيث بيت الحكمة منبع العلم العربي والحضارة الاسلامية، إذا قارناه بعلوم مدرسة الاسكندرية حيث اقليدس واضع اساس الهندسة وكما نعرفها حتي اليوم، مستعينا بالمنطق الارسطي وخبرات المصريين في البناء والمعمار، كذلك فيثاغورث وأرشميدس واضعا أسس الرياضة والطبيعيات وهما تاج المعرفة العلمية، كل هذا قبل مجيء العرب إلي مصر بحوالي الف عام. أما مستشار الخليفة وهو طبيب فقد أفتي بان سر تماسك الهرم أن الحجر الذكر بجانبه دائما حجر أنثي..!!
لم يكن للمصريين أن يتناسوا تراث مدرسة الاسكندرية ومدونات مكتبتها الا في ظل الديانة المسيحية (العبرانية في طورها الثاني) عندما دمرت المدرسة في ظل الثقافة المسيحية، وحرقت المكتبة في ظل الطور الاخير للديانة العبرانية (الاسلام) ولم يبق للمصريين سوي الشفاهية أي الارتداد عن عصر التدوين الذي سبق به المصريون العرب بحوالي 4000 عام.
وعندما تولي الخدم والطواشي الحكم حاول أحد الملوك الأيوبيين هدم الهرم الأصغر فوفر العمال وجمع الأموال وبعد أن شوهوا الهرم قالوا للسلطان: لو بذلت ألف دينار لكل عامل لرد الحجارة لما عاد إلي هندامه السابق..
ذلك هو موقف القادمين بالدين الجديد من هذا التراث. ويبقي السؤال متي سادت الثقافة العربية علي المصريين لتدخل بهم إلي عالم النسيان إزاء تراثهم، ومن خلال أهم أدواتها وهي اللغة؟..
فمعروف أن الشعر هو مقياس الفصاحة والتمكن اللغوي ذلك اذا كانت هناك حياة شعرية.. فأقدم شاعر مصري هو محمود سامي البارودي أي من 120 عاما فقط، ثم تأتي باقي القائمة العريضة في هذا القرن فقط، أما منذ مجيء العرب وحتي الثورة العرابية فهناك ندرة شديدة في هذا المجال منهم عمربن الفارض، بن سناء الملك، بن قزمان، والبهاء زهير، ولم يتعد زمان آخرهما عام سقوط بغداد، واسمائهم تدل علي جذورهم العرقية من خارج مصر، وكثير من أعمالهم ليس لها من الشيوع ولايذكر أحد شاعرا طوال ال 700 عام التالية وحتي البارودي، فأين السيادة اللغوية لعروبة المصريين التي يمكن التعويل عليها بأننا عرب طوال اثني عشر قرنا..؟ أما في الأوساط الرسمية فلم تضع اللغة نفسها في التعليم الا مع قرار وزير المعارف سعد باشا زغلول وفي الحياة العامة الا مع قرار وزير الشئون الاجتماعية عبدالحميد عبدالحق وفي المحاكم وأمور التقاضي الا مع المستشار عبدالسلام ذهني بك.
لايبقي إلا القول بان عروبة المصريين والتي تخلخل انتماءهم الوطني وتجعلهم عاجزين عن الدفاع عن مقدسات تراثهم بل وتقدم الوطن والتراث المصري فريسة سهلة لكل هوام مرتحل، ليست إلا مكتسبا لغويا حديثا تاريخيا يمكن تهذيبه واصلاحه شأنه شأن أي برنامج معرفي داخل العقل، أما اذا ثبت انه مضيع للحقوق ويعرضنا وتراثنا للضياع فلا مناص من اسقاطه والتمسك بأصل وهوية مصرية هي أعمق وأرقي..






إبتدينا نفهم يــــــــارب إفتح عقولنا وبصيرتنا أكتر
الرد مع إقتباس