عرض مشاركة مفردة
  #85  
قديم 05-04-2008
john mark john mark غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2006
الإقامة: EGYPT
المشاركات: 736
john mark is on a distinguished road
cold مشاركة: الدولة المسيحية لا محالة منها في الشرق الأوسط

من الصعب أن تعيش قبطياً في مصر

04/04/2008 - 09:16:54 CEST
بقلم مجدي جورج
توفر لي صحيفة القدس العربي نافذة هامة من خلال المقتطفات اليومية التي تقدمها من الصحافة العبرية، استطيع النظر من خلالها إلى الأوضاع في الدولة العبرية وأوضاع عرب الداخل، الذي كنت أظن أن وضعهم يشبه وضع الأقباط سواء من حيث نسبتهم العددية أو من ناحية معاناتهم التي شبعنا كلام من الإعلام -العربي عموماً والمصري خصوصاً- حول عنصرية إسرائيل تجاههم وظلمها لهم، ورغم اعترافي بمعظم هذه المظالم التي يتعرض لها الفلسطينيين في داخل إسرائيل إلا أنني وجدت من خلال متابعتي لمقتطفات الصحف العبرية أن المظالم والتهميش الذي يتعرض له الأقباط ربما وصل بل وفاق في بعض الأحيان ما يتعرض له العربي في إسرائيل حتى بات من الصعب أن تعيش قبطياً في مصر.

وتكشف مقتطفات الصحافة العبرية أن هناك الكثير من الإسرائيليين الذين يقفون جالدين لدواتهم ولمجتمعهم اليهودي ومدافعون عن عرب الداخل ومعترفين بالمظالم التي يتعرض لها الفلسطينيون ومكونين للجمعيات التي تدافع عن حقوق هؤلاء العرب، واكتشفت أيضاً أن هناك في إسرائيل صحافة حرة لا تخجل من عرض هذه المظالم، ففي جرائدهم الكبرى كـ "يديعوت احرنوت" (أخر الأخبار) وهأرتس (تعني البلاد) ومعاريف (مباشر المساء) وهذه الجرائد الكبرى توازي "الأهرام" و"الأخبار" و"الجمهورية" عندنا، وهناك نماذج لثلاث موضوعات هامة ناقشتها الصحافة العبرية الأسبوع الماضي وتهمنا كأقباط وساترك الحكم للقارئ كي يقارن بعدها بين أوضاعنا وأوضاع عرب إسرائيل، فربما وجد أن وضعنا في بعض الأحيان هو الأسوأ من أوضاع عرب إسرائيل:

أولاً: العلم والتعليم والتوظيف: حيث كتب "جدعون ليفي" في هأرتس بتاريخ 30 مارس مطالباً من وزيرة التعليم في الحكومة الإسرائيلية "يولي تامير" أن تعود إلى خلفيتها اليسارية وتعارض الحصار الذي تفرضه الحكومة الإسرائيلية على غزة رغم أنه يعترف لهذه الوزيرة بخطوتين هامتين وجريئتين وهما السماح للعرب بتدريس النكبة في المدارس العربية وقيامها بإعادة الخط الأخضر إلى الخرائط المدرسية.

والمتأمل هنا لجرأة هذه الوزيرة يجد أن إدخال كلمة النكبة في مناهج التعليم خطوة ليست بالهينة فكلمة النكبة عند العرب توازي حرب الاستقلال والانتصار عند اليهود وهي بداية تكوين دولتهم وقد قوبلت هذه الوزيرة بالاتهامات من الكثيرين ولكنها صمدت حتى استطاعت تنفيذ قرارها وقالت أن هذا القرار سيمس بأطفال 20 % من السكان، وهم عرب الداخل ويجسر الهوة في أذهان هؤلاء الأطفال بين ما يسمعونه في منازلهم عن النكبة وطرد العرب من وطنهم وبين مايتلقونه في المدرسة.. لو قارنا بين هذا وبين ما يفرض على أطفال الأقباط في المدارس الذين يفرض عليهم أن يدرسوا ويحفظوا عن ظهر قلب آيات وأحاديث دينية إسلامية تسبهم وتكفرهم... لو قارنا بين قرار الوزيرة الإسرائيلية وبين بعض مطالبنا كأقباط في مصر فنحن لم ولن نطالب بتدريس نكبة الأقباط بدخول العرب لمصر ولا الفظائع والمذابح التي عانىَ منها أجدادنا عند الغزو العربي لمصر، ومن أهمها مذبحة البشموريين وغيرها ولكن كل ماطالبنا به هو تدريس لمحة عن التاريخ والآثار والحضارة القبطية.. اليهود في إسرائيل رغم كل الكلام عن عنصريتهم لم يغتالوا اللغة العربية في إسرائيل بل هناك الكثير من المدارس تدرس بها، وهناك أقسام كثيرة في جامعات إسرائيل ومنها جامعة تل أبيب تدرس اللغة العربية، وهناك صحف وكتب وإذاعات باللغة العربية، بينما العرب عندما دخلوا قطعوا لسان الأقباط المُصرين على التحدث بالقبطية، ولازالت مناشداتنا كأقباط للدولة بفتح أقسام لتدريس اللغة القبطية في بعض جامعات مصر لا تجد أذان صاغية إلى لآن.

في نفس الصحيفة وبنفس التاريخ كتب "يوأف شيترن" عن أن هناك ثورة أكاديمية في أوساط عرب إسرائيل تواجه بجحود في سوق العمل، وقد ناقش في مقالته مدى الصعوبات التي يواجهها عرب إسرائيل في الحصول على فرصة عمل سواء في الإدارات الحكومية أو في القطاع الخاص رغم حصولهم على أعلى الدرجات الأكاديمية فهل يختلف وضعنا كأقباط عن هذا الوضع؟

الم نسمع عن استقالة د.سالم سلام من رئاسة قسم طب الأطفال بجامعة المنيا بسبب تعنت الجامعة واضطهادها الباحثة / "ميرا ماهر رءوف" الطبيبة المقيمة الأقدم بالقسم من قِبل بعض أعضاء هيئة التدريس بسبب ديانتها، وهذه لم تكن الحالة الأولى ولن تكون الحالة الأخيرة في مسلسل إقصاء الأقباط عن كافة المواقع الوظيفية رغم حيازتهم لكافة المؤهلات اللازمة لذلك؟

ثانياً: الثقافة
وهنا كتب "يعقوب احيمئير" في صحيفة معاريف بتاريخ 30 مارس معترضاً على سماح مسرح "الكامري" الحائز على جائزة إسرائيل بعرض مسرحية "عائد إلى حيفا" -المستندة لقصة "غسان كنفاني"- يعدد الكاتب في مقالته أسباب اعتراضه على هذا العرض، ولكن هذا ليس مجالنا الآن بل مجال حديثنا هو أن هناك مسرح كبير في إسرائيل سيقوم بعرض مسرحية كتبها إسرائيلي مستنداً لرواية عربية تبشر بحق العودة إلى إسرائيل مع كون هذه المسألة تعتبر خط أحمر ومسألة حياة أو موت للإسرائيليين، ومع ذلك لم تخرج مظاهرات منددة بهذا العرض أو مهاجمة لهذا المسرح كما حدث عندما قامت مجموعة من شباب إحدى كنائس الإسكندرية بعرض مسرحية تحت عنوان "كنت أعمى والآن أبصر" التي صورت العودة ولكن بطريقة أخرى وهي عودة مسيحي إلى المسيحية بعد أن تم خداعه من قِبل بعض الجماعات المتأسلمة ودخوله في الإسلام، فقامت الدنيا وهاج المتظاهرون وتجمع حوالي عشرين ألف متظاهر حول هذه الكنيسة وحرقوا ونهبوا الكثير من كنائس وبيوت المسيحيين في الإسكندرية وأصابوا إحدى الراهبات وقتلوا أحد الأقباط بدون أي ذنب أو جريرة ارتكبها الأقباط.

ثالثاً: تصاريح البناء

حيث كتبت تالي نير (محامية في جمعية حقوق المواطن في إسرائيل) في صحيفة "يديعوت احرونوت" مقالة منتقدة تعسف الإدارة الإسرائيلية في إعطاء تصاريح البناء للعرب في داخل إسرائيل ومنتقدة بعض تصرفات الإدارة الإسرائيلية التي تقوم بهدم منازل العرب التي بنيت بدون تصاريح، وعندما قرأت هذا الأمر تعجبت من شجاعة هذه المحامية وشجاعة هذه الصحيفة التي تنشر مثل هذه الموضوعات في إسرائيل، -الدولة التي تَعلمنا منذ نعومة أظافرنا أنها دولة عنصرية- ومصدر هذا العجب أن هذه الاتهامات بالعنصرية توجّه من مسئولين مصريين للدولة العبرية مع أنهم يمارسون العنصرية ليل ونهاراً وبطريقة فجة ضد الأقباط..

فحدث ولا حرج عن معاناة الأقباط في مصر في حصولهم على تصاريح البناء للكنائس والأديرة بل وهدم بعض أسوار هذه الكنائس والأديرة، كما حدث في هدم أسوار دير بطمس ودير الأنبا أنطونيوس، وهذا الأمر ليس قاصر على الكنائس والأديرة فقط بل امتد الآن إلى تصاريح بناء المنازل فهناك تضييق عليهم في كل شيء.

ولعل أهم حادثة تبين هذه المعاناة هي معاناة قرية دير درنكة التي قام الجيش المصري فيها ببناء سور عازل يفصل بين السكان والمقابر وللدخول إلى منطقة المقابر أو دفن أحد الموتى لابد من الحصول على تصريح من الجيش!!! بل وقام الجيش أيضاً بمنع السكان في هذه القرية من البناء والتوسع سواء رأسياً أو أفقياً، حيث يقوم بمصادرة جميع مواد البناء الداخلة للقرية وحجته في ذلك أن مساكن هؤلاء السكان تطل على معسكرات الجيش في حين أن هناك قرى أخرى وأقرب لمعسكرات الجيش من هذه القرية!!! ولم يتم منع البناء فيها كما حدث في قرية دير درنكة ذات الغالبية القبطية.

هذه النماذج الثلاثة السابقة والتي نشرت في كبريات الصحف في إسرائيل ودفاع بعض الإسرائيلين عن حقوق العرب هناك، وانعدام مثل هذه المناقشات الجادة لمشاكل الأقباط من صحافتنا القومية وندرة عدد المسلمين المصريين المدافعين عن حقوق الأقباط في مصر يجعلنا نشعر كأقباط بالمرارة -خصوصاً أن الظلم والتهميش الواقع علينا يأتي من مصريين مثلنا ولا يأتي من جيش احتلال- وهذا الظلم يجعلنا نردد مع الشاعر قوله:

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة *** على النفس من وقع الحسام المهنّد

Magdigorges2005@hotmail.fr
الرد مع إقتباس