عرض مشاركة مفردة
  #40  
قديم 26-05-2004
Mysterious Mysterious غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2004
المشاركات: 18
Mysterious is on a distinguished road
السلام عليكم ,
أنا أؤيد حرية الأديان أيضا , و لكنى أريد أن أؤكد أن هذا ليس من الأسلام .

نقلا عن أسلام اون لاين :http://www.islamonline.net/Daawa/Ara...uestionID=5625


أخي الفاضل هاني،
هذا السؤال من الأسئلة التي طالما راودتني وأنا أدرس وأقرأ وأتعلَّم ديننا العظيم، بل لعله من أكثر المسائل التي أثارتني وحيرتني، بل واستفزتني، ووضعت في ذهني العديد من الأسئلة منها الأسئلة التي طرحها صاحبك غير المسلم هذا.
كل هذا "الاستفزاز" الذهني جعلني أقرأ ما كُتِب حول الردة من كتابات القدماء والمحدَثين، ثم عدت بعد ذلك لأصولنا من القرآن وتفسيره والسنة وشروحها، ثم لكتب المذهب الفقهية، أبحث وأنقب وأنظر.
وقد أوصلني هذا إلى رؤيةٍ وجدتها واضحةً جليةً حول الردة، ووجدت أن النصوص قد دلت على أنها ليست نوعًا أو صنفًا واحدًا، بل هي نوعان تم التمييز بينهما وفقًا لمعيار الجماعة والاعتصام بها، وليس وفق الدخول أو الخروج من الإسلام.
وقد أوضحت هذا تفصيلاً في الدراسة المنشورة بموقعنا في صفحة "الإسلام وقضايا العصر"، وعنوانها هو:
"الردة".. الخروج "من" أم الخروج "على"؟

غير أني أضع لها ملخصًا هنا لمن يريد النتيجة، ومن يريد الاستزادة والبيان التفصيلي فعليه الرجوع إلى الدراسة المذكورة آنفًا.
ملخص دراسة "الردة".. الخروج "من" أم الخروج "على"؟:
1- حين نتحدث عن الردة، فإنه من الخطأ الجسيم أن يكون حديثنا عامًّا ومبهمًا؛ لأننا نتحدث عن أرواح تُزهَق، ودماء تراق، وقد علَّمنا ديننا أن نحتاط كل الاحتياط حين نتعامل مع هذه الأمور.

2- النقطة الفاصلة في موضوع "الردَّة" برمَّته تكمن في الحديث عن: "الخروج من الإسلام"، و"الخروج على الإسلام".

3- دلت النصوص التي سنورد بعضًا منها في النقطة الخامسة على هذا التفريق، فالقتل يكون لمن خرج على الإسلام وقصد الإساءة أو العبث بالدين، أو مسَّ أمن وسلامة الأمة ونظام الدولة، كما أنه يُعدُّ جرمًا ضد نظام الحكم في الدولة، وخروجًا على أحكام الدين الذي تعتنقه الأمة، ويُعتَبر حينذاك مرادفًا لجريمة "الخيانة العظمى" التي تحرمها كل الشرائع والدساتير والقوانين، وهذا العقاب لم يكن مقتصرًا على الدول التي يقوم الحكم فيها على أساس الدين.

4- دلت النصوص كذلك على أنه لا بد أن يختلف تقدير "الخروج من الإسلام" عن "الخروج على الإسلام"، فـ"الخروج من الإسلام" بصورةٍ فرديةٍ ليس فيها الاستهزاء بالدين، ولا تمثل تهديدًا للأمة أو لكيان الدين، ولا يقصد بها العبث بشعور أو شعائر المسلمين، وإنما منبعها الوحيد شعور "المرتد" بعدم الاقتناع بالإسلام والاقتناع بغيره، فيخرج من الإسلام في هدوء وفردية، فاعل ذلك لا يكون مصيره القتل، بل له حرية ذلك طالما بقي خروجه ليس فيه تهديدٌ لأمن الأمة.

5- من النصوص والأدلة على اعتبار هذا التفريق بين "الخروج من" و"الخروج على"، وأن أسباب قتل المرتد إنما هي لخروجه على الإسلام لا منه، ما يلي:
* ما رواه الإمامان البخاري ومسلم عن جابر قال: إن أعرابيًّا بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصاب الأعرابي وَعْكٌ بالمدينة، فأتى النبيَّ فقال: يا محمد، أَقِلْني بيعتي، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جاءه فقال: أَقِلْني بيعتي، فأبى، ثم جاءه فقال: أَقِلْني بيعتي، فأبى، فخرج الأعرابي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما المدينة كالكير، تنفي خبثها، وينصع طيبها)، وفي رواية البخاري: فبايعه على الإسلام.
فلو لم يكن هناك تفريقٌ بين "الخروج على" و"الخروج من" لما كان مصير هذا الأعرابي إلا القتل.
* يقول الإمام ابن كثير في تفسير قوله تعالى: (وقالت طائفةٌ من أهل الكتاب آمنوا بالذي أُنزِل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخِرهُ لعلهم يرجعون): "هذه مكيدة أرادوها ليَلبِسوا على الضعفاء من الناس أمر دينهم، وهو أنهم اشتَوَروا بينهم أن يُظهِروا الإيمان أول النهار، ويصلُّوا مع المسلمين صلاة الصبح، فإذا جاء آخر النهار ارتدوا إلى دينهم ليقول الجهلة من الناس: إنما ردهم إلى دينهم اطِّلاعهم على نقيصةٍ وعيبٍ في دين المسلمين، ولهذا قالوا: (لعلهم يرجعون)".
فالعبرة في مكيدتهم بالمسلمين لا في مجرد خروجهم.
* من أدلِّ الأمثلة على ما نقول "حروب الردة" التي حدثت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وفي بداية عهد خلافة أبي بكر رضي الله عنه حيث كان الارتداد جماعيًّا، حين أنكر المرتدون علانيةً خضوعهم لركن من أركان الإسلام، ولحكم من أحكام النظام الاجتماعي للأمة، وزادت ردتهم حين ظهر مُدَّعو النبوة الذين خرجوا على الأمة وعلى الدين كله، وكان خروجهم بقصد النيل منهما والكيد لهما.
* يوحي نص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل المرتد الذي رواه الإمامان البخاري ومسلم: (لا يحل دم امرئ مسلم، يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة) يوحي هذا الحديث بما نقول: (... والتارك لدينه المفارق للجماعة)، فنص "المفارق للجماعة" يوحي بالانسلاخ من الكيان وإرادة الضرر به، فكان ترك الدين وحده ليس سببًا لحِلِّ الدم، بل يجب مفارقة الجماعة أيضًا، وقد نقل الإمام ابن حجر في "فتح الباري" عن الإمام القرطبيِّ قوله: "ظاهر قوله: (المفارق للجماعة) أنه نعتٌ للتارك لدينه"، أي تارك دينه الموصوف بأنه فارق الجماعة، وليس مجرد تارك دينه فقط.
* أشار شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه "الصارم المسلول" أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قبل توبة جماعةً من المرتدين، وأمر بقتل جماعةٍ آخرين، ضموا إلى الردة أمورًا أخرى تتضمن الأذى والضرر للإسلام والمسلمين، مثل أمره بقتل "مقيس بن حبابة" يوم الفتح، لمَّا ضم إلى ردته قتل المسلم وأخذ المال، ولم يتب قبل القدرة عليه.
* لم يعتبر العديد من العلماء القدماء والمحدَثون "الردة" حدًّا من الحدود، بل هي من الجرائم "التعزيرية"، وتقدير الجرائم "التعزيرية" على الرأي الراجح عند الفقهاء يُترَك لوليِّ الأمر أي "من بيده سلطان الحكم"، ويترتب على ذلك أنَّ له أن يقدِّر أية عقوبة يراها مناسبة، وما القتل إلا عقوبة من هذه العقوبات، وليس العقوبة الوحيدة، وطالما كان الأمر متروكاً لوليِّ الأمر فليس ثمة ما يُلزِمه بتقرير عقوبةٍ على فعلٍ إذا كانت ظروف المجتمع لا تتطلب تقريرها.

6- الفصل بين "الخروج على الإسلام" و"الخروج من الإسلام" فيه جمعٌ بين الأدلَّة، وخروجٌ من مسألة اختلاف النصوص وتعارض الممارسات، ويصل -عبر النصوص والوقائع- إلى منطقةٍ تسمح بالتقاء الطرفين: القائلين بقتل المرتد، والمانعين لقتله، ومسألة الجمع بين النصوص والأدلة هي الأَوْلى دومًا كما ينصُّ الأصوليون والفقهاء.

هذا ملخص الدراسة، وطالب المزيد يرجع للدراسة نفسها.
الرد مع إقتباس