المغالطة الثالثة: الطعن في المسيحية تحت ستار البحث العلمي !
يدعي الدكتور محمد عمارة أن ما يكتبه يمثل بحثا علميا يستند فيه إلي دراسات وبحوث سابقة. وتحت هذه اللافتة يقوم بتمرير ما يشاء من أفكار تطعن في المسيحية. و إذا احتج أحد يشهر في وجهه سيف البحث العلمي المزعوم. ويظن أنه بمنأى عن المساءلة. وأكثر من ذلك أنه يتعامل بمنطق صاحب الاكتشافات الحديثة. ويقدم نفسه علي أنه مكتشف حقيقة الغرب والمسيحية من خلال التقليب في بعض الكتب المترجمة ليست ذات صيت أو حضور في المجال الأكاديمي.
فمن ناحية أولي ما يقدمه لا يدخل في صميم البحث العلمي لأنه يستند فيه إلي مراجع ودراسات لا يطالعها بلغتها الأصلية فضلا عن كونها انتقائية تدعم رأيا لديه سلفا، ويتجاهل المراجع التي تدحض أو علي الأقل تشكك في رأيه. وبالتالي ينتفي أحد أهم شروط البحث العلمي وهو الموضوعية.
ومن ناحية ثانية فإن ما يطرحه لا يدخل في صميم البحث العلمي أيضا نظرا لأنه لا يسهم في ترقية العلم الذي يدرسه. وتحولت كتاباته إلي إعادة إنتاج أفكار قديمة، يجري إعادتها من مرقدها دون أي سبب إيجابي واضح. فمثلا يتحدث عن تحريف الكتاب المقدس. وهو موضوع طرح منذ مئات السنين، وصدرت آلاف الكتب بشتى لغات العالم تدحض هذا الافتراء. ولكن د.عمارة يتجاهل كل ذلك التراث- أو ربما لم يطالعه- ليبحث عن كاتب مغمور يؤكد من خلال كتاباته رأيا عنده سلفا.
ومن ناحية ثالثة يتوحد د.عمارة مع المراجع الانتقائية المتحيزة التي يعود إليها علي نحو لا تستطيع تبيان كلامه من كلام الآخرين. صياغات متداخلة يصعب تفكيك أوصالها في محاولة للفهم. فمثلا في عدد الأخبار من الجمعة 28 مايو الماضي يقول في مقاله الأسبوعي ما نصه" ونحن نقول أن تلك هي شهادات العلماء الثقاة المنصفين من ***** الغرب الذين درسوا الإسلام والديانات الأخرى .. شهاداتهم علي الوهن والتعقيد اللذين أصابت بهما الثقافة الهيلينية الغربية النصرانية الشرقية ... تلك التي غرقت في بحار الانقسامات الحادة والالغازات والأسرار حتى استعصي فهمها علي الخاصة فضلا عن العامة. فجاء الإسلام بتوحيده الواضح والبسيط وعقلانيته ومنطقه ووحيه الذي هو كلام الله المباشر الذي لم يطرأ عليه تحريف ولا تعديل ولا تبديل.."
هل هذا كلام عمارة أم كلام من نقل عنهم؟ هل هو باحث أم داعية؟ وما شأنه بالمسيحية؟ فإذا كانت ديانة بها ألغاز وأسرار فهذه ديانتي التي أعتز بها ولا أري فيها ما يراه هو .. فما دخله بأديان الآخرين؟ أسئلة تحتاج إلي إجابة قطعا.
ما بعد المغالطات
حتى لا يصبح الموضوع مادة للإثارة الصحفية، أري أنه من الضروري إرساء بعض قواعد تحول دون تكرار مثل هذا الأمر علي أي نحو:-
· التعددية الدينية حقيقة إنسانية، ومبدأ راسخ في الإسلام، ورصيد حضاري مصري ينبغي الحفاظ عليه والكف عن العبث به.
· الابتعاد تماما عن الخوض في المسائل العقائدية في العلاقات بين المسلمين والأقباط في المنابر الإعلامية.
· التركيز علي الحوار الإسلامي المسيحي الحياتي الذي يركن إلي هموم العيش المشترك، ويسعى إلي مواجهة التحديات- الداخلية والخارجية- علي أرضية المواطنة.
· رفض أي محاولات للإساءة إلي الأديان علي الجانبين الإسلامي والمسيحي.
· إبعاد المناقشات العقائدية عن الجدل السياسي، احتراما لها من ناحية وصونا لقطاع عريض من الشعب المصري الذي قد لا يمتلك الثقافة أو الوعي الذي يمكنه من التواصل مع مثل هذه النوعية من الكتابات.
ســــــــامح فــوزي
http://www.metransparent.com/texts/samihfawzi_amara.htm
God Bless you All