الملاحظة الثالثة:
في التقرير تقول : 'إنه من أجل اعطاء البند السابق أهميته اللازمة وحتي يكون لهذا المجلس اختصاصاته الفعلية علي أرض الواقع فإن هذا ينصرف إلي اعطائه القوة اللازمة التي تمكنه من تنفيذ قراراته وتوصياته، ولتحقيق هذا الهدف فإن المجلس القومي لحقوق الانسان لا يتبع رئيس الجمهورية بحيث يكون هو وحده المخول باتخاذ أي قرارات أو سياسات تناهض أو تنص علي توصيات المجلس وقراراته، فالعلاقة بين المجلس ورئيس الجمهورية وإن اتسمت بطابع التسلسل الهرمي إلا أنها تحتاج إلي تأطير جديد لأنه من واقع التجارب العملية في مصر فإن الهيئات التي تتبع رئيس الدولة تنفذ في النهاية سياسات حكومية أحيانا تبدو متعارضة مع الأسس التي قامت عليها هذه الهيئات والمؤسسات، وأن إحدي الافكار المهمة في هذا الصدد انشاء هيئة مستقلة للحريات الدينية علي أن يكون رئيسها من داخل هذه الهيئة لكنها تتبع هرميا رئيس الجمهورية وعلي أن تكون هذه الهيئة هي الاطار الأعلي الذي يمكن أن يلجأ إليه المجلس القومي لحقوق الإنسان إذا ما تعذر عليه تنفيذ توصياته أو قراراته، أو أن يستمد المجلس بعض سياساته من هذه الهيئة المستقلة للحريات الدينية.
ويطالب التقرير بتشجيع هذه الهيئة علي ابرام اتفاقات للتعاون المشترك مع كافة مؤسسات حقوق الانسان الدولية خاصة تلك التي تهتم بأوضاع الحريات والأقليات الدينية، لأن هذه الاتفاقات الدولية هي التي ستعطي لهذه الهيئة معيارا متصلا للجودة، وأن يكون هذا المعيار غير خاضع للتقييم المحلي، كما أن هذه الهيئة لابد أن تعمل بشكل مستقل عن أجهزة الدولة، فهي لا تخضع لرقابة أو توجيه من أي اجهزة أو وزارات في داخل مصر، ولكن يحق لرئيس الدولة أن يتدخل في بعض الأحيان من أجل الحفاظ علي أوضاع استتاب الأمن.. ويقترح تقرير اللجنة تشكيل هذه الهيئة المستقلة من كافة الاقليات الدينية التي يجب أن تمثل فيها بحسب حجمها، فالاقلية القبطية هكذا يسميها عليها أن تنتخب من 3 5 ليمثلوها في هذه الهيئة، أما باقي الاقليات فمن 2 3، أما الاغلبية الدينية يقصد المسلمين فيمثلها عدد يوازي أكبر اقلية دينية ممثلة في هذه الهيئة، فإذا كان عدد الاقباط خمسة، فالمسلمون يختارون نفس العدد أي انهم لا يشكلون نصف هذه الهيئة وتقترح اللجنة الامريكية أن يكون هناك حق لرئيس الدولة في أن يعين عددا يوازي عدد أكبر اقلية دينية أي خمسة اعضاء، في حين يختار مجلس الشعب اثنين من اعضائه لتمثيله في هذه الهيئة علي أن يكون بينها واحد علي الاقل من الاقليات الدينية، وان يتم اختيار مندوبين خاصين برئيس الوزراء ستكون مهمتهما الاساسية اجراء الاتصالات اللازمة مع الجهات المعنية في الدولة من أجل تنفيذ القرارات الصادرة عن هذه الهيئة المستقلة.
وسوف تجتمع هيئة الحريات الدينية المقترحة ثلاث مرات في العام برئاسة رئيس الجمهورية، أما باقي اجتماعاتها فتجري في مواعيدها برئاسة رئيس هذه الهيئة الذي يتم انتخابه من بين اعضائها ولا يجوز عزله إلا بقرار من اعضاء الهيئة ومدة انتخابه ثلاث سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.
ويمكن لهذه الهيئة وفقا للتقرير الأمريكي أن تعتمد علي المجلس القومي لحقوق الانسان في رسم السياسات الخاصة باستراتيجيات العمل أو النهوض بها، أو تقرير أوضاع جديدة لحماية حقوق الاقليات، ولها أن تراقب الأوضاع التنظيمية والمعيشية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية لأوضاع هذه الاقليات.
الملاحظة الرابعة:
تقليص مهام سلطات وزارة الداخلية وعدم السماح لها بالتدخل في اطار الحريات الدينية.. وتقترح اللجنة هنا أن يقتصر دور 'الداخلية' فقط علي مجرد القيام بدور الضبطية، حيث اشار التقرير في هذه النقطة إلي أن رجال الشرطة المصريين أثروا سلبا بتدخلهم في اوضاع الاقليات الدينية الذين يشعرون بأنهم عرضة للاضطهاد بصفة مستمرة ودائمة من رجال البوليس المصري الذي يلاحقهم بتهمة الاضرار بالأمن العام.
ويردد التقرير العديد من الاكاذيب الأخري بالقول: 'إن الكثير من الاحداث المأساوية والمشكلات الأمنية التي وقعت بين المسلمين والاقباط انحاز فيها رجال البوليس إلي الاكثرية الدينية وجعلوا العديد من أفراد هذه الأقليات يعانون مشاكل نفسية وعضوية من جراء تعذيبهم وتهديدهم بالقتل، ومازالت هذه المشاكل متفجرة ومتولدة في الكثير من المناطق في داخل مصر، كما أن رجال البوليس الذين من المفترض أنهم يحمون الكنائس في داخل مصر يقومون بتضييق الخناق علي حركة المسيحيين ومرافقيهم وفرض نظم أمنية تتعارض أحيانا مع ممارسة طقوسهم الدينية.
ويحدد التقرير الامريكي مهام وزارة الداخلية في الفترة القادمة بالقول 'إن مهمة وزارة الداخلية هي حفظ الأمن العام في المجتمع، وهذا الأمن لن يتحقق إلا اذا كان هناك تكافؤ في الفرص ومساواة كاملة في حصول الجميع أغلبية وأقلية علي متطلبات الأمن اللازمة، ولكن الدور الجديد لمهام الأمن الداخلية سيقتصر علي التدخل الأولي لاحتواء الازمات المعبرة عن أوضاع الحريات والأقليات الدينية في مصر، إلا أن هذا التدخل الأولي لا يجب أن يتعدي مجرد الاجراء التحفظي علي أفراد المشكلة الأمنية أغلبية وأقلية، وأن هذا الاجراء التحفظي لابد أن يتم وضع ضوابط قانونية له من خلال الحفاظ علي الحقوق الانسانية الكاملة للمتحفظ عليهم ودون نية الاضرار باجسادهم أو المساس بهم بأي شكل من الاشكال، وأن يظل هؤلاء رهن الاجراء التحفظي لحين قدوم لجنة من المجلس القومي لحقوق الانسان أو أحد فروعه لاجراء التحقيق القانوني الأولي مع هؤلاء الافراد، علي أن يتم رفع هذا التحقيق القانوني إلي اجهزة القانون أو القضاء التي تواصل اجراء التحقيقات في اطار الضوابط الموضوعة من لجنة المجلس القومي لحقوق الإنسان، علي أن تراقب أعمال هذه اللجنة الهيئة المستقلة للحريات الدينية التي سيكون من حقها لفت انتباه اللجنة إلي بعض المسائل الفنية في التحقيقات أو اضافة أية معلومات جديدة أو وقف اعمال هذه اللجنة وتعيين لجنة جديدة، أو اعادة التحقيقات قبل عرضها علي القضاء، وفي كل الاحوال فإن هذه الهيئة أيضا ستراقب مدي سلامة الاجراءات القضائية في عدم التفريق بين الأغلبية والأقلية الدينية، وأن كل الأطراف تحصل علي حقوقها المتساوية في التقاضي والدفاع، وأن القضاء ينظر إلي هذه القضية كونها تهدد أمن المجتمع'.
ويقترح تقرير اللجنة الأمريكية: 'أنه في بعض القضايا ذات الأهمية الكبري امنيا وسياسيا والتي تؤثر بشكل صارخ علي أوضاع الحريات والأقليات الدينية فإنه يكون من حق الهيئة المستقلة ابتداء أن تشكل لجنة للتحقيق في وقائع هذه القضية وذلك دون اللجوء إلي المجلس القومي لحقوق الانسان كما أن رئيس الدولة باعتباره الرئيس الأعلي للهيئة المستقلة للحريات الدينية قد يتدخل في بعض القضايا التي تؤثر جديا علي أمن الوطن واستقراره فيشكل لجنة مشتركة من الهيئة ورجال القضاء لتولي التحقيق، علي أنه في كل المراحل السابقة فإن البوليس المصري ليس له الحق في أن يتدخل في هذه الاجراءات أو يفرض أي نوع من الآراء بشأنها.'
|