مشاركة: بعد موت ياسر عرفات... حماس تقود الفلسطينيين إلى الهلاك (مدموج )
مسئولية حماس عن مآسي غزة
مجدي خليل
رغم الاحساس بالألم الشديد لسقوط الضحايا وخاصة من المدنيين , إلا أن التفكير السياسي يستوجب وجود طرف يتحمل مسئولية هذه الحرب الدامية , أو علي الأقل يتحمل المسئولية الكبري عن إشعال الحرب,وأيضا لا بد من البحث عن حلول لوقف حمام الدم بطريقة عاجلة والتفكير في حزمة إجراءات تمنع تكراره مستقبلا وتبعث الأمل في عملية السلام مجددا.
من ناحيتي أنا أتفق مع الموقف المصري ومع السلطة الفلسطينية ومع الكثير من الدول في العالم من تحميل منظمة حماس المتطرفة المسئولية الكاملة عن اندلاع هذه الحرب. وقد صدر بيان رسمي عن الأمانة العامة للحزب الوطني الحاكم في مصر وقعه الأمين العام صفوت الشريف يحمل حماس المسئولية عن هذه الحرب, بل وأزيد والتخطيط لها,فما حدث هو ما خططت له حماس لفترة طويلة وعملت من أجله ولم تفاجأ به, المفاجأة فقط كانت في توقيت الضربة يوم السبت وفي حجمها.بل وأقول منذ انتخابها في يناير 2006 وحماس تخطط للفوضي في المنطقة بالاستيلاء علي غزة ومنها إلي الضفة كما قال محمود الزهار: الضفة تحتاج إلي أن تتحرر من سلطة عباس.
منذ تشكيل حكومة هنية وهي تسير بخطوات متسارعة أوصلت أهل غزة إلي هذه المحنة وهذا المصير المؤسف , ومنذ استيلائها علي الحكم في غزة في صيف 2007 حولت القطاع إلي جحيم لا يطاق وحاصرت حريات الناس وعبثت بكرامتهم قبل أن تحاصرها إسرائيل من الخارج, ووصل الأمر لمنع الناس من الحج, وخاطبهم هنية : من فاته يوم عرفات فليلحق بيوم حماس, يقصد الاحتفال بمرور 21 عاما علي منظمة حماس.
علينا أن نتذكر أن غزة هي الدولة الوحيدة في العالم حاليا التي يحكمها الإخوان المسلمون,وهي نموذج لحكم الإخوان إذا استولوا علي الحكم في مصر أو غيرها, وعلينا أيضا أن نتذكر أن كل التنظيمات الإرهابية خرجت من عباءة الإخوان المسلمين, وعندما فشلت هذه التنظيمات في إسقاط الأنظمة والاستيلاء علي الحكم وتلقت ضربات موجعة من الأجهزة الأمنية, عاد حلم الإستيلاء علي الدول عبر الفوضي, والذي هو خيار حماس بامتياز.خيار الفوضي عبر تفكيك الدول والسيطرة علي قرار الحرب والسلم فيها ووضعها رهينة تحت رحمة الميليشيا المسيطرة ,وهو ما حدث من حزب الله في لبنان ومن حماس في غزة , وهذه هي المرحلة الأولي في طريق السيطرة علي الدولة برمتها.
يخطئ من يظن أن خيار حماس منذ سيطرتها علي غزة هو المقاومة والتحرير, هذا وهم كبير, كل ما كانت تتمناه حماس هو اعتراف إسرائيل بشرعيتها واعتراف المجتمع الدولي بحكمها لغزة, ولهذا عرض خالد مشعل في مقالة له بصحيفة الجارديان يوم 28 يوليو 2006 هدنة طويلة ومفتوحة علي إسرائيل في مقابل الاعتراف بحكومة حماس.
من البداية كانت حماس تخطط لهذا الاستيلاء عبر تكوين القوة التنفيذية, واستخدمت العنف ضد الأمن الفلسطيني عندما طالب أبو مازن سحب الشرعية عن هذه القوة التنفيذية التي شكلها سعيد صيام لدعم ميليشيا حماس وتسليحها عسكريا, واستخدام شرعية أبو مازن من أجل تسليح ميليشيا حماس للسيطرة والاستيلاء علي هذه السلطة فيما بعد.
المتابعون يتذكرون إلقاء رجال فتح من فوق أسطح البنايات عقب استيلاء حماس علي الحكم في غزة,ومعظمنا يتذكر كيف أن تاريخ حماس هو تعطيل كل الحلول السلمية بعملياتهم الانتحارية العبثية الموسمية التي لا تظهر سوي عند بدء مباحثات جادة, والمتابعون يعلمون أن هذه العمليات لم تكن غرضها التحرير بل التعطيل, تعطيل جهود المجتمع الدولي وتحطيم الآمال في وجود حل علي مائدة المفاوضات.
وحماس التي جاءت للحكم وفقا لاتفاقية أوسلو تنكرت لهذه الاتفاقية الدولية, فلماذا إذن قبلت بالمشاركة السياسية علي قواعد الشرعية والديموقراطية؟!!.
بعد انكشاف حماس أمام الرأي العام الفلسطيني والدولي , سلكت سلوك اعتبرت من خلاله أن شعب غزة رهينة لوجودهم في السلطة,ألم يقل إسماعيل هنية إننا لن نستسلم حتي ولو أبيدت غزة عن آخرها. رفضت الديموقراطية التي آتت بها للحكم, ورفضت الانتخابات المبكرة للاحتكام للشعب ,ورفضت المصالحة الوطنية, وأصر خالد مشعل علي أن يعامل مثل ابو مازن في حوارات القاهرة باعتبار كل منهما رئيسا لدويلة.وقبل حرب غزة الحالية لم يكن هناك تفكير في المقاومة وخلافه, بل في فتح المعابر مقابل الهدنة ,هذا هو مطلب حماس الحقيقي, أي تقوية سلطة حماس. وكانت سلطة حماس تعد مشروعات قوانين تطبيق الشريعة قبل بدء هذه الحرب (قطع الارجل واليد والرجم والجلد), أي بمعني وأضح تثبيت أركان الإمارة الإسلامية في غزة والانطلاق منها لغزو الضفة ومساعدة الإخوان المسلمين في مصر والاردن للسيطرة علي الحكم, وحسب صحيفة النيويورك تايمز وقناة فوكس نيوز فقد قتلت حماس 35 شخصا من فتح خلال هروبهم من السجن, والغريب أن الحدث رغم بشاعته لم تذيعه قناة عربية واحدة ,والأغرب أنه تم إضافة هؤلاء الـ 35 إلي أعداد القتلي ضحايا القصف الإسرائيلي.
كشف الجانب المصري عن أمور شتي كان ينكرها من قبل , ففي حوار لبرنامج البيت بيتك يوم السبت 4 يناير كشف مستشار أكاديمية ناصر العسكرية بأن هناك حوالي 2000 نفق عبر رفح المصرية, وأن حماس كانت تخزن الأسلحة في المساجد التي قصفتها إسرائيل, بل كما يقول وصل الأمر بعناصر حماس المسلحة للتخفي في الزي الأبيض داخل المستشفيات في غزة مما يعرض هذه المستشفيات لخطر القذف. وتقوم حماس باقتسام إيراد الأنفاق مع أصحابها, وتقدر عائدات هذه الأنفاق بـ 200 مليون دولار سنويا بخلاف 40 مليون دولار شهريا تتلقاها من إيران مقابل تنفيذ الأجندة الإيرانية في المنطقة. وحسب ال بي. بي. سي صدر عن إسرائيل مقاطع فيديو تظهر انفجار لمقذوفات بعد استهداف احد المساجد في غزة كدليل علي صحة ما تقول.
نشر الفوضي في مصر مطلب حماس ومطلب رعاتها في إيران ودمشق ومطلب حلفائها في الداخل المصري, وتحويل سيناء إلي وطن بديل حلم إسرائيلي,وحل مشكلة غزة عبر تسليمها لمصر هو تفكير بعض الأطراف الأمريكية كما كتب السفير الأمريكي السابق في الأمم المتحدة جون بولتون في صحيفة الواشنطن بوست يوم 5 يناير.
تعدت حماس كل الخطوط الحمراء فيما يتعلق بأمن مصر القومي , وفيما يتعلق بمستقبل الدولة الفلسطينية, ووضعت الجميع في موقف صعب لا يحسد أحد عليه, وعزلت غزة عن حلم الدولة الفلسطينية, وجعلت المجتمع الدولي حائرا حول الطرف الفلسطيني الذي يتحمل مسئولية تطبيق الاتفاقيات, وخلقت وضعا شاذا في المنطقة, وجلبت إيران لحدود مصر الشرقية عبر تبنيها للأجندة الإيرانية, وسلكت سلوك حزب الله في مغامراته الطائشة, وتطاولت وحرضت علي مصر ودورها التاريخي, ولهذا فهي تتحمل المسئولية الرئيسية عن نكبة أهل غزة قبل هذه الحرب ,وعن الخراب الذي جاءت به هذه الحرب, وتتحمل المسئولية الأكبر عن ضياع القضية برمتها وحلم الدولة الذي ناضل من آجله الفلسطينيون والمصريون منذ عام .1948
ولكن ليس معني هذا إعفاء إسرائيل من المسئولية. إسرائيل تتحمل مسئولية الإفراط في إستعمال القوة, وتتحمل إضعاف سلطة أبو مازن في جهوده لإحلال السلام وإقامة الدولتين, وتتحمل عرقلة الجهود الأمريكية في حل الدولتين, ويساهم سلوكها السياسي غير الرشيد في تقوية الراديكالية الإسلامية في المنطقة بأسرها.
Magdi.khalil@hotmail.com
|