...يقود ولا يقاد
بقلم-يوسف سيدهم
11/1/2009
يحق لنا أن نشيد بحكمة الرئيس مبارك,التي تجلت في إدارته لرد الفعل المصري تجاه أحداث غزة والمعركة الدائرة هناك,فالإساءات المتكررة الصادرة عن حماس تجاه مصر,والتصرفات غير المسئولة من قياداتها ومن جنودها لمحاولة استفزاز السلطات المصرية لم تنحج في تحقيق أهدافها في استدراج مصر إلي حلبة الصراع المسلح والعنف,وبفضل الحنكة السياسية والعسكرية للرئيس مبارك بقيت مصر بقامتها العالية وبقيمتها الحضارية تمارس دورها المسئول في الترتيب لإنهاء المعارك وإعادة التهدئة إلي منطقة الصراع,أملا في العودة إلي طريق الحل النهائي الدائم للقضية الفلسطينية.
المراقب للأحداث التي تجري في غزة وما فجرته في الشارع المصري وفي الإعلام العربي لا يفوته الكم الهائل من التضليل وسوء الفهم الذي يعاني منه المواطن المصري والعربي,كما لا يفوته الاندفاع السياسي والإعلامي العربي نحو استباحة الهجوم علي مصر والإساءة إليها,وكأن هذا الإعلام والقوي الواقفة خلفه قد أعطت مصر توكيلا تاريخيا لتحارب عنها معارك السلاح وتدفع عنها ضريبة الدفع في أي وقت,وتبعا لأي ظروف تقررها هذه القوي,وبغض النظر عن الدور التاريخي الذي قامت به مصر ذودا عن الحق الفلسطيني والحروب التي خاضتها,كل ذلك بينما تكتفي تلك القوي بالقيام بدورها الأصيل الذي تجيده بشكل ملفت وهو دورالظاهرة الصوتيةمشهرة أسلحتها العاتية من أقلام وتصريحات وميكروفونات وفضائيات!!!
الإعلام المصري نفسه يتحمل جانبا من المسئولية عما وصل إليه الشارع المصري من سوء فهم لحقيقة الأمور في ساحة الصراع الفلسطيني الإسرائيليي,فالآن والآن فقط تنبري الأقلام هنا لتدافع عن مصر أمامالظاهرة الصوتية التي اجترأت عليها...الآن والآن فقط يقرأ الشارع المصري- علي استحياء-عن حقيقة ما فعلته وتفعله حماس في غزة وجرائمها في إدارة المعركة وسط التجمعات السكنية واستحلالها استخدام المدنيين العزل دروعا بشرية تتستر خلفهم...الآن والآن فقط يسمع الشارع المصري عن عبثية الصواريخ التي تطلقها حماس والتي وصفها البعض بلعب الأطفال والتي تؤجج رد الفعل الإسرائيلي العنيف الموجع الذي يدفع ثمنه بفداحة المواطن الفلسطيني الأعزل....الآن والآن فقط نجد من يكتب عن أصول إدارة الصراع العسكري والعمل الفدائي الفلسطيني والتي ضلت الطريق باستهدافها المدنيين العزل في تفجيرات محطات الأتوبيس والمطاعم والأسواق,بدلا من خطها الأصلي المشروع في استهداف العسكريين وتعقب الجنود والتسلل إلي المعسكرات.
ليس غريبا إذن أن يلتهب الشارع المصري,وأن تنفجر فيه المظاهرات زاعقة بالروح والدم نفديك يا حماس!!...طالما أن هذا الشارع ظل طويلا يحقن بحقائق مغلوطة يبثها إعلام غير مسئول يعرف الحقائق,لكنه يبثها بشكل انتقائي منحاز فيجتزي منها ما يسهل تمريره للشارع,ويحجب ما قد يصدم هذا الشارع,ضاربا عرض الحائط بالرسالة السامية للإعلام وهي نقل الحقيقة وإيقاظ الوعي.
هل أقول رب ضارة نافعة إزاء الهجمة الشرسة التي تتعرض لها مصر منالظاهرة الصوتية العربية سياسيا وإعلاميا؟...نعم,فبفضلها ثابت كثير من الأبواق والأقلام هنا في مصر إلي رشدها,وبدأت تعيد حساباتها للدفاع عن كرامة وقيمة مصر ولتأييد حكمة وتعقل الرئيس مبارك في الترفع عن المهاترات والإسهام الجاد في التعامل مع الأحداث,وكانت إحدي أدواتها في هذا المجال فتح الملفات المسكوت عنها لتعرية وفضح الممارسات الخاطئة لحماس وكيفية إضرارها بالقضية الفلسطينية وتفضيلها مصالحها الشخصية علي مصالح الشعب الفلسطيني,علاوة علي تسليمها مقدرات القضية لإيران لتعبث بها بما يخدم المصالح الاستراتيجية الإيرانية وحدها.
إن المشهد الذي نتابعه يوميا في غزة لا يسر أحدا,ولكن يجب أن يعرف المواطن المصري أن مسئولية حماس في صناعة أسبابه ثابتة وتصرفات وسلوكيات وتصريحات وصلف قادة حماس التي حجبها الإعلام المصري عن هذا المواطن, أعطت المبررات لفتح شهية آلة الحرب الإسرائيلية التي يدفع ثمنها الآن المواطن الفلسطيني,وبدلا من انتقاضية الشارع المصري للذود عن حماس يحق لهذا الشارع أن ينتفض ذودا عن الشعب الفلسطيني,وقضيته العادلة,كما يحق لهذا الشارع أن يقدر حكمة الرئيس مبارك في إدارة هذه الأزمة بعيدا عن المغامرات العاطفية والاندفاع العنتري غير المسئول...لقد شهدت مأساة غزة في مصر قيادة سياسية تقود ولا تقاد,فهل آن الأوان لمخاض إعلام يقود ولا يقاد؟