رعونة مطلقة
15/2/2009
أحمد البغدادي-الكويت
أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت
لا أدري من الذي يضع خطط العلاقات الخارجية لحركة 'حماس', باعتبار أنها تعيش علي مقومات حياة تأتي من إسرائيل. لكن من واقع الحال القائم يمكن القول إنه يتمتع برعونة مطلقة, وفقا للاعتبارات التالية:
* مساعدة إيران ذات المذهب الديني المختلف ضمن السياق السياسي السني, بما يساعد المذهب الشيعي علي الانتشار في العالم العربي.
* التعامل مع إيران علي حساب المصالح العربية- العربية, فيما لو أخذنا بعين الاعتبار العلاقات المصرية- الإيرانية المتردية لأسباب كثيرة لا مجال لسردها في هذا المقال.
* الانضمام إلي المحور الإيراني- السوري لا يصب في صالح القضية الفلسطينية أو ما تبقي منها.
* أدي التقارب بين حركة 'حماس' بقيادة خالد مشعل, والنظام الإيراني إلي عدم رضا حلفاء عرب مهمين جدا مثل مصر ودول الخليج.
* تنفير السعودية من حركة 'حماس' بسبب الاستقطاب السياسي والديني بين النظامين السعودي والإيراني.
والعاملان السابقان أعلاه أثرا في تجفيف الموارد المالية (المساعدات المادية والإنسانية) للفلسطينيين, خاصة لمن يخضع منهم لسلطة 'حماس' في غزة.
* معاداة دول الاتحاد الأوربي الذي أعلن ممثله من علي أنقاض غزة أن 'حماس' حركة إرهابية, ولما لهذا التصريح من انعكاسات سياسية سيئة علي 'حماس'.
* الارتماء في أحضان النظام الإيراني يفتح باب الاتهام بالعمالة لهذا النظام بصورة غير مباشرة.
* التقارب مع إيران بهذه الصورة الفجة, يدفع العراق إلي الابتعاد عن القضية الفلسطينية أكثر مما هو قائم الآن بسبب موقف الفلسطينيين المؤيد للطاغية الهالك صدام حسين.
* التقارب مع دولة أخري لأسباب مالية صرفة, ربما للتعويض عن خسارة الداعمين الرئيسيين, لن يساعد 'حماس' كثيرا بسبب ضعف الدور السياسي الإقليمي والعربي لتلك الدولة الصغيرة.
إن الاعتقاد السائد لدي قادة 'حماس' خاصة إسماعيل هنية وخالد مشعل, بأن الحركة بسبب التحالف مع النظامين السوري والإيراني, تستطيع أن تكون مستقلة عن النظام العربي, اعتقاد خاطئ, لأن العلاقات السورية - الإيرانية قائمة علي المصلحة السورية في الحصول علي المزيد من المال من إيران, وهو أمر لن يطول كثيرا مع الانخفاض في أسعار البترول, وخاصة أن هذه العلاقات لا تمثل بعدا استرتيجيا لدي النظام السوري الذي يعلم جيدا أن مصلحته تتمثل في التواجد ضمن المنظومة السياسية العربية.
ونظرا لأن النظام الإيراني يواجه العديد من المشاكل المالية والسياسية, خاصة مع الغرب, فضلا عن العلاقات السياسية المتوترة مع مصر, أكبر قوة إقليمية عربيا, فضلا عن دورها الفعال في القضايا العربية, وتأييد الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوربي لمصر, فإنه يمكن القول بكل يقين إن العلاقات بين 'حماس' وإيران لا يمكن أن تستمر سياسيا.
من جانب آخر, لن تستطيع إيران تعويض النقص المالي الذي ستفقده, بل إنها فقدته حاليا, من الدول الخليجية التي فقدت الثقة بقادة 'حماس', مما أدي بهذه الدول إلي رفض تسليمها المبالغ المخصصة لإعمار غزة إلي 'حماس', مفضلة تسليمها إلي حليفها, منظمة التحرير الفلسطينية.
إن توثيق 'حماس' لعلاقاتها مع إيران علي حساب علاقاتها مع دول الخليج ومصر ودول الاتحاد الأوربي, لن يفيد الحركة علي المدي الطويل, بل هو دليل قاطع علي قصر نظر قادة هذه الحركة التي تتهم اليوم بالعمالة لإيران.
إضافة إلي حقيقة أن مثل هذه العلاقات قد فتحت لإيران المجال للتدخل في الشأن العربي, وهو ما لم يحدث من قبل. وما لم تتوقف حركة 'حماس' عن مثل هذا التقارب الدنس, فستخسر أكثر وأكثر مع مرور الوقت.
--------------------------------
نقلا عن "جريدة وطنى"