عرض مشاركة مفردة
  #70  
قديم 26-04-2009
morco morco غير متصل
Silver User
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2008
المشاركات: 443
morco is on a distinguished road
مشاركة: ما هي الليبراليه؟؟......(مدموج)

كاتبة سعودية ترصد غياب الليبرالية وسيادة الانغلاق فى المجتمع المصرى

٢٦/ ٤/ ٢٠٠٩

يبدو هذا المقال تعبيراً عن التحولات التى تجرى فى مصر والمنطقة العربية دون أن نتحسسها بأصابعنا.. لذا كان مهماً أن نتوقف عنده.. كاتبة سعودية ترى مصر بأعينها.. والمفارقة أنها، فى هذا الرصد الرائع والعميق لأحوالنا الراهنة، ترى أن أهم ما خسرناه خلال السنوات الأخيرة هو «الليبرالية» القديمة التى تآكلت تحت ضغط «التعصب والتطرف»!

والمفارقات فى هذا المقال عديدة ومدهشة.. فالكاتبة سعودية أصابها انغلاق المصريين بالذهول والوجع.. والمشاهد من القاهرة التى صدّرت الانفتاح والحرية والليبرالية إلى دول - منها السعودية - نصفها بالأصولية والانغلاق الفكرى.. فهل انقلبت الأوضاع وتبدلت الأحوال على نحو يجعل كاتبة سعودية ترصد هذا القدر الهائل من التراجع فى المجتمع المصرى.

المقال نشرته «نادين البدير» تحت عنوان «من مصر» فى صحيفة «الراى» الكويتية اليومية فى عددها الصادر يوم ١٨ أبريل الجارى.. اقرأوه لتدركوا إلى أى حد تراجعت «الليبرالية المصرية».. وفى أى طريق نسير.


رئيس التحرير

هكذا ليتنعم الحب ببركة النيل، يجلس العشاق على ضفافه بأوضاع اقترب بعضها من العناق. وكانوا وصلوا من رحلتهم متعبين، فالإنهاك بادٍ على الوجوه والأجساد والأزياء.

على ضفاف النهر متسع كبير للرومانسية ولأبدية الأحلام المستحيلة فى بلد أكثر من نصف أبنائه يعيشون تحت خط الفقر..

للمرة الأولى أعرف أن للفقر رائحة يمكن تلمسها.. ليست حزينة، بها شىء باعث على الحياة.. كيف يجد الفقير وقتاً للحب؟ وللضحك؟ وللجنس؟

شعب يهزم فقره ومصائبه وأحزانه فيحول عدوه الى نكتة تضحكه عالياً، وبعد أن يقهقه يعجنها ويلوكها ثم يبصقها، هكذا يتحايل على أقداره وأوجاعه. وهكذا نجا من نكسات كثيرة لم يبق سوى أن تسرق خيالاته. النكتة أعظم سلاح يمتلكه شعب. يحسد عليها كل المصريين الظرفاء.. الازدحام خانق ساعات الظهيرة، المرور فوضوى عشوائى فى القاهرة كالمناطق العشوائية التى بنيت على أطرافها. حاولت يوما ايقاف السائق وهو يتجاوز الإشارة الحمراء، فقال لى مازحاً: لو وقفت عندها يخبطونى من ورا.

المبانى متهالكة، الحالة الدينية المستشرية غريبة على الشارع المصرى القديم الذى عُرف عنه ليبراليته وانفتاحه مقارنة ببقية الشوارع العربية.. الوضع الاقتصادى متردٍ بشكل مزرٍ، لكن كل ما له علاقة بالمتعة الممكنة لا يتردى أو ينضب، فحالات الإنجاب لا نهاية لها رغم العوز.. الكل يحب، الكل يتزوج، والكل يريد أن ينجب، وكلما زاد الفقر زاد النسل.

يريدون أن يملأوا كل جحر بإنسان، لا أحد يفكر كيف سيعيش، المهم متعة لحظات الجماع التى يمكنها أن تغنى عن مطاعم الخمس نجوم والفنادق المحرمة على كثيرين.

شعب متعلق بالأرض ملتصق بها، لا يرى الأوجاع لدرجة مبالغ بها، تُحدث أحدهم عن تلوث الجو فيستغرب: تلوث إيه؟ لا ده هو بس الطقس النهاردة مغيم. تقول له كيف أن النيل ملوث، فيخبط على صدره ويولول.

هذه القناعة وذاك الزهد أو تجميل الانكسار مثل قولبة المأساة نكتة ليست وليدة الأفراد، كانت وليدة الأخطاء السياسية وتراكميات المعارك، وفقد الأعزاء من أجل قضايا عربية خاسرة تبنتها مصر، اليوم لا وقت للنقد المترف. فحتى المفكر صار يبحث عن لقمة العيش، واكتفاء تام بمشاهدة بقايا الحضارات السابقة.

وعرائس النيل

عرائسه كلهن محجبات، لم أر شعر واحدة تقف هناك. هنا لا يمنع الحجاب صاحبته من إعلان حبها، أحاطت إحداهن ظهر حبيبها بذراعها، ووقفت شاردة بالمياه، بالفراغ.

معرفتى بشكل الشارع المصرى جاءت من دراما الخمسينيات والستينيات، ومعرفتى بنسائها عززتها كتب عن الحركة النسوية أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.. جئت لتغطية خطة نضالية قديمة انتهت بشكل تقريبى، وتحل محلها اليوم نضالات جديدة خرجت أو تفرعت من حركات دينية مسيسة.

فى مصر نزعت هدى شعراوى الغطاء الذى يخفى المرأة ويخيفها، عائشة التيمورية كانت هنا، نبوية موسى وصفية زغلول ودرية شفيق وملك ناصف وعائشة راتب وبنت الشاطئ وسكينة فؤاد وأمينة شفيق، بقى جيل فريدة النقاش.

أين ذهبت الأوائل. ولا حتى بقايا فكرة. كله ذهب سدى. صورهن ليست معلقة على الجدران، وليس لهن تماثيل منحوتة فى الشوارع والحدائق. حسروا أفكارهن فى الكتب بإحكام.

أرادت المرأة سابقا إصلاح المجتمع إنسانياً، وتأتى خليفتها الفقيهة تريد إصلاحات من داخل الدين. لا ليست خليفتها، لم تولد واحدة بعد.

القنوات التليفزيونية الدينية بها عدد من المصريات منهن متراجعات عن دنيا الفن السينمائى، غطاء شعر وماكياج وابتسامة. الأمر كله متعلق بالشعر فقط. ما حدث كان انقلابا على الحريات. وتحولت الحضارة من سباق نحو الرقى الى صراع حول ما يظهر من خصلات.

من سلام وطمأنينة الى أصولية مستشرية بشكل عجيب، تنظر الى أتباع الديانات الأخرى وإلى السيدات كمواطنات من درجة ثانية.

نكسة ضمن النكسات العربية. لكن مصر (رمز الليبرالية قديما) باقية، بمكانتها وتاريخها وماضى رجالها ونسائها الحر الثورى الذى لابد أن تستعيده مصر يوماً.

نقلاً عن «الراى» الكويتية

نادين البدير

كاتبة وإعلامية سعودية


albdairnadine@hotmail.com

http://www.almasry-alyoum.com/articl...3&IssueID=1387
الرد مع إقتباس