التنصير في بلاد القبائل: أمر واقع وانتهى
الأستاذ: محمد الحسن أكيلال
قرية ترتد بكاملها باستثناء إمامها الذي سجن نفسه في غرفته تفاديا للقاء حتى أبنائه، يبدو أن شعوري الداخلي بنوع من القبول العام لدى جهات تملك، خيوط التحكم في الأوضاع، شعوري فيه الكثير من الصدق والصواب، ويبدو أيضا أن الخطة المحكمة من طرف الجهات الخارجية لتفكيك القطر بدأت فعلا تؤتي أكلها
ويبدو أيضا أن الطوقين الأول والثاني لحصار البقية من الحالة الإسلامية في قرى منطقة القبائل وخاصة الكبرى،
محكمين لدرجة ارتداد قرية بكاملها، باستثناء شيخ إمام تنصر أبناؤه، فاضطر إلى التخفي في منزله متحاشيا اللقاء مع أي واحد من سكان القرية حتى أبنائه.
لقد كشف الغطاء عن الردة إلى النصرانية في منطقة القبائل، وبدأت الصحافة المعربة تنشر تباعا ما يقع لإطلاع الرأي العام، لكن يبدو أن اسم البلاد الذي يعني مجموعة من الجزر هو فعلا اسم لمسمى، فالجزائر فيها جزر ولو هي متداخلة إلا أنها أصبحت في السنوات الأخيرة تتباعد من حيث المستوى الاجتماعي، ونوع اللغة لساكن كل جزيرة، والجزيرة الأقوى طبعا هي جزيرة اللغة والثقافة الرومانية اللاتينية، والرومانية اللاتينية يبدو أنها تريد العودة إلى النصرانية من جديد، بعد أن أمضت فترة في نوع من الوثيقة التي أعادت زرعها في كثير من القرى الجبلية لمنطقة القبائل، حيث لوحظ فيها الإفطار في شهر رمضان المعظم، وتناول الكحول على المائدة لكل أفراد بعض الأسر، والتنصل الكامل من كل ما يربط هؤلاء بدينهم الإسلامي، يعني الكفر بكل قيمه الأخلاقية، ورفض كل الرفض حتى للثورة والشهداء، فما بالكم بمحمد –صلى الله عليه وسلم- والدين الإسلامي.
إن الخرجة التي جاءت صفحات جريدتي "LE QUOTIDIEN D ORAN و LIBERTE " المفرنستان، في الأسبوع الماضي، حول موضوع التنصير في منطقة القبائل، تدل على أن للمتحكمين في القرار في البلاد رأي آخر تماما، غير رأي أغلبية المجتمع، لكن متى كان لأغلبية المجتمع في هذه البلاد رأي، ولو كان لها رأي فمن ذا الذي يحسب له حسابا، الديمقراطية في الجزائر لا تعني حكم الأغلبية إطلاقا، الأقلية في الجزائر هي الحاكمة المتحكمة في كل شيء حتى في أرزاق الناس، لأنها محمية من طرف القوى الكبرى، التي أجمعت على محاربة الإسلام أينما وجد، وكل سلاح يوجه ضد أي مسلم أو بلد مسلم فهو مقدس، لأنه سلاح الحرب المقدسة ضد الإسلام الذي ألصق به المجرمون تهمة الإرهاب، الموضوعة سلفا لكل من يطالب بحقه في الحرية، ألم يكن مجاهدو ثورة التحرير إرهابيين في نظر الاستعمار وحلفائه؟
الإرهاب الذي يدينه الإسلام وكل المسلمين المؤمنين حقا هو الإرهاب الذي يمارسه المجرمون ضد الآمنين من الناس، كل الناس، لا فرق بين مسلم ومسيحي ويهودي وبوذي، ولكن الفدائي الفلسطيني والعراقي والأفغاني الذين يحاربون الاحتلال الصهيوني الأمريكي والتحالف الغربي لا يمكن أن نسميه إرهابيا.
لابد من تحديد المفهوم والمصطلح قبل التفكير للترويج لحوار الحضارات والثقافات والأديان.
ما يجري في منطقة القبائل، وتستسيغه الجزيرة الرومانية اللاتينية في البلاد، وتدافع عنه، باعتباره حقا دستوريا، نعم للمواطن الحق في كل حرياته، وللجماعة حق في كل حرياتها طبقا للدستور، لكن الكارثة أن سكان منطقة القبائل الذين وضع عليهم منذ بداية التسعينيات الطوق الأول، ثم الطوق الثاني خلال بداية القرن، ليفهم القارئ الطوق الأول،
وضع لنشر الردة والرذيلة، ومحو كل القيم الأخلاقية والدينية؛ أما الطوق الثاني، فكان لنشر الردة إلى النصرانية، وبالضبط إلى المذهب البروتستانتي الإنجيلي، وهؤلاء يبنون ويؤسسون الكنائس بكل حرية، في حين أن المسلمين يمنعون من بناء أو إعادة بناء المساجد من طرف أغلبية شباب تلك القرى، المتأثرين بالأفكار المزروعة من الطوقين الأول والثاني.
المهم أن ما نشرته الصحافة المعربة يا أيها الرومان اللاتينيون ما هو في الحقيقة إلا رد فعل لشعور بالظلم الذي لحقهم من طرف المرتدين إلى الكنيسة البروتستانتية الإنجيلية، ولكم أن تبحثوا أو تسألوا عما حدث في قرية واضيا، أو في إحدى قرى بني زيكي، حيث رفض فيهما بناء المسجد، هذا إضافة إلى ما ينشر على مواقع الانترنت هنا وهناك وراء البحر، من تهجم على الإسلام والمسلمين في البلاد.
إن الصحافة الرومانية اللاتينية في الجزائر، أو التي تريد أن تكون رومانية لاتينية، عليها أن تتذكر ولو من باب الحفاظ على شعرة الديمقراطية وحرية التعبير التي تدعي أنها تدافع عنها، عليها أن تتذكر أن حقوق الإنسان المهضومة في الجزائر هي حقوق المواطن الذي لا يريد أن يكون مواطنا رومانيا لاتينيا، وهو طبعا لا يحق له أن يكون إطارا أو موظفا ساميا يسر المؤسسات لأنه معرب، والمعرب لا محل له من الإعراب في الجزائر المستقلة، وعليكم أن تتذكروا بأن المآسي التي حدثت للبلاد ومؤسساتها ومالها العام، إنما حدثت على أيدي مسيريها من الرومان اللاتينيين.
وللقس الأسقف تيسي الذي أحترمه كثيرا أن يعتذر ويسحب كلماته التي هدد فيها ضمنيا بالمطالبة باستعادة الكنائس، ولو من باب الأخلاق النصرانية، لأن سيدنا عيسى -عليه السلام- الشرقي، لا يقبل بما فعلته فرنسا باغتصابها أراضي الجزائريين ومساجدهم، لتبني عليها تلك الكنائس، التي تهدد أيها المحترم باستعادتها.
أرجو أن يفهم الرومان الجدد، بأن الدين الإسلامي الحنيف، ليس هو الذي يمارس الإرهاب، أو يدعو للإرهاب، والإرهاب الذي يمارس اليوم في العالم قد خلق أصلا في مخابر المخابرات الغربية لمحاربة الشيوعية في البداية، ثم لمحاربة الإسلام الذي يتواجد المؤمنون به قضاء وقدرا على أرض في باطنها أكبر احتياطي للنفط في العالم.
http://www1.albassair.org/modules.ph...rticle&sid=427