عرض مشاركة مفردة
  #20  
قديم 12-12-2004
loop loop غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2004
المشاركات: 68
loop is on a distinguished road
الأفضل لك ان تكتب باللغة العربية

إن آخر ما أوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في معاملة أهل الكتاب آية الجزية من سورة التوبة وهي قوله تعالى: "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون" ( التوبة: 99 ). فقد نسخت هذه الآية ما شرع قبلها من العفو والصفح كقوله سبحانه وتعالى: "فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين". وهذا ما فعله بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه من بعده، وعلى هذا استقرت أحكام الشريعة. والرد على هؤلاء من وجوه.
الأول: إن هذه الآية وأشباهها لا تخاطب أفرادا، بل تخاطب الدولة المسلمة ممثلة في سلطتها السياسية التي بيدها الأمر والنهي والتي تتخذ القرار في معاملة أهل الكتاب قتالا أو مسالمة ونحو ذلك. ومعلوم أن مثل هذه الأمور لا يقطع فيها الأفراد ولا يختصون بالنظر فيها.
الوجه الثاني: إن عقد الذمة الذي يكون بين المسلمين ممثلا في إمامهم وأهل الكتاب يستلزم على كل طرف حقوقا للآخر لا بد وأن يؤديها. نعم تختلف الحقوق المفروضة على أهل الكتاب عن الحقوق المفروضة على المسلمين، لكن في النهاية يكون على كل طرف حقوق للطرف الثاني هو ملزم بأدائها إليه. نعم أخذ المسلمون شروطا على أهل الكتاب في المعاهدة العمرية وفي غيرها بأن يؤدوا الجزية و أن يفعلوا كذا، لكن كان على المسلمين في المقابل التزامات منها حماية أهل الكتاب من كل من يريدهم بسوء سواء كان من رعايا الدولة المسلمة أو من غيرهم، فيجب على الإمام حفظ أموالهم ودمائهم وأعراضهم فلا يظلمهم مسلم في قليل ولا كثير وكذا يجب رد الحقوق إليهم إن اعتدى عليهم معتد.
الوجه الثالث: متى عجز المسلمون عن أداء ما عليهم من التزامات لم تجب الجزية على أهل الكتاب. يقول العلامة أبو إسحاق الشيرازي رحمه الله: ويجب على الإمام دفع الأذى عنهم، ومنع من يقصدهم بسوء من المسلمين والكفار واستنقاذ من أسر منهم، واسترجاع ما أخذ من أموالهم، لأنهم بذلوا الجزية لحفظهم وحفظ أموالهم، فإن لم يدفع حتى مضى حول لم تجب الجزية عليهم، لأن الجزية للحفظ وذلك لم يوجد فلا يجب ما في مقابلته.