عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 26-11-2009
the ghost the ghost غير متصل
Silver User
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2006
الإقامة: لبنان يسوع، لبنان بشير جميل
المشاركات: 543
the ghost is on a distinguished road
مشاركة: فضيحة قانون الأحوال الشخصية السوري (الجديد)

مشروع قانون الأحوال الشخصية السوري (الجديد) مازال مرفوضاً!
بقلم: المحامي ميشال شماس

ثلاثة أشهر مضت على البيان الصادر عن المكتب الصحفي في رئاسة مجلس الوزراء الذي أُعلِن فيه عن إعادة مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد إلى وزارة العدل لصياغته من جديد، بعد أن أثار عاصفة من الانتقادات والردود الرافضة والشاجبة له على امتداد الوطن.
ثلاثة أشهر واللجنة السرية تعمل، بسرية تامة بعيدة عن الأضواء، على إعادة صياغة مشروع قانون الأحوال الشخصية، في الوقت الذي كانت فيه عيون السوريين تتطلع بشغف ولهفة إلى إحداث نقلة نوعية وحضارية، لا في صياغة قانون جديد للأحوال الشخصية وحسب، بل وفي صياغة القوانين والتشريعات السورية التي مضى عليها أكثر من نصف قرن، بما ينسجم مع تطورات الحياة الاجتماعية في البلاد.
إلا أن اللجنة السرية أصرت على قتل طموحات السوريين بقانون مدني عصري للأحوال الشخصية موحد لكل السوريين على قاعدة المساواة بين السوريين والسوريات، فأصدرت مشروعاً لقانون الأحوال الشخصية وصفته بالجديد، وهو ليس كذلك، ولا يختلف كثيراً عن القانون الحالي، ضاربة عرض الحائط بكل المآخذ والانتقادات الكثيرة الموجهة أساساً إلى القانون الحالي، وكذلك المطالبات المستمرة والملحة من أوساط واسعة من السوريين بضرورة تعديل القانون الحالي وإصدار قانون عصري يحتكم إليه المواطنون السوريون في حياتهم وأمورهم وأحوالهم الشخصية، قانون يحقق العدالة والمساواة بين أبناء المجتمع السوري دون تمييز بسبب العرق أو الدين أو الجنس، وينسجم مع أحكام الدستور ومع العهود والمواثيق الدولية ذات الصلة التي سبق أن وقعت عليها سورية والتزمت بتطبيقها.
فالنسخة الجديدة - القديمة - من المشروع حافظت بأمانة على التمييز القائم في القانون الحالي بين الرجل والمرأة لمصلحة الرجل. فعلى سبيل المثال ألزمت المادة 4 المتعلقة بالخطبة المرأة بإعادة المهر أو مثله سواء كان العدول منها أو من الخاطب. والمادة 27 التي تنتقص من أهلية المرأة بقيت كما هي (إذا زوجت الكبيرة نفسها من غير موافقة الولي، فإن كان الزوج كفئاً لزم العقد، وإلا فللولي طلب فسخ النكاح). وكذلك المادة 14 التي تمثل قمة الانتقاص من أهلية المرأة حين جعلت شهادة الرجل تعادل شهادة امرأتين، في المادة 12 خلافاً لأحكام الدستور، المادة 25/3: (المواطنوان متساوون أمام القانون).
وكذلك في المادة 73 التي نصت: (يسقط حق الزوجة في النفقة إذا عملت خارج البيت دون إذن زوجها، ويُعدُّ سكوته بعد علمه بعملها في أثناء الخطبة إذناً لها في العمل لا يسقط حقها في النفقة). وذلك خلافاً لما نص عليه الدستور، وخاصة المادة 36 التي تقول بأن العمل حق لكل مواطن وواجب عليه. أما المادة 37 فقد شكلت إهانة بالغة للمرأة عندما أبقى المشروع على تعدد الزوجات (لا يجوز للرجل أن يتزوج المرأة الخامسة حتى يطلق إحدى زوجاته الأربع وتنقضي عدتها). كما أبقى المشروع على منع زواج المسلمة بغير المسلم، خلافاً لما نص عليه الدستور السوري في المادة 35 منه التي ضمنت حرية المعتقد والعقيدة، وخلافاً لجميع المواثيق والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها سورية.
وبرغم خلو المشروع الجديد من كلمة نكاح واستبدال كلمة زواج بها، إلا أن كلمة موطوءة ترد في أكثر من مكان في المشروع. وحسناً فعل المشروع برفع سن الزواج بالنسبة للمراهق والمراهقة في المادة 18 من المشروع (-إذا ادّعى المراهق البلوغ بعد إكمال السابعة عشرة، أو المراهقة بعد إكمالها الخامسة عشرة وطلبا الزواج يأذن به القاضي إذا تبين له صدق دعواهما واحتمال جسميهما). وهو تعديل جيد إذا ما قورن بنص المادة 18 من القانون الحالي التي نصت : (-إذا ادّعى المراهق البلوغ بعد إكمال الخامسة عشرة أو المراهقة بعد إكمالها الثالثة عشرة وطلبا الزواج يأذن به القاضي إذا تبين له صدق دعواهما واحتمال جسميهما). مع أننا نفضل إلغاء هذه المادة نهائياً وتحديد سن الزواج للفتى والفتاة بسن 18.
والجديد الذي تضمنه المشروع الجديد جاء في الباب الخامس تحت عنوان (كفالة الصغير والتكافل الأسري) من المادة 162 إلى المادة 169، وعرفت المادة 162 كفالة الصغير بأنها (هي الإلزام برعاية طفل وحمايته وتربيته والإنفاق عليه، كما يفعل الأب مع ولده، ولايترتب عليها حق النسب ولا في الإرث). وكفالة الصغير على ما يبدو بديلاً عن التبني، وهذا أمر كان سيكون إيجابياً لو سمح بتسجيل الصغير على نسب الكفيل وحقه في أن يرث أيضاً.
ورأى المشروع في المادة 313 منه أن (كل ما لم يرد نص في هذا القانون يرجع فيه إلى القول الأرجح في المذهب الحنفي .والتي ينظمها كتاب الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية على مذهب الأمام أبي حنيفة النعمان لمحمد قدري باشا الملحق بقانون الأحوال الشخصية السوري، والذي تضمن فيما يتضمن أحكام اللعان والظهار وغيرها من الأحكام المتشددة خاصة لجهة التمييز في حقوق المرأة.
أما فيما يختص بالطوائف المسيحية فقد نص مشروع القانون في المادة 316 أن تطبق ما لدى كل طائفة من أحكام تشريعية دينية تتعلق في الخطبة والزواج وعقده والمتابعة والنفقة الزوجية ونفقة الصغير وبطلان الزواج وحله وانفكاكه.. مع مراعاة عدم تعدد الزوجات، والسؤال الذي نطرحه هنا هو أي من القوانين ستطبق هذه الطوائف، إذا كان المشروع الجديد قد ألغى قوانينها الخاصة؟ فالمادة 318 منه نصت صراحة على إلغاء القانون رقم 10 الخاص بطائفة السريان الأرثوذكس، والقانون رقم 23 الخاص بطائفة الروم الأرثوذكس، والقانون31 الخاص بطائفة الروم الكاثوليك. فهل ستعود تلك الطوائف إلى تطبيق القوانين الكنسية التي كانت سائدة أيام الاحتلال العثماني لبلادنا؟. إنها سقطة كبيرة وقعت فيها اللجنة السرية ربما تكون مقصودة أو غير مقصودة، لكنها في النهاية ستثير إشكالات جديدة بلا أدنى شك.
باختصار، المشروع الجديد لم يخرج عن مفهوم الإطار الطائفي إلى الانتماء الوطني، كما لم يواكب التطوّر الكبير الذي طرأ على المجتمع وبنيته وخصائصه منذ خمسينيات القرن الماضي حتى اليوم. بل حافظ على كل المساوئ الواردة في القانون الحالي، وتجاهل المواثيق والعهود والاتفاقيات الدولية، التي وقعت عليها سورية بدءاً من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومروراً باتفاقية حقوق الطفل، وليس انتهاء باتفاقية مناهضة جميع أشكال العنف ضد المرأة (سيداو).
المحامي ميشال شماس

http://www.an-nour.com/index.php?opt...9583&Itemid=32
__________________
" ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي احبنا. " رومية 8:37

" من هو الذي يغلب العالم الا الذي يؤمن ان يسوع هو ابن الله " 1 يوحنا 5:5

الرد مع إقتباس