عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 31-01-2010
الخواجه الخواجه غير متصل
Moderator
 
تاريخ التّسجيل: May 2005
المشاركات: 2,200
الخواجه is on a distinguished road
مشاركة: عم عدلي و المسأله القبطية


حين رأيته أول مرة قبل سنوات، كنت مدعواً للمشاركة بالمؤتمر الأول لأقباط المهجر في مدينة زيورخ السويسرية، وقتها تأملته بعناية وهو يتنقل بمقعد متحرك، ويلح على رأسي سؤال: يا إلهي، كيف استطاع هذا الرجل الذي أقعده المرض حتى عن مجرد السير على قدميه أن يقيم الدنيا ويقعدها في مصر لدرجة يستنفر معها النظام كل أدواته الجبارة، ويختلف نشطاء الأقباط حتى مع قادتهم الروحيين، وكثيراً ما ينهش بعضهم بعضاً، لكن أحداً منهم لم أسمعه يجرؤ على النطق بكلمة سيئة أو غير لائقة بحق "عم عدلي"، لأنه هذا الرجل كما أسميته في مقال لي نشرته بصحيفة "المصري اليوم" كان بمثابة "البابا العلماني" للأقباط.
في تلك الأيام كانت الأجواء المحيطة بالأزمة الطائفية في مصر بالغة التوتر، وكانت صدور الأقباط مثقلة بالمرارات في أعقاب "مأساة الكشح" ولكن قليلين للغاية، مجرد عينات ميكروسكوبية، هم الذين كانوا يجرؤون على الشكوى والتعبير عما يجيش في صدور ذويهم من مخاوف وقلق على استحياء وتحفظ.
وما أن أعلن "عم عدلي" عن تنظيم المؤتمر القبطي حتى انتفضت الأجهزة المصرية فأطلقت أبواقها لتقذف الرجل بأبشع الصفات، وحينها لم تكن صحيفة حكومية أو حتى خاصة تخلو من كتابات تسب الرجل وتكيل له اتهامات فاحشة بأنه تارة "عميل" للمخابرات الأميركية والإسرائيلية وربما الهندية أيضاً، وتارات أخرى بأنه "موتور" يصفي حسابات آخر العمر مع الحكومة "العفيفة الشريفة" التي اتهمته في قضية ملفقة حسمها القضاء لصالح براءته، ولكن بعد أعوام قضاها خلف القضبان قبل هجرته النهائية من مصر في وقت كان فيه نجماً يشار إليه بالبنان سواء في ساحة "البيزنس"، أو العمل العام بصفته وكيلاً للمجلس الملي في أحلك فترات الصدام بين النظام الحاكم والكنيسة التي وصلت لحد وضع البابا شنودة الثالث رهن الإقامة الجبرية في الدير.
ساعات وأيام وليال طويلة قضيتها أتحدث مع عم عدلي، واستمع إليه، وأتعلم من خبرته وحكمته، وسجلت بصوته نحو عشرين ساعة من تلك المناقشات، وهذه ستصدر قريباً في كتاب أحسبه مهماً للغاية، كشهادة موثقة لرجل عاش زمنين.. زمن مصر الليبرالية وما بعدها من انتكاسات وخيبات حتى الآن.
__________________
واجب علي جميع المصريين المساهمه في بناء مصر لتكون دولة ديمقراطية . ليبراليه . منتجه .
و


لنتعاون جميعا حتي تتغلب رسالة الحب و النور و الحياة علي ثقافة الكراهية و الظلم و الموت
الرد مع إقتباس