عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 30-10-2010
أبرهة العصبي أبرهة العصبي غير متصل
Silver User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2008
المشاركات: 713
أبرهة العصبي is on a distinguished road
حينما حاولت قتل محمد ... قصة بمناسبة الهالوين


سائرا تلتهم سخونة الارض قدماي، الرمال تملأ الافق، عيناي ملتهبتان، لا أستطيع التقاط انفاسي، أشعر وكأنني أحتضر. أمشي تائها متخبطا بين الزحام، ر/ع/ا/ع الشعوب من حولي في كل مكان، عيونهم زائغة كالخنزير الشبق، يبدون وكأنهم مسحوا أنفسهم بالخراء، أي چينات قذرة هذه التي اجتمعت كلها في أرض واحدة! قالوا لي أن ماكينة الزمن هذه ليس لها خطورة كبيرة؛ لا أصدقهم! ليس لأني لا أثق بهذا الإختراع؛ لكن لأنني أعرف أنني لن أعود سليما بعد أن وطئت قدماي في أرض هذه المخلوقات. يقولون أن لو مات مستخدم هذه الماكينة وهو في الزمن الذي انتقل إليه فإن فرصة نجاته وبقائه على قيد الحياة في الزمن الأصلي خمسة وتسعون بالمئة! لا زلت قلقا، لكن ليس فرصة الموت هي سبب قلقي؛ انما ما يقلقني هو ألا أتمكن من انجاز المهمة التي أتيت إلى هنا من أجلها.. قتل محمد!


أبحث عنه بين كل هذا الزحام، الحرارة مؤلمة بحق، لا أستطيع فتح عيناي لكني مضطر، لا يبدو على أحد التأثر سواي، اصطدمت بأحدهم، استدرت لأعتذر لكنه كان قد أكمل سيره! هؤلاء لا يفكرون ولا يشعرون! أعلم ذلك بالفعل لكن علي الحرص ألا أختلط بأحد من هؤلاء بأي شكل، ليس للإجراءات الاحترازية المعتادة عند السفر عبر الزمن، لكني تعلمت انه لا تختلط بالبدو في أي زمان أو مكان. أتعبني البحث والقيذ، لا لن أسأل! قالوا لي ان أردت أن تجد محمد ابحث عن الكعبة، وإن أردت أن تجد الكعبة فابحث عن رائحة الجيفة، على حد علمي فإن العرب استخدموا مخلفات الحيوانات كبديل للأسمنت لكن ما هي قصة الجيفة؟ وكيف أستطيع تمييز رائحة الجيفة بين كل هذه الروائح القذرة التي تحيط بي من كل ناحية؟


الك*ل*ا*ب هنا شكلها مختلف، بالطبع شكلها مختلف هنا عن جميع الك*ل*ا*ب التي رأيتها، فهذا النوع انقرض لأنه كان العدو الأول للهجامين فتخلص البدو منهم في مذبحة بشعة لم يذكرها التاريخ حتى الان، نظرت لها في شفقة لما سوف يحدث لها في السنوات القليلة القادمة. الشمس تكاد تقتلني، لم أتخيل لحظة في حياتي أنه سوف يأتي اليوم الذي أضع الغطرة فوق رأسي، لكن أين أجدها الان؟ لابد أن أكمل المهمة، لا يمكن أن أنهار الان بعد كل هذا، اتجهت الى اطفال جالسون وقررت أن أخرق القوانين قليلا معتبرا أن كونهم أطفال سوف يصنع فرقا، وبدلا من أن أسألهم شيئا أضعه على رأسي وجدتني دون أن أدري اختصر الطريق على نفسي وسألتهم عن محمد، وبمجرد أن سمع الأطفال اسم محمد أخذوا في الركض بعيدا في هيستيرية ما عدا هذا الطفل الذي ظل في مكانه ينظر لي في ريبة، أخبر "أحد ما" بعيدا بصوت عالي أني أبحث عن محمد ابن عبد اللاه، ثم رحل هو الاخر. لم أجد جوابا، لربما لو كنت طلبت منهم غطرة لكانت هذه المقابلة الغامضة مثمرة! ما زال علي اكمال طريقي في هذا الجحيم. قررت أن أخرق جميع القوانين وسألت بصوت عال وسط الزحام:"أين محمد بن عبد اللاه؟" لم يرد أحد، تذكرت أنهم لم يتحدثوا العربية فأعدت السؤال هذه المرة لعلهم يفهمونه:"وين محمد بن عبد اللاه؟" لكنني اكتشفت أن المشكلة ليست عدم الفهم، بل انهم مرعوبون ينظرون حولهم في رعب وشك هستيري، هناك شيئا غريبا يحدث هنا، أكملت السير حتى أستطاعت حاسة الشم لدي تمييز رائحة الجيفة، أنها الكعبة!


تجثم امامي الان وسط الصحراء تثير الرهبة والامتعاض في نفسي، ضخمة، كئيبة، مخيفة، بدائية، قذرة، حجارتها مقبضة، شعرت بقشعريرة.. أنا الآن أمام بيت الشيطان! أخذت في الاقتراب حتى وجدت ما كان كافيا لكي أفهم سبب رائحة الجيفة وأصاب بالغثيان! لا بد أن أخرج من هنا بأسرع وقت! أين محمد؟ أشعر أنه قريب من هنا.. سألت مجددا عن محمد لكن الكل يجري في كل اتجاه، الكل مذعور. أخيرا وجدت محمد، هناك، قالوا لي ها هو ذا الذي يقف مقابلا للكعبة، مشيت تجاهه، لا يفصلني عنه سوى ثلاثين مترا، كلما اقتربت منه كلما شعرت بضيق وانقباض، ما هذا الشخص؟ كلما اقتربت اكثر وجدت ان الجميع يتلاشون. الآن انا على بعد ثلاثة امتار. لاحظت الان ان هناك دائرة كبيرة حوله خالية من الناس، وانا داخل هذه الدائرة معه، ينظر لي الناس في ترقب ورعب، أستطيع أن أشم رائحة عرقه من هنا، أرى الان جسمه الضخم، هذا الرجل الذي كان سبب كل هذه المصائب لا يبعدني عنه سوى بضع خطوات، السبب في قتل المائتان وسبعون مليون نفس طوال الاربعة عشر قرنا السابقة هو من يقف امامي الان. نطقت باسمه بقوة فاستدار ببطء وعلى فمه ابتسامة مقيتة تكشف عن أسنان قذرة ورائحة نفس غريبة.


امسكت بالسيف ووجهته ناحيته، اخترق السيف اللحم، لامعا تحت ضوء الشمس، امتزج العرق بالدماء، حادا جدا، حارقا جدا، لا أعرف لماذا تمنيت حينها أن تكون الشمس أخف حدة قليلا، وجدت السيف يخرج من بطني، ما زال محمد ينظر لي مبتسما بنفس الابتسامة المقيتة. بدأت الصورة تخفت وأصبحة الرؤية مشوشة حتى فقت لأجد نفسي عدت إلى المختبر، ينظرون إلي بحسرة وإشفاق وكأنهم يعرفون ما حدث، لم أكن أنا اذن أول من حاول منذ أن تم الانتهاء من الماكينة.

آخر تعديل بواسطة أبرهة العصبي ، 30-10-2010 الساعة 12:59 PM
الرد مع إقتباس