عرض مشاركة مفردة
  #30  
قديم 25-12-2004
Peace4All Peace4All غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2004
المشاركات: 1,081
Peace4All is on a distinguished road
وعن نوعية المستهلك الذي يهتم بشراء مجموعة شرائط عمرو خالد قال إمام "تعد الفتيات أكثر فئة تقبل على شراء مجموعة شرائط عمرو خالد مقارنة بالشباب، وبنسب تقريبية يصل نسبتهن إلى 60% ، في حين يسجل الشباب 40%، كما يسجل الشباب من الجنسين أكثر الفئات العمرية التي تقدم على شراء المجموعة وبنسب تقريبية يصل نسبتهم إلى 60% بينما 40% من الفئات العمرية الأكبر سنا".
طبعاً كل هذه الأحداث الجسام وهذه الأرقام المرعبة، بنيت على معادلة بسيطة للغاية:
لقد أنجزت الحكومات الثورية (من الثورة)مهمتها الثورية (من الثور ـ الهياج)على الوجه الأكمل، وها هو العقل العربي صفحة بيضاء مُحيت ذاكرته، مُحقت أحلامه، ضُيعت انتماءاته، وها هي الشعوب العربية جاهزة للنكوص إلى أعمق حقب التاريخ، جاهزة للتعلق بأي قشة واهية.
فليكن عمرو خالد هو القشة الواهية، وليخاطب هذه الجموع مستخدماً بعض ما تبقى في رؤوسها، من مشاعر دينية غامضة تم توارثها عبر سلسلة من الجدات الأميات، ونجاحات مهلهلة لمهرجي الخلفاء وتلاميذ مدرسة المشاغبين، منكّهة بفيض من مهارات تهديج الصوت لدى القادة التاريخيين.
حياة عمرو خالد تشبه في بعض مساراتها(بلا تشبيه) مسيرة بول غوغان، فهذا الرسام الفرنسي، بدأ حياته محاسباً وحقق نجاحات مبهرة كوكيل بورصة، وفي لحظة مباغتة هو الآخر، تخلى عن كل شئ (عمرو احتفظ بكل شئ) وقرر أن يصبح رساماً، سافر إلى تاهيتي وعاش مع القبائل البدائية، رسم أبناءها البسطاء، ليصبح عبر ملامح وجوههم واحداً من أهم الرسامين في تاريخ الفن، ورغم اقتناعي بعدم معرفة عمرو خالد بغوغان هذا، إلا أنه يستفيد من تجربته تماماً وها هو يبني مجده عبر الأغطية التي تغلف رؤوس الشابات من طنجة وحتى مسقط، مختاراً بدقة البشر الأكثر بدائية وبساطة، والرؤوس ذات العقول المحجوبة أساساً ليحجبّها.
شيئاً فشيئاً تغلغل عمرو خالد في حياتنا اليومية، وصار اسمه مألوفاً أكثر من اسم الكوكاكولا، وبات وجوده أمراً طبيعياً على شاشات التلفزيون (حتى الLBC ؟) ورفوف محلات الكومبيوتر، وواجهات المكتبات (حتى قائمة الأكثر مبيعاً لدى دار النهار؟) وبات موقعه على الانترنيت يحتل المركز 550 بين عشرات الملايين في العالم من حيث عدد الزوار الذي وصل إلى مليوني زائر شهرياً، بات اسماً مقدساً (وكأننا بحاجة لتقديس أسماء جديدة) لدى الملايين ولدرجة تجعل تناوله جنوناً يقارب الانتحار.
الحكومة المصرية استشعرت الخطر وطلبت منه بتهذيب إيقاف نشاطاته العامة (يقول أنصاره أنها طلبت منه مغادرة مصر) فقامت الدنيا ولم تقعد، رغم إعلانه السفر لبريطانيا لتحضير رسالة الدكتوراه في جامعة ويلز (أعلن حتى الآن أربعة عناوين مختلفة لنفس الأطروحة التي يحضرها) وازداد البطل سحراً في عيون مريديه.
كل هذا حصل دون أن ينبري أحد ليوقف المهزلة التي لم تعد مهزلة ودخلت طور الكارثة، صرخات متفرقة هنا وهناك، مثلاً مفيد فوزي الصحفي المصري الذي رحب مجرد ترحيب بمغادرة عمرو خالد لمصر ما زال يتلقى هجوماً لم يحظ به شمّر بن ذي الجوشن قاتل الحسين.
هناك أصوات معارضة بشدة لعمرو خالد لكنها خارج السياق، فقد صدر كتاب بعنوان "عمرو خالد في ميزان الشريعة ـ دراسة نقدية لظاهرة خطيرة على البلاد والعباد" وهو كتاب مغفل من اسم الكاتب واسم الناشر، ولكن يبدو واضحاً أن مؤلفه أحد الدعاة الوهابيين، فالكتاب يضبط أخطاء فقهية وتاريخية وقع فيها عمرو خالد، ويحاكمه من خلالها كمتطاول على الدين الحنيف، ومشايخ الأزهر أيضاً كان لهم اعتراضات على الظاهرة الشعبية التي تشكل خطراً على سلطاتهم، فالدكتور عبد المعطي بيومي العميد السابق لكلية أصول الدين وعضو مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر عندما سئل عن عمر خالد قال: "يجب أن يتوقف عن الدعوة حتى يقوم بدراسة الدين دراسة منهجية، وفق خطة منظمة كما يحدث للدارسين في المعاهد والكليات الأزهرية، أما من يحاول الدعوة بغير هذه الدراسة فهو دخيل ومتكلف، لأن الدعوة تحتاج إلى فهم الإسلام فهماً حقيقياً، ولكن أن يحترف الدعوة رجل يقول أنا داعية ولست مفتياً فقد جعل الدعوة قطعاً متناثرة يأخذ منها ما يشاء، أو كأن الدعوة أصبحت مجرد تمثيل"
الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر قال: "الدعوة الآن أصبحت مجالاً مفتوحاً لكل من هب ودب، لذلك فظهور داعية من خارج الأزهر مثل عمرو خالد أمر ينبغي الوقوف عنده ومراجعته"
طبعاً هذه الأصوات لا تعدو عن كونها خوف من اهتزاز النفوذ، وصراع داخلي على الحصة الأكبر من الزبائن، وهي بالنسبة لمستقبلنا كشعوب تشبه عتاب رجال المافيا لواحد منهم لأن قلبه لم يكن قاسياً كما يجب بينما هو يطلق الرصاص على رؤوسنا.
دعوية عمرو خالد تقوم على تقنية بسيطة للغاية، فهؤلاء المؤمنين لا يعرفون شيئاً سوى نتف من بعض حكايات، وبعض أسماء، وبعض أفكار، ارو لهم هذه الحكايات بلغة يفهمونها، وعظهم بقيم أخلاقية لا يمكن لأحد أن يعترض عليها، وستأسر قلوبهم، وهذا ما حصل فعلاً رغم الأخطاء الفادحة التي يقع فيها، بمنطق التاريخ وحتى بمنطق الشريعة، ويبدو واضحاً أن المرجعية التي يعتمدها لا تخرج عن خانة الكتب التراثية الصفراء أو الكتب التسطيحية والتبسيطية للدين، وقد ووجه مرات في بعض أخطائه فاعتبر أنه "ليس من الضروري أن يكون المرء ملما بجميع علوم الدين ، فهو ليس مطلوبا منه أن يكون مفتيا ولا يشترط فيه أن يلم بالفقه تفصيليا إنما ينبغي أن يعلم الأمور الأساسية التي تعينه على الدعوة إلى الله"
وأي الله هو ما يدعو إليه عمرو خالد؟ إنه الله مختلف عن كل ما يعرفه المؤمنون ففي إحدى محاضراته يقول "موسى نبي الله استسقى فقلو الله اضرب بعصاك الحجر، فقال يا رب لأ بأه أنا عايز مطر، فقال الله: إيه يا موسى ، إيه يا موسى، خلي عندك ثقة يا راجل" وفي كتاب أخلاق المؤمن يقول" اعرض ظروفك دون كذب والله سيقف بجانبك".
و"إذا المرأة آمنت واتقت يجب على الله أن يكرمها ويدخلها الجنة"، "لمن الرسول طلع يقابل ربنا" ، "إن الله يتلذذ بتوبة المؤمن"
ولدى عمر خالد طريقة محاسبية خاصة يبدو أنه احتفظ بها ـ من بين الأشياء الكثيرة التي احتفظ بها ـ من عمله السابق فهو يحدد "المتر في الجنة بركعتين، وكمان المتر بغضة بصر" ولديه فتوى عجيبة يجمع فيها بين كل مهنه السابقة "آدي التدخين طلع مش حرام، وبيقولو مكروه، لكن لو الواحد شرب أكتر من خمس سكاير في اليوم يبقى إيه؟ يبقى حرام، يعني خمسة مكروه يطلعو حرام واحد، ده حتى في الكورة كان القانون كل أربعة كورنر يحتسبو كول " وطبعاً لا الفتوى صحيحة ولا القانون موجود في كرة القدم.
خديعة عمرو خالد الكبرى، تكمن في الحكائية الوردية التي يروي بها تاريخ الإسلام، حيث تسمع قصص العصر الراشدي فتشعر أنك تحضر حلقة من مسلسل هايدي، حيث الكل سعداء وطيبون، الأغنام الوادعة تأكل بشهية في المراعي الخضراء التي تكسو الجبال نقية الهواء، هايدي وبيتر والجد الطيب يتعاونون لإسعاد كارلا المعاقة، كل الذين عاشوا في نأنأة الإسلام كانوا يشبهون الملائكة، حتى حين كانوا يذبحون بعضهم بضراوة في سبيل الملك كانوا طيبين رائعين.
رواية عمرو خالد للعصور الإسلامية تشبه العبارة التي يقال أنها كانت موجود على قبر حجر بن عدي " هنا يرقد الصحابي الجليل حجر بن عدي قتله الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان لأنه رفض أن يشتم الصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين".
في حرب الجمل وقف علي وعائشة على رأسي فريقين، تحاربا بشراسة، وفي صفين وقف علي ومعاوية على جيشين ضما كل من يمت للإسلام بصلة وفي كلا الحربين كان المبشرون بالجنة يذبّحون بعضهم رغم أن معظمهم سمع الرسول يقول: "ما اقتتلت فئتان من أمتي إلا وكانت كلتاهما في النار".
الرد مع إقتباس