أخي الكريم حفظه الله
عندما كتبت رسالتي الموجهة إلى قداسة البابا لم يكن الغرض منها الدخول إلى المنتديات فهي في مجلة دخلت عامها الواحد والعشرين ويقرأها الآلاف وأحسب أنها تؤثر قدر المستطاع.
أنني عندما نشرتها في منتداكم الموقر فقد أردت منها أن تكون رسالة محبة لأبناء وطني أحبابنا أقباط مصر، ولم أنشرها بحثا عن حوارات ومناقشات فقد انتهيت منها منذ أكثر من خمسة وثلاثين عاما عندما كنت مولعا بالمناقشات ومقارنة الأديان وقرأت كثيرا في الدينين معا .. الإسلام والمسيحية.
أخي العزيز ..
حتى مع افتراض أنني وافقتك على الجدال والنقاش ليستخرج كل منا من بطون دين الآخر ما يراه مناهضا ومناقضا للعقل، وأنه ليس دينا من عند الله، هل تستطيع أن تعدني أننا في معركة إلغاء الآخر وإثبات كل منا أنه الأقرب إلى الله وأنه يملك مفاتيح الجنة لن تتراكم صدورنا بكراهية الآخر؟
هل تصدق، أخي الحبيب، أن رسالتي الموجهة لقداسة البابا كتب أحدهم في موقع يتصفحه إسلاميون كثيرون بأنها محاولة خبيثة مني للتبشير بالمسيحية!
ومع ذلك فالكثيرون والحمد لله يرون سطورها وما بين سطورها ثورة حب، وبركانا من العاطفة، وهي في الواقع دفاع عنك، ومطالبة بحقوقك، وخصام مع القوى المتطرفة التي ترفض مواطنتك الكاملة.
هب أنك تمكنت من الاتيان بعشرات ومئات الأدلة التي في ظنك تمزق الإسلام تمزيقا، فهل سيغير من الأمر شيئا والمسلمون يقترب عددهم من 1200 مليون نسمة؟
وهب أنني أتيتك أيضا بعشرات ومئات الأدلة على عدم صحة المسيحية وتناقضات ما فيها وظننت أنني فندتها تفنيدا، فهل سيتحول 1600 مليون مسيحي في العالم إلى الاسلام؟
أليس من المخجل أنني آتيك بوردة فتطلب مني المبارزة على كأس وهمي؟
لقد تعلمت أن القوة في التسامح، وأنني أعبث بحياتي لو حاولت أن أوهم الآخر بامتلاكي مفاتيح الجنة، وأنت تعرف أنه لن يدخلها إلا من جاء الله بقلب سليم.
إن وطننا يحترق، وحقوق أقباط مصر مهضومة، وأنا أكتب منذ ربع قرن وأتعرض لمضايقات، بل إنني لم أقم بزيارة بلدي منذ أكثر من خمس سنوات بسبب آرائي وأفكاري.
وغضب الكثيرون مني عندما نشرت مقالا تحت عنوان ( اعتذار لأقباط مصر ) وكان عن شهداء الوطن في قرية الكشح..
ثم تأتيني وتطلب مني المبارزة وكسر الظهر والمصارعة من أجل ارضاء الرب!
لست ضيفا على منتداكم الموقر لمرة أو اثنتين مع ( لزق ) مقال، فأنا أغوص في أعماقي، وأكتب قناعاتي التي تجعلني بعد الكتابة قادرا على النظر في عيون أولادي.
كيف لم تقنعك مقالتي أنها ليست طعنا أو بسبب غرض غير نبيل، لكنها من أخيك في الوطن ومن مسلم يبحث في دينه عن حقوقك، ثم يعثر عليها ويتمسك بها ويسعى إلى أن يقنع بها أبناء دينه المسلمين.
سنوات طويلة وأنا أخوض غمار معركة المساواة الكاملة من أجلك ثم تكتب لي مفضلا الجدال والشجار والضرب تحت الحزام والشكوك بحثا عن انتصار مصطنع، لأننا، أنت وأنا، سنخرج مهزومين حتى لو تمكن أحدنا من اقناع الآخر بهشاشة دينه وأنه ليس كلام الله.
لماذا، أخي الحبيب، لم تقرأ مقالتي، وتمد يديك مصافحا إياي، وتشد من أزري، وتدعو الله لي بالتوفيق في أول صلاة أحد تؤديها، ويفعل نفس الشيء أخي المسلم في صلاة الجمعة لعل الله يستجيب للاثنين معا .. من معبدين مختلفين؟
وفقك الله، أخي العزيز، لما يحبه ويرضاه، وعلى الأرض السلام ولك المحبة.
محمد عبد المجيد
رئيس تحرير طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
http://www.tearalshmal1984.com
Taeralshmal@gawab.com
Fax: 0047+ 22492563
Oslo Norway