عرض مشاركة مفردة
  #7  
قديم 13-03-2005
frabassit frabassit غير متصل
Gold User
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2004
المشاركات: 155
frabassit is on a distinguished road
تقول إحدى القصص التاريخية المسيحية التي لا أتذكر مصدرها أنه عندما جاء مندوب القيصر الروسي إلى البابا القبطي طالباً وضع الأقباط تحت حماية روسيا فسأل قداسته المندوب " هل الإمبراطور الروسي لا يموت ؟ فقال له بالطبع يموت مثل كل الناس ، فقال له قداسة البطريرك أن حامينا لا يموت " . وصرف المندوب الروسي بسلام .
وفي قصة أخرى صرح الوالي ببناء كنيسة فأعترض أحد المسلمين فأمر الوالي بإلقائه في أساس الكنيسة وهنا رفض البطريرك ذلك وتوسل إلى الوالي من أجل هذا الإنسان فعفا عنه .
ورفض قداسة البابا شنودة الثالث زيارة القدس إلا مع الأخوة المسلمين وبعد أن ينال الفلسطينيين حقوقهم وما زال قداسته مصرا على هذا الموقف الوطني الرائع .
ولكن بعض البسطاء وبعض المتهورين وغير الفاهمين للمسيحية يفعلون العكس تماماً فيسّبون الآخرين ويجرحون مشاعرهم بصورة غير مسيحية !! متصورين أن هذا رد فعل طبيعي لما يحدث مع البعض ، ونسوا أن لكل إنسان فكره وقدوته ومسيحنا علمنا أن لا نقام الشر بالشر ولا العين بالعين ، إنما بالحب مع عدم التخلي عن الحق أو التفريط فيه ، ولن يضيع حق وراءه مطالب ، ولكن بالأسلوب المسيحي واللجوء للقانون . بل والأغرب ما يقوله البعض من المندفعين وغير المدركين للفكر المسيحي وطبيعته وعلى غير الصورة المعهودة في الأقباط عبر تاريخهم ، ويلحون به من عبارات غير واعية مثل أن مصر لا بد وأن تعود مسيحية ، ومثل هذا القول لا يعطي طمأنينة للآخر ويحسبه بأسلوب تأمري ، ونسي هؤلاء أن التاريخ كله في يد الله ولا يوجد شيء يحدث في هذا العالم إلا بسماح من الله وأن الله هو الذي يعطي الملك لمن يشاء في الوقت الذي يشاء حسب تدبيره الإلهي " وهو يغيّر الأوقات والأزمنة يعزل ملوكا وينصب ملوكا . يعطي الحكماء حكمة ويعلم العارفين فهما " (دا2 :21) ، " أن العلي متسلط في مملكة الناس فيعطيها من يشاء " (د14 :17) ، وهو الذي أعطى السيادة للفرس في فترة من تاريخ العالم وقال عن كورش ملك فارس " هكذا يقول الرب لمسيحه لكورش الذي أمسكت بيمينه لادوس أمامه أمما وأحقاء ملوك احل لأفتح أمامه المصراعين والأبواب لا تغلق . أنا أسير قدامك والهضاب امهد . اكسر مصراعي النحاس ومغاليق الحديد اقصف " (اش45 :1و2)
ومن قبله أعطى الملك لنبوخز نصر ملك بابل وقال عنه " والآن قد دفعت كل هذه الأراضي ليد نبوخذ ناصّر ملك بابل عبدي وأعطيته أيضا حيوان الحقل ليخدمه . فتخدمه كل الشعوب وابنه وابن ابنه حتى يأتي وقت أرضه أيضا فتستخدمه شعوب كثيرة وملوك عظام . ويكون أن الأمة أو المملكة التي لا تخدم نبوخذناصّر ملك بابل والتي لا تجعل عنقها تحت نير ملك بابل أنى أعاقب تلك الأمة بالسيف والجوع والوبإ يقول الرب حتى أفنيها بيده " (أر7 :27و28) . ثم ساد اليونان العالم لفترة ثم تلاهم الرومان والمسلمون والعثمانيون الأتراك ثم الأوربيون الذين احتلوا معظم دول العالم والآن أمريكا وبالطبع لن تستمر أمريكا في السيادة على العالم إلى الأبد ، هكذا يقول التاريخ ، بل سيأفل نجمها كما أفل نجم الممالك التي سادت من قبلها ، وربما تحل محلها دولة مثل الصين أو الاتحاد الأوربي ، الله أعلم بما سيكون ، وسيبقى التاريخ هو الشاهد والحكم وسيظل الله هو هو الذي يحكم التاريخ والعالم ، لذا فلنضع ثقتنا في الله وحدة ، والله يقول " من يمسكم يمسّ حدقة عينه " (زك2 :8) ، " وأما انتم فحتى شعور رؤوسكم جميعها محصاة" (مت10 :30) .
وكذلك التلميح الذي يكرره أحد الكتاب المسيحيين وهو الأستاذ جمال اسعد وقوله بأن " بعض الأقباط يستقوون بأمريكا " !! هذا الرجل الذي أساء كثيراً للكنيسة والمسيحيين بأسلوبه غير المحسوب وكلماته غير المدروسة التي يطلقها دون وعي والتي تزيد من إثارة الأخوة المسلمين وتنفر المسيحيين منه ، مكررا قوله هذا دون أن يدري أنه بذلك يوغر صدور الأخوة المسلمين ، وهؤلاء الأخوة يمكن تصويرهم في ثلاث فئات الفئة الأولى وهي الغالبية العظمي التي تكدح في سبيل لقمة العيش ، والثانية تتكون من الكتاب المستنيرين سواء من المثقفين المسلمين وعلماء الدين ، ولهم مواقفهم التي نعتز بها من المسيحية والمسيحيين ، والفئة الثالثة هي الفئة التي تضم المتشددين والمتطرفين ويقع في أقصاها الإرهابيين ، بل وهناك من المتشددين من عاشوا فترة كماركسيين ويساريين ، وهؤلاء معتادين على استخدام أسلوب التهييج والإثارة ويستخدمون هذا الأسلوب في خطابهم السياسي الديني غير مدركين أو متجاهلين حقيقة الحساسية الدينية لدى كل من المسلمين والمسيحيين ، فيصورون المسيحيين وكأنهم يسبون الإسلام ويستنجدون بأمريكا !! كما يتخذون من بعض الألفاظ غير المحسوبة وغير الواعية والمتهورة التي يطلقها البعض فيثرون بها حنق وغضب الأغلبية المطحونة في كل شيء ، وهذا بدورة قد يؤدي إلى نتائج لا يعلم أحد مداها إلا الله وحدة ، ولنا في التاريخ عبرة وسوابق .
فليتنا نعود إلى سلوكنا المسيحي الحقيقي ونتخذ قدوتنا من مسيحنا الذي هو فوق الزمان والمكان ومن مواقف آباء الكنيسة والتي ذكرت ثلاثة أمثلة منها أعلاه . وصدقوني أن المسيحي لا يمكن أن يكون مسيحياً بالشعارات الاستفزازية ولن يقبل غير المسيحي المسيحية والمسيحيين إلا بالقدوة الحسنة الموجودة في السلوك المسيحي القويم الذي علمه لنا مسيحنا القدوس ورسله الأطهار " فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السموات " (مت5 :16) ، " وان تكون سيرتكم بين الأمم حسنة لكي يكونوا في ما يفترون عليكم كفاعلي شر يمجدون الله في يوم الافتقاد من اجل أعمالكم الحسنة التي يلاحظونها " (1بط2 :12) .

تحية ومحبة وسلام

القس عبد المسيح بسيط ابو الخير
كاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد
__________________
أرغب في الأنضمام
الرد مع إقتباس