الإسلام لا يعترف بالكهانة، ولا يقر بوجود رجال دين مسلمين
· ما مخاطر تجاور الآيات الناسخة والمنسوخة؟
مخاطر كبير جداً، لأنه بتجاور المتشابه والمحكم والناسخ والمنسوخ، مع عدم ترتيب زمني يوضح ما رفع وما بدل وما ثبت وما أنسى وما فقد، أصبح المسلم في حيرة من أمر دينه والتبست عليه أحكامه وتناقضت مواقفه، وهو ما أدى إلى بروز دور رجال الدين في دين لا يعترف برجال الدين، وقد أصبح لهم مبرر وجود ضروري كمتخصصين تكون مهمتهم التوسط بين الله وبين الناس لشرح كلمته لهم وإيصالها إليهم، ليحل المتوسط الشارح بفهمه وشرحه محل النص القرآني ويتحول كلامه إلى نص جديد مقدس، بل وتلتبس القدسية بأصحاب الشروح من سدنة الدين عبر التاريخ، هذا رغم أن هذا التوسط مرفوض بل مدان إسلامياً، لأن الإسلام لا يعترف بالكهانة ولا يقر بوجود رجال دين مسلمين، ومع ذلك لم يستح بعض المسلمين من استثمار وضع المصحف لصالح أنفسهم بالعمل كرجال دين محترفين، بل وصنفوا لكل طريقة "يونيفورم" كالزي الشيعي للملالي والأزهري للمشايخ …إلخ. لإثبات تميزهم عن بقية المسلمين ، وإثبات أنهم طبقة كهنوتية إسلامية من نوع خاص .
رجال الدين جعلوا كلام الله لغز الألغاز ليكونوا نواب الله لشرحها
وأصر هؤلاء على إيهام المسلمين بقدسية الحبر والأحرف والورق وترتيب المصحف فيها. وبسبيل هذه القدسية وجد رجال الدين فرصاً هائلة لتبرير هذا الوضع بعلوم اخترعوها ومفاهيم وضعوها وقواعد استنوها لا تسمح للمسلم العادي بمعرفتها والتعاطي معها كأدوات لفهم دينه _ رغم أنها أدوات لتعقيد هذا الفهم _ وأصبح كلام الله هو لغز الألغاز وسر الأسرار المستغلق على الإفهام، بدلاً من أن يكون واضحاً بسيطاً سهلاً ساطعاً للمؤمنين به.
* لكن هذا ما حدث في جميع الأديان، فهي في البداية كانت بسيطة. ثم عمد رجال الكهنوت لتعقيدها لتصبح مغلقة على العامة ليكونوا هم الأوصياء على شرحها .
هذا هو ما حدث في الإسلام أيضاً فضمن تلك العلوم جاءت علوم القرآن، لتضع لنا الحكم البواهر في استمرار وجود آيات تحمل أحكاماً بطل العمل بها في حياة النبي نفسه، وعن الأسرار الربانية في وجود أكثر من حكم إزاء فعل واحد، ولماذا نأخذ بحكم منها ولا نأخذ بالآخر رغم وجوده في آيات تتلى يتعبد بها المسلم. أو لماذا الإصرار على تفعيل أحكام ضاعت آياتها من المصحف العثماني كحكم رجم الزاني المحصن ولأن الله قال : " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " ، فإنهم يأخذون دور الله هنا كنواب له فلا يعترفون بهذا الضياع الذي حدث، ويأخذون بأحكام السنة بدلاً مما ضاع ويصرون على حكم رجم الزاني المحصن ، وحتى يتم تبرير تفعيل حكم دون نص أو لوجود نص معطل الحكم أو لوجود الحالين مجتمعين.
كثرة آراء الفقهاء جعلت مكتبة الإسلام أكبر مكتبة لدين من الديان
· إذن رجال الدين وضعوا بذلك أسس الكهانة في الإسلام ؟!
إنهم يستغلون الدين أسوأ استغلال ، ويضعون حكمتهم البالغة في تقسيم النسخ أنواع على ثلاثة أشكال، ولكل شكل ضروبه. وينتقلون من المتشابه إلى المحكم وبالعكس، ويرصون على أرفف المكتبة العربية قواعد وقوانين ومفاهيم جعلت مكتبة الإسلام أكبر مكتبة في التاريخ لدين من الأديان ، كلها صياغات بشرية شابهتها شواغل المصالح والتحالفات وأفاعيل السياسة، ولبست ثوب القدسية دون مبرر واضح واحد، ويضع لنا الفخر الرازى مثلاً تفسيره لسورة الفاتحة وهي بضعة أسطر في مجلد من ثلاثمائة صفحة،رغم وجود إشارات في علوم القرآن لا تعتبر الفاتحة قرآناً إنما هي من قبيل الافتتاح بأدعية وتسبيح وتقديس قبل قراءة القرآن.
لا وجود لحد الردة في القرآن
· الباحث الليبي الصادق النيهوم أستاذ الدراسات القرآنية في جامعة جنيف (سويسرا) يقول إن الرجم لا وجود له في الإسلام وإنما أخذه الفقهاء من التوراة. ما تعليقك؟
فقهاء الإسلام طبقوا التوراة بدل القرآن في حد الرجم. فلا وجود لحد الرجم في القرآن.
· ما الذي يجب عمله للتخلص من ذلك؟
يجب تقديم النصوص للمسلمين مرتبطة بواقعها وزمانها مرتبة زمنياً، ذلك كفيل بحل كثير من التعقيدات التي تجعل المسلم بحاجة دائمة لمفسر ومفتى معاً. وهى في اعتقادي عملية يسيره يمكن القيام بها إلى جانب المصحف العثماني لو اجتمع لها أهل الهمة ، خاصة مع وجود المصادر الكافية المفصلة التي تساعد على إتمام هذا العمل من كتب تأريخ إلى سير ،إلى أخبار إلى حديث، ودون تدخل من علم الفقه أو اعتماده أصلاً، لتقديمها في شكل يسير سهل التناول يصل بين المسلم ومقدسه ولا يفصل بينهما ليضع المشايخ في الفراغ بينهما.
· هل هذا ما كنت تعنيه بقولك سابقاً "التناقضات الداخلية"؟
هذا مثال يبرز المقصود بالتناقضات الداخلية، التي تستبعد المؤمن العادي وتضع مفاتيح الآخرة بيد السدنة وتسمح بانتهازية الدين واستخدامه بما هو ضد الدين والناس والله لصالح فئة واحدة هي حلف الحكام والفقيه التاريخي الرذيل .
جهابذتنا يؤكدون سبقنا للغرب في كل المعارف وذلك في قرآننا ونحن لا نعرف
· الإسلام وعلوم العصر، كل مخترع علمي يحاول المتأسلمون إيجاده في القرآن .ما تعليقك علي ذلك؟
القرآن ليس كتاب علم ، بل هو كتاب دين روحي، وهناك تناقضات تتراكم كل يوم وليلة بينه وبين واقع الحياة المتغير المتبدل دوما، خاصة مع الإصرار على تغطية الدين لكل صغيرة وكبيرة في حياتنا ولكل شأن عظيم أو تافه. ومع القفزات الهائلة التي حققها المنهج العلمي في حياة البشرية، أصبح المسلمون يدينون بكل معاشهم وعمارتهم وعلاجهم وسعادتهم وترفهم لهذا المنهج وأصحابه في بلاد الغرب ومع الشعور الأكيد بالتخلف إزاء المتفوق وكيف أصبحت خير أمة أخرجت للناس في قاع رتب الأمم، فقد زاد ذلك من الشعور بالعار وبطريقنا المعهود في علاج العار قام جهابذتنا يؤكدون أننا سبقنا للغرب في كل المعارف، وأنها كانت مكنونة مصونة في طيات ألفاظ مقدسنا ونحن لم نكن نعلم . دون أن تقدم تلك الجهود شيئاً حقيقياً ملموساً في حياتنا إلا المزيد من التخلف مع كل زيادة لمساحة المقدس في حياتنا.
|