لقد قام (ويليام) بتحميض الفيلم و طبعه ، و في اليوم نفسه ، ليسلمه إلى الصحيفة المحلية ، و هو يمني نفسه بأن يكون هذا الخبر هو قنبلة الصحيفة في اليوم التالي ، و أهم أخبارها ، و ..
و لكن أحداً لم يتصور قط أن خبر (ويليام رودز) لن يساوي شيئاً في صحيفة اليوم التالي ، لأن روزويل كلها كانت تنتظر مفاجأة ..
مفاجأة لا تخطر على بال أحد من سكانها ..
قط .
***
في تمام الرابعة عصراً ، و في محطة الراديو المحلية بمدينة البوكريك بولاية نيو ميكسيكو الأمريكية ، يوم 7 يوليو 1947 ، كانت موظفة المحطة (ليديا سلبي) تجلس هادئة كعادتها ، تنجز بعض الأعمال الإدارية المتأخرة ، عندما ارتفع رنين الهاتف فجأة ، على نحو أزعجها ، و انتزعها من تركيزها في عنف ..
و لأن ميزانية المحطة محدودة ، كانت ليديا تقوم ، إلى جوار أعمالها الإدارية ، بوظيفة عاملة الهاتف ن و مسئولة إرسال التليكس أيضاً ، لذا فقد التقطت سماعة الهاتف ، و سألت عن المتحدث ، الذي لم يكن سوى جوني ماك بويل الذي يمتلك مع أخته محطة إذاعية صغيرة في روزويل ..
و لما لم يكن جوني يمتلك جهاز تليكس ، فقد اعتاد الاتصال بمحطة ليديا ، كلما كانت لديه أخبار مهمة لتبثها هي إلى المحطات الكبرى ، عبر جهاز التليكس ، لذا فقد استقبلت هي الأمر في بساطة ، و لكنها فوجئت به يصرخ في انفعال شديد
ليديا .. اسمعيني جيداً .. لقد سقط طبق طائر ، بالقرب من روزويل .. لقد كنت هناك ، و شاهدته بنفسي .. إنه أشبه بطبق ضخم مقلوب ، نحطم جزء في طرفه .. بعض المزارعين هناك أيضاً ، و أحدهم حاول أن يجذبه بالجرار إلى جرنه ، و لكن الجيش وصل إلى هناك .. يبدو أنهم يسعون للحصول عليه .. المنطقة كلها مغلقة ..
ثم توقف لحظة ليلتقط أنفاسه ، قبل أن يعاود الصراخ لاهثاً :
ليديا .. هل تبثين ما أخبرك به ؟!
كانت بحكم خبرتها تضرب أزرار التليكس تلقائياً ، بكل ما تسمعه منه ، كما يحدث في كل مرة ، فهتفت ، و قد انتقل إليها الانفعال :
بالتأكيد .. أكمل ..
تابع هو ، بكل الانفعال و اللهفة :
انهم يتحدثون عن رجال صغار .. سجلي هذا .. رجال صغار داخل ذلك الطبق .. الجيش ينتشل جثثهم من داخله .. هناك جثتان على الأقل .
سألته ليديا بانفعال مماثل ، و هي تواصل البث :
هل رأيتهما بنفسك ؟!
كانت تتوقع منه رداً فورياً سريعاً ، مفعماً بالانفعال ، إلا أن ما سمعته ، على الجانب الآخر للخط الهاتفي ، لم يكن سوى ضوضاء غير مميزة ، و هتاف يأتي من بعيد ، و أصوات ارتطام و شجار ..
و في اللحظة نفسها ، توقف جهاز التليكس عن البث ، ثم استقبل رسالة محدودة ، راحت تتكرر في سرعة على نحو محموم :
أوقفي الاتصال فوراً .. لا تواصلي البث .
و بينما هي تحدق في الرسالة بدهشة قلقة ، فوجئت بصوت (جوني) ، يأتيها عبر الهاتف ، بانفعال أكثر شدة ، و هو يهتف :
لا تبثي ما أخبرتك به يا ليديا .. امحي كل شئ فوراً .. لا تبثي ما أخبرتك به ، و حاولي نسيان كل ما سمعته .. هل تفهمين ؟!
قالها و أنهى الاتصال بحدة لم تعهدها منه ، و على نحو جعلها تتساءل ، بكل ما اعتمل في نفسها من اضطراب :
ترى ما الذيحدث حقاً في روزويل ؟!
و لم يكن هذا سؤالها وحدها ، بل هو السؤال الذي ظل يتردد في كل الأوساط ، حتى يومنا هذا ..
السؤال الذي أجابته جريدة روزويل المحلية ، عندما نشرت في رأس صفحتها الأولى ، في صباح الثامن من يوليو تقول : طبق طائر سقط في روزويل ..
و لولا ما نشرته الصحيفة ، التي تتمتع كغيرها بحرية الصحافة في أمريكا ، فربما لم يكن هناك من سمع قط عن واقعة روزويل هذه ..
ففي السادسة من صباح 8 يوليو هذا ، حمل ميجور مارسيل و كابتن كافيت إلى رئيسهما في القاعدة الجوية ، قطعة معدنية ، طولها قدم واحد ، و عرضها ستة بوصات ، و أخبراه أنها جزء من حطام الطبق ، الذي سقط بالقرب من روزويل ..
و لقد كانت تلك القطعة المعدنية عجيبة للغاية ، بالنسبة لكل من رآها ..
فعلى الرغم من خفة وزنها الشديدة ، التي لا تتناسب قط مع حجمها ، كانت القطعة صلبة إلى حد مدهش ، حتى أن الميجور مارسيل المعروف بقوته ، قد عجز تماماً عن أن يثنيها ، على الرغم من كل محاولاته ..
و لقد تحدث الرجال الثلاثة بعض الوقت عما حدث ، ثم لم يلبث الرئيس أن حسم الحديث بقوله :
هذا الشيء يدهشني بحق ، و خاصة مع ملمسه ، الذي يجمع بين المعدن و البلاستيك ، و الذي لم أعهد مثله قط من قبل ، إلا أن الأوامر التي تلقيتها هذا الصباح ، صريحة و صارمة للغاية .
ثم شد قامته ، مضيفاً :
سنغلق الحديث في هذا الأمر ، و ننساه تماماً ، و كأنه لم يكن أبداً.. مفهوم .
و لم يكن أمام الرجلين سوى الموافقة ، و تسليم القطعة المعدنية مجهولة الهوية إلى رئيسهما ، و إغلاق فميهما طويلاً ..
و لكن ليس إلى الأبد …
ففي عام 1994 ، روى الكابتن كافيت القصة بتفاصيلها لمحرر جريدة (واشنطن بوست) ، التي أولت الأمر –آنذاك- اهتماماً كبيراً ..
و في روزويل نفسها ، و بعد ما نشرته صحيفتها المحلية ، توافد الآلاف ، من مختلف الولايات ، لإلقاء نظرة على موقع السقوط ، و سماع روايات السكان المحليين ، على الرغم من أن الجيش قد نقل كل شيء بعيداً ..
و في الخامس عشر من يوليو ، أي بعد سبعة أيام كاملة ، أصدرت قيادة الجيش الأمريكي بياناً ، قالت فيه: إن ما سقط في روزويل لم يكن سوى منطاد طقسي فحسب ..
و كان هذا مسار سخرية الكل ..
فلو أن الأمر كله يتعلق بمنطاد طقس و اختبارات ، لماذا انتظرت قيادة الجيش أسبوعاً كاملاً لتصرح بهذا؟!
بل و لماذا أغلقت المنطقة كلها حينذاك ؟!
و لم يصدق أحد ما أعلنه الجيش ، حتى أولئك الذين لا يؤمنون بوجود حياة عاقلة أخرى في الكون ..
و استمر الناس يتحدثون عن روزويل ..
و يتساءلون ..
و يدرسون ..
مئات الدراسات خرجت ، لتفسير ما حدث في روزويل ، و ما صحبه من تحركات عسكرية و سرية ..
و مع مرور الوقت ، بدأت بعض الحقائق تتكشف رويداً رويداً ..
و في عام 1980 أصدر تشارلز بيرلتز كتابه الشهير (واقعة روزويل) ، الذي جمع فيه كل الحقائق و الاستنتاجات ، حول ما حدث في تلك البلدة الصغيرة ، في ولاية نيو ميكسيكو ..
و لأول مرة بعد سنوات طوال ، أشار بيرلتز إلى الجثث ، التي تم العثور عليها ، داخل ذلك الطبق الطائر ، عام 1947 .
و لأول مرة أيضاً اتهم بيرلتز الحكومة الأمريكية بأنها تخفي جثتي اثنين من ملاحي الطبق الطائر ، و تخفي معهما حقيقة وجود مخلوقات في كواكب أخرى ، عن الشعب الأمريكي و العالم أجمع ..
و لك ترد الحكومة على اتهامات بيرلتز ، على الرغم مما لقيته من أصداء واسعة ، على كل المستويات ..
و ربما كان هذا ما زاد الأمر غموضاً ، و ضاعف من عدد مصدقيه ، على مرر السنين ..
التجاهل التام للحكومة الأمريكية ، في كل ما يتعلق بحادثة روزويل ..
فعلى الرغم من أن الحكومة قد أنشأت في الستينات لجنة (الكتاب الأزرق) ، المسئولة عن التحقيق في كل بلاغات و مشاهدات الأطباق الطائرة ، و التي انتهت باحتمال وجود ظاهرة تفوق إدراك البشر ، إلا أن نفس الحكومة ظلت تتجاهل تماماً ، دون أي تبرير ، أية إشارة إلى واقعة روزويل ..