* كنت قد ألتقيت بأكرم فوزي في سجن مزرعة طرة في مارس (آذار) 1994 عندما أصطحبنا رجال الإدارة العامة للإعلام والعلاقات إبانها ومعي عدد من الكتاب والصحافيين لإجراء حوارات مع التائبين لاكتشاف حقيقة توبتهم بأنفسنا، وفي الوقت الذي راح فيه كافة الصحافيين يركزون على هذه القضية كنت أحاور أكرم فوزي حول قضية أخرى حول ماهية الحياة داخل السجن بالنسبة لهذه الجماعات، وهذا هو نص الحوار الذي أجريته قبل أكثر من 11 عاما مع الإرهابي «التائب» أكرم فوزي:
* أخ أكرم، انت في أي تنظيم بالضبط؟
ـ أنا الآن في تنظيم الجماعة الإسلامية، بالتحديد منذ أواخر عام 1990.
* وقبل هذا التاريخ كنت منظماً في أي جماعة؟ ـ كنت منظما منذ عام 1986 في تنظيم الجهاد.
* هل أرتكبت أعمالا إرهابية من قبل؟
ـ نعم، خططت لتفجير مبنى مباحث أمن الدولة فرع شمال القاهرة، وقبض علي وتم الحكم علي بعشر سنوات ولكن في الاستئناف تم تخفيف الحكم إلى عام.
* وبعدها؟ ـ خرجت واشتركت في عدد من العمليات العسكرية الخفيفة مع مجموعة نزيه نصحي راشد (قام بتنفيذ محاولة إغتيال اللواء حسن الألفى وزير الداخلية عام 1993 عن طريق تفجير نفسه)، وأتهمت بعدها بالتستر على الإرهابي الهارب «مجدي الصفتي» (أحد كوادر تنظيم الناجون من النار) وحكم علي بالبراءة.
* ولكن كيف انتقلت من صفوف جماعة الجهاد إلى صفوف الجماعة الإسلامية؟ ـ بعد خلافي مع مجموعة نزيه نصحي راشد ودخولي السجن تم عزلي من قبل جماعة الجهاد، فلم أحصل على أية إعاشة منهم، وقد أحتضنتني الجماعة الإسلامية فأعلنت انضمامى لها عام 1990.
* وكيف أنضممت إلى قافلة التوبة؟ ـ لقد وجدت كلام الشيخ حسن الهلاوي مقنعا فوقعت على وثيقة التوبة. (اعلنت جماعتا الجهاد والجماعة الإسلامية في حينها أنهما قامتا باختراق مشروع التوبة وزرع متعاونين معهما داخل هذه القوافل).
* ما هي استراتيجية التنظيمين (الجهاد والجماعة الإسلامية)، وأنت تنقلت بينهما لسنوات عديدة؟ ـ تقوم استراتيجية الجماعة الإسلامية على مفهوم الثورة الشعبية ومن ثم فهم يعتمدون على الانتشار وسط الناس، وتجنيد أكبر عدد من الكوادر، ويتم التصرف في هذه الكوادر عن طريقين أحدهما رأسي، بمعنى تكوين اجنحة تخصصية، عسكرية واقتصادية، وسياسية، والآخر أفقي بمعنى تكوين هياكل للدعوة وجمع المال عن طريق التجارة والاتصال بأهل الخير، إضافة إلى الأطر التنظيمية الأخرى المختلفة في الجامعات والمعاهد، والمدن الرئيسية والقرى والأحياء الشعبية..الخ. أما الجهاد فالهيكل التنظيمي له عنقودي ومفرط جدا في السرية لدرجة أن الأفراد لا يعرفون بعضهم البعض ويعتمد في إستراتيجيته على حرب العصابات كخطة على المدى القريب، الانقلاب العسكري الذي تسانده ثورة شعبية كخطة على المدى البعيد.
* أكرم، كنت واحدا من قيادات تلك الجماعات، هل تحكي لي كيف يقضون يومهم داخل السجن؟ ـ اليوم يبدأ بتدريبات بدنية شاقة جدا هدفها عسكري بالأساس وعقب التدريبات تبدأ النشرة الصباحية التي يتم جمعها من خلال وكالات الأنباء وتسريبها يوميا إلى داخل السجن عن طريق أسر المعتقلين والمحامين بالإضافة لبعض العاملين بالسجن. وبعد النشرة تبدأ فترة راحة تستمر ما بين ساعتين أو ثلاث يبدأ بعدها البرنامج الرسمي لكل جماعة; فهناك غرفة الإعلام وهذه الغرفة لا يدخلها سوى المتخصصين في جمع المعلومات. التي تنقسم إلى قسمين، معلومات علنية يتم جمعها من خلال الصحف ووكالات الأنباء، ومعلومات سرية يتم تسريبها من عناصر خارج السجن وذلك لعمل أرشيف خاص بكل جماعة يضم أسماء الضباط والصحافيين والأماكن والأهداف، ويتم على أساس هذا الأرشيف رسم الخطط وإصدار التوجيهات عبر جسر مصنوع على نطاق ضيق يربط بين الداخل والخارج وغير معلوم إلا لفئة ضئيلة جدا ومحدودة وهي ما تشكل مجموعة القيادة. وهناك أيضا غرفة التحقيقات وهي خاصة بالتحقيق في أي واقعة تحدث داخل السجن وبالتحديد مع الذين يثار حولهم بعض الشكوك ويتم إصدار العقوبة وتنفيذها داخل هذه الغرفة.
هل تقوم تلك الجماعات بتدريس أى نوع من الثقافة داخل السجون؟ ـ هناك عدة مناهج تدرس داخل السجون (كان هذا قبل عام 1995) يأتي على رأسها المنهج العسكري والمنهج الشرعي. وتعتمد تلك الجماعات في تدريسها للمنهج العسكري على مذكرات تم تهريبها للسجن وأعدت في الخارج (في أفغانستان وجنوب لبنان والسودان)، هذا إلى جانب مذكرات قديمة للرائد عصام القمري (ضابط جيش تم اعتقاله في عام 1981 عندما أرشد عنه أيمن الظواهري، وتم تقديمه لمحاكمة كان شاهد الإدانة الرئيسي فيها هو الظواهري ايضا، ثم هرب بعد الحكم عليه ومعه اثنان من رفاقه، وجرت بينهم وبين الشرطة معركة كبرى انتهت بمقتله عام 1988) أخرجها من السجن أحمد راشد أحد قادة جماعة الجهاد (تزعم مشروع التوبة في السجون في منتصف التسعينات). أما المنهج الشرعي فتتم دراسته عبر كتيبات تختلف من مجموعة إلى أخرى، فالجماعة الإسلامية تدرس، «حتمية المواجهة»، وفتاوى الدكتور عمر عبد الرحمن، بالإضافة لميثاق العمل الإسلامي، وكتيبات بعنوان «من نحن وماذا نريد». أما الجهاد فيعتمد بالأساس على كتابي «الحصاد المر» و«العمدة في إعداد العدة» و» فلسفة المواجهة لطارق الزمر».
آخر تعديل بواسطة yaweeka ، 06-05-2005 الساعة 12:38 PM
|