14 – الكنيسة كلها فرحانة إلا واحد !!!
كانت الكنيسة كلها فرحانة لخلاص هذه الأسرة ، فرحانة بأمجاد قيامتها المستمدة من قيامة مؤسسها وفاديها ومنجيها ، يسوع البار القدوس ..فرحانة لنصرتها على شيطان الارتداد ، والظلمة الخارجية ، فرحانة لكل مرتد تنجح في إعادته وكل ضال تنجح في هدايته .
الكنيسة كلها فرحانة بانتصاراتها الباهرة على قوى الشر وجنود الظلمة، رغم ضآلة إمكانياتها المادية والبشرية ، فكل جيوشها عبارة عن صبي صغير ! وكل أسلحتها عبارة عن نبلة لصيد العصافير مزودة بحصوة ، أو حجير صغير ! بينما عدوها رجل حرب عملاق مزود بالسيف والرمح ، فيتقدم منه صبي الكنيسة الصغير لينازله، في واحدة من أغرب المعارك الحربية على مدى التاريخ ، والأكثر غرابة أن تجد الصبي الصغير يقول لعدوه بجراءة وثقة :أنت تأتيني بسيف ورمح ، وانا أتيك بقوة رب الجنود..
الكنيسة فرحانة بقوة رب الجنود العامل فيها ، رغم ضعفها ، فرحانة بإكليروسها ، وشعبها ، كلهم فرحانين إلا واحد !!! واحد وقف بعيداً تأكله نيران الغيرة والحسد !!!
منذ تأسيس الكنيسة ، وهذا الواحد يكره فرحها ، ويحبط آمالها ، ورغم أنه مجرد شخص واحد إلا أنه يملك طاقة هائلة في الشر والتخريب والتدمير ، وهو ليس مجرد واحد عادي ، بل كما قال السيد المسيح لتلاميذه في إشارة إلى يهوذا الاسخريوطي ( يو 6 : 70 ) :" أجابهم يسوع أليس اني انا اخترتكم الاثني عشر وواحد منكم به شيطان" ؟؟؟ وبدلاً من يتعظ هذا الواحد ، ويسرع بالتوبة ، وتصحيح المسار ، تمادى في غيه أكثر ، فقرر من هذه اللحظة أن يتخلص من هذا الخادم المسكين ، لكن حي هو الرب ، الذي يعرف كيف يحمي ابنائه، ويشتت جميع السهام المصوبة تجاههم .
15– ابن الخطيئة ، والحصاد المر
هناك خطية يرتكبها الإنسان تظل تعذبه طوال العمر ، تلكم الخطية التي يطلق عليها قداسة البابا تسمية : (غلطة العمر).
وكان رب هذه الأسرة قد ارتكب هذه الغلطة حينما تزوج من امرأة مسلمة متعصبة، فور ارتداده من 31 سنة ، الأمر الذي دفع بزوجته المسيحية الأصلية لترتد هي الأخرى ، بدافع الغيظ وكيد النساء ، وكأن لسان حالها يقول : إذا تركتني لأني مسيحية ، وتزوجت بمسلمة ، فهاانا قد صرت مسلمة مثلك ، ومثلها ، أي ليس لك حجة بعد ذلك لهجري !!!
وهو الأمر الذي جعله يحتفظ بها في ذمته ، وقد كانت امرأة ذكية للغاية ، لأنها وإن كانت قد أسلمت ، وعاشت كمسلمة ، إلا إنها لم تكن متعصبة دينياً مثل زوجها ، وكانت تشعر في قرارة نفسها بأنه ينبغي عليها أن لا تغلق الباب بالضبة والمفتاح ، بل تدعه موارباً ، لعل الله يأتي ليطرق على باب بيتها ذات يوم فيجده موارباً فيدخله ، على هذا فكانت مسلمة معتدلة غير متزمتة ، وربت أولادها وبناتها على الاعتدال ، فجعلت منهم تربة صالحة للزرع ، وتقبل البذار الجيدة . أما زوجها ، رغم أنه حفيد القديس بركات ، إلا أنه قد سقط في الفخ ، وصار متعصباً ، وعندما قرر الزواج للمرة الثانية ، اختار امرأة متعصبة شريرة تنحدر من عائلة شديدة التطرف ، وحدث أن انجب منها ولداً ، أطلق عليه اسم محمد . ثم حدثت خلافات زوجية بينهما انتهت بالطلاق ، وأحتفظت هي بالولد وأنشأته نشأة في غاية القسوة والجهل والتعصب ، فكبر محمد في الصعيد ، وهو مشحوناً بالحقد والكراهية على كل ما هو مسيحي ، وكان دائم التردد على أبيه في القاهرة، لزيارته ، وزيارة اخوته من أبيه .
16 – ابن الخطية يتحد مع الانسان الوحشي
فلما تطرق إلى مسامعه ، نبأ عودة أبيه للمسيحية ، وارتداد اخوته وأخواته عن الإسلام ، جن جنونه، وجاء من الصعيد محاولاً إرجاعهم ثانياً للإسلام ، لكن أبيه ( وكان الرب قد غير قلبه بطريقة مذهلة بحيث جعله يعود إلى أصله المسيحي النقي ، فصار وكأنه صورة مصغرة من جده بركات ) ..
تصدى له بقوة وحسم ، وحذره من الاقتراب من اخوته ، وقال له :
اسمع يا ولد ، إحنا كلنا بقينا مسيحيين ، ومفيش قوة في الدنيا تقدر تفصلنا ، أو تبعدنا عن المسيح
فعاد الابن المتعصب الى الصعيد ، وهو يضمر شراً لأبيه واخوته ، وقد تفتق ذهنه عن فكرة جهنمية مفادها استمالة قلب أخته إلى أحد اصدقائه المسلمين ، وكان (إمام) وهذا اسمه ، يعمل (جزار في المذبح) ويسير في الشارع وهو معلق ثلاث أجربة حول وسطه : جراب به سكين ، والثاني به ساطور ، والثالث به سنجة ! وكان يسكن داخل أحد المقابر المهجورة الموحشة ، فكان بالإجمال مجرد انساناً وحشياً .
وخافت الأسرة علي من بطش هذا الأخ المتعصب ، وبطش صديقه المجرم الوحشي، وكان هذا من الأخطاء الكبيرة التي وقعت فيها هذه الأسرة بدافع محبتهم لي ، وخوفهم على سلامتي ، فتعمدوا كلهم اخفاء الأمر عني ، رغم خطورته الشديدة ، لكن البنت الصغيرة ، وهي أشجع واحدة في الأسرة، أبلغتني سراً بخبر تردد أخوها المسلم عليهم ، ومحاولته إرجاعهم ، لكن أبوها تصدى له ، وكذلك هي وأخوتها ، لكنها بالرغم من ذلك ، لم تبلغني بأمر صديقه (إمام) لأنها كانت تخاف منه لئلا يقتلني .
وأن كانت قد المحت لي بذكاء خارق، إلى ضرورة تكثيف اهتمامي بأختها الكبرى، وقالت لي وهي تضحك حتى لا أشعر بقلق : يا ريت تشوف لها عريس !!!
قالت هذا دون أن تذكر لي ظهور بوادر علاقة عاطفية نشأت بينها وبين صديق أخوها الوحشي .
17– مشكلة عرقية / عاطفية !
وكانت الأخت الكبرى (19 سنة) سبق لها الزواج من مسلم وهي في السادسة عشرة من عمرها ، وأنجبت منه طفلة ، ثم تطلقت منه ، لتعيش منذ طلاقها في خواء عاطفي ، ضاعف من مرارته كون لون بشرتها ضارب في السمرة ، فكان من الصعب عليها إيجاد شخص مناسب لتتزوج منه ، بدون ما يشاركها في نفس لون بشرتها ، وهي مشكلة يعاني منها ذو البشرة السوداء في كل بقاع الأرض، الأمر الذي كان يتعبها نفسياً ، مما جعلني أفكر في البحث لها عن شاب مسيحي أسمر داكن، لكني لم أجد ، ففكرت في السفر إلى أسوان ، أو الاقصر ، لعلني أجد هناك من يكون له نفس لون بشرتها ، أو قريباً منها.
وكانت هذه من أغرب المشاكل التي تواجهني في خدمة الحالات الخاصة ، والتي لا أملك أمامها أية حلول وبدأت لأول مرة في حياتي أطرح على نفسي مثل هذا السؤال : لماذا يجد ذو البشرة السوداء في بلادنا ، وفي الكثير من البلدان ، صعوبات جمة في الزواج من ذو البشرة البيضاء ، أو القمحاوية، أو حتى السمراء ؟
18– مشكلة الانشغال في الخدمة
من أكبر المشاكل التي يواجهها خادم الحالات الخاصة المختبر والمتمرس هي كثرة الانشغال في الخدمة ، فالكل يوصى باللجوء إليه نظراً لخبرته وجديته ، لدرجة أن أرسل لي أحد الآباء المطارنة في أقصى الصعيد ، برجل مسن متصابي وعينه زائغة ( رغم إن عمره 74 سنة ) وكان قد أسلم ليتزوج من صبية !! وقال نيافته إن الايبارشية كلها ، كهنة وخدام ، (غلبت) فيه ، لأنه رجل متعب ، وأنه سمع عني وعرف أن مفيش حد يقدر يتعامل معاه غيري !
وجاءني هذا الرجل المسن المتصابي المتعب في هذا التوقيت ، وكان في الحقيقة رجل ظريف ودمه خفيف! واعطاني الرب نعمة في التعامل معه ، فأقنعته بالعودة للمسيح، فسلم لي اشهار اسلامه ، وحرر طلب عودة للكنيسة ، وظللت أتابعه حتى انتهت اجراءات عودته للمسيح ، لكنه رفض العودة إلى أهله بالصعيد ! وأصر على البقاء في القاهرة ، وفيما يبدوا أن سيدنا المطران (مصدق وتخلص منه !) ، حتى أنه فرح جداً لبقائه في القاهرة ، وطلب مني عدم السماح له بالعودة للصعيد لأنه مسبب مشاكل كبيرة لأولاده وبناته وأحفاده ، ووجوده خطر على مستقبلهم وسمعتهم ، ولكن نيافته نسى في غمرة فرحه ، أن يرسل لي مساهمة ايبارشيته في إيجاد السكن ، وتكاليف المشروع الذي يتعيش منه !!!!
__________________
لم اكتم عدلك في وسط قلبي تكلمت بامانتك وخلاصك لم اخف رحمتك وحقك عن الجماعة العظيمة اما انت يا رب فلا تمنع رأفتك عني تنصرني رحمتك وحقك دائما
|