عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 16-08-2003
pavnoti pavnoti غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2003
الإقامة: canada
المشاركات: 315
pavnoti is on a distinguished road
"أفراح المهزومين والحساب العسير للمنتصرين" سامي البحيري

الجمعة 15 أغسطس 2003 15:59
بكيت مرتان أيام هزيمة 1967، مرة عندما شاهدت الجنود المصريين يعودون من الجبهة وعلى وجوههم علامات الهزيمة والخيبة، وكان بكائى أشد عندما شاهدت على شاشات التليفزيون على الهواء مباشرة أعضاء مجلس الشعب المصرى صباح يوم 1. يونيو يهللون ويرقصون لتراجع عبد الناصر عن قرار الأستقالة "المزعوم"، وودت لو كنت أدفن نفسى بالحياه وأنا شاب صغير وقتها، وتسائلت كثيرا رغم حداثة سنى: ماالذى حدث؟ وكيف حدث؟ ومن المسئول؟ وأين ذهبت التصريحات العنترية والبروباجندا الأعلامية والتى شاهدنا عينة منها مؤخرا على يد "علوج الصحاف"، وقد كان كل الشعب العربى من المحيط "الهادر" الى الخليج "الثائر" ينتظر على أحر من الجمر تحرير فلسطين والقاء أسرائيل فى البحر، وكان بعض الضباط المصريين الذاهبين الى الجبهة وقتها منشغلين بتجهيز قائمة مشترياتهم عندما يدخلون "تل أبيب"، وكان الشعار والهتاف وقتها هو: "عبد الناصر ياحبيب ***بكرة حندخل تل أبيب" وبما أن شر البلية ما يضحك وعلى ذكر هذا الشعار لا بد أن أذكر النكتة التى أنتشرت وقتها فى عز أيام الهزيمة:
قطع صوت العرب أرساله العادى وتكلم "أحمد سعيد" بصوته الفخم الجهورى وقال: أيها العرب فى كل مكان يتحدث اليكم الزعيم الخالد جمال عبد الناصر من "تل أبيب"، وسمعنا صوت عبد الناصر بصوته الرخيم: أيها الأخوة المواطنون أتحدث اليكم من "تل أبيب"، والحمد لله هم هنا بيعاملونى كويس جدا حسب أتفاقيات جنيف!
تذكرت هذه الأيام المؤلمة وأنا أتابع هذه الأيام الحساب العسير الذى يلقاه "المنتصرون" (بوش) و (بلير) من قبل معارضيهم وبرلمانييهم وأعلامييهم، ليس على ادائتهم فى الحرب ولكن لأنهم بالغوا فى تبرير دخول الحرب، تلك الحرب التى أنتهت بأسرع من البرق وبخسائر بشرية لا تتجاوز خسائر أتوبيس أنحرف فى نهرالنيل بركابه.
ذلك الأنتصار الساحق كان من المفروض أن يبرر أى أخطاء قبل الحرب، وقبور صدام الجماعية وحدها كانت كفيلة بأغلاق ملف تبرير الدخول فى الحرب، ولكن المبدأ هو المبدأ، وما يقال الآن فى أمريكا، اذا كان بوش قد بالغ فى مسألة أسلحة الدمار الشامل للدخول فى حرب مع العراق، ما الذى يدرينا بأنه لن يتهور ويدخل فى حرب مع "الصين" مثلا بحجة أنها على وشك غزو (تايوان). وخرج (بوش) مؤخرا بكل شجاعة وقال أنه يتحمل مسئولية المعلومات المغلوطة التى ذكرها فى خطابه السنوى الى (الأمة الأمريكية) عن أعتزام العراق على شراء شحنات (يورانيوم) من أفريقيا لأستخدامها فى برنامجها النووى. ومسكين (بوش) لأنه لا يستطيع تعليق مشاكله على شماعة أمريكا مثل معظم الأخوة العرب.
أكتشفت أن معظم زعمائنا على مر التاريخ الحديث ( ما عندهمش دم)، فى أعقاب هزيمة 67 أنتظرت أن أسمع عن أنتحار أحد قادتنا العظام، فلم يحدث، حتى أنتحار (المشير عبد الحكيم عامر) كان (والله أعلم) مصطنعا حتى أن الشعب المصرى وقتها لم يصدق وأبتكر كلمة جديدة فى اللغة العربية وقال (إنتحروه)، وهى حل وسط مابين القتل والأنتحار!
بعد حرب48 وهزيمة سبعة جيوش عربية وضياع فلسطين على أيدى (العصابات الصهيونية وقتها)، لم نسمع عن تحقيق مع أى قائد أو زعيم، ولم نسمع عن أنتحار أى أحد، كل ما تمخضت عنه الصحافة وقتها هو أننا هزمنا بسبب "الأسلحة الفاسدة"، وطبعا هذه قصة مبالغ فيها جدا، وحتى مع أفتراض أننا مثل الذى أشترى الأهرامات، قد أشترينا أسلحة فاسدة، هذا عذر أقبح من ذنب، هل شحنا تلك الأسلحة مباشرة فى الصناديق من الميناء الى جبهة القتال، ألم يتدرب جنودنا على تلك الأسلحة بعد أستخراجها من الصناديق.
بعد حرب 56 تمت هزيمتنا هزيمة ساحقة على يد نفس (العصابات الصهيونية)، وكانت الحجة وقتها أن الجيش قد أنسحب من سيناء لحماية القناة والقاهرة من العدوان الثلاثى (أسرائيل – أنجلترا – فرنسا)، وكأن البلد كلها هى القاهرة، وأنه لا داعى للدفاع عن أى جزء آخر، ونزلت القوات الأنكليزية والفرنسية الى بورسعيد وأستولت على مبنى هيئة قناة السويس، ثم أنسحبت بسرعة بسبب أنذارالرئيس الأمريكى أيزنهاور وقتها والأنذار الروسى، وقد حدث الأنذارين نتيجة للتغييرات فى القوة الدولية فى العالم بعد الحرب العالمية الثانية. ولكن (على مين)، كانت مصر حتى 1973 تحتفل بعيد النصر!! يوم 23 ديسيمبر 1956، ومن فضلكم ماحدش يسألنى النصر على مين.!
وطبعا لم يحدث أى تحقيق مع أى مسؤول أو غير مسؤول فى سبب هزيمة الجيش فى سيناء. ويبدو أنه لايوجد أى شخص فى عالمنا العربى الجميل على أستعداد لتحمل أى مسؤولية، حتى أننى أتذكر بأنه كان يوجد فى أحد أحياء القاهرة محل صغير مشهور لبيع (الفول المدمس) اللذيذ، وكان يعلق على باب المحل لافتة تقول (ان خلص الفول أنا غير مسؤول)، تصوروا حتى بائع الفول لايريد أن يتحمل مسؤولية فشله فى توفير الفول لزبائنه!!

حتى حملة الجيش المصرى فى اليمن والتى ادت الى قيام حرب أهلية هناك وأطلقوا عليها حرب التحرير (لست أدرى تحرير من مين؟ اليمن لم يحتل فى تاريخه)!!، ولم نسمع عن أى تحقيق عن سبب تلك الحملة وما كانت نتائجها، وفى رقبة من؟ يقع ذنب آلاف الضحايا الذين ماتوا من الجنود المصريين ومن الشعب اليمنى، كل ما سمعناه من مؤرخى (نظرية المؤامرة) هو أن عبد الناصر قد تم توريطه فى حرب اليمن بهدف اضعافه تمهيدا لهزيمته فى 1967، وكأن زعمائنا الأفذاذ يتحركون بالتنويم التآمرى المغناطيسى، وكأن الشعوب تتبعهم مثل الأغنام المنومة مغناطيسيا أيضا! وما دمنا نتحدث عن حرب اليمن، لابد أن أذكر أن الشعب المصرى وقتها لم يكن مقتنعا بتلك الحرب وأطلق العديد من النكات عليها، وأذكر وقتها أن بعض اسماء القادة اليمنيين فى هذا الوقت كانت غريبة على الأذن المصرية، مثل: عبد الرحمن البيضانى وعبد الله السلال وعبد الله الأحمر وعبد الله الزبيرى، وتحكى النكتة بأن وفدا من القادة اليمنيين قام بزيارة عبد الناصر فى مكتبه بالقاهرة، وقام كل عضو من أعضاء الوفد على تقديم نفسه، حتى جاء الدور على أحد القادة الذى قدم نفسه قائلا: "قحطان الشعبى"، فرد عليه عبد الناصر قائلا: "وأنا شعبى قحطان"!!
أعذرونى على خلط الجد بالضحك، لأته يبدو أنه لا يوجد أمل الا الضحك والا مات الشخص هما وكمدا!!
حتى أنتصار حرب أكتوبر الذى لم يكتمل بسبب الثغرة التى حدثت بين الجيشين الثانى والثالث على جبهة قناة السويس، وهذه أمور تحدث ومتوقعة فى أى حرب، ولكن لم نقرأ عن أى تحقيقات رسمية عن موضوع الثغرة، من المسؤول؟ وهل كان يمكن تفادى تلك الثغرة؟ وهل كان هناك أى أهمال فى التخطيط أو التنفيذ لهذا الجزء من الحرب؟ وأسئلة كثيرة كان ولا بد أن تثار ويتم الأجابة عليها بصفة رسمية وشعبية، وليس بواسطة بعض القادة السابقين الذين يكتبون فى مذكراتهم بأنهم (أجدع ناس) وبأن الخطأ هو خطأ الآخرين.
ولكن لماذا (وجع الدماغ) بالتحقيقات التى لا لزوم لها والتى لن تؤدى سوى الى تشويه سمعة الوطن وقادته العظام!

آخر تعديل بواسطة pavnoti ، 16-08-2003 الساعة 10:32 AM
الرد مع إقتباس