السبابة تسب الابهام منقول عن البى بى سى
بي بي سي_ نيو يورك
لعل أبلغ تعبير يصف العلاقة السورية - اللبنانية في الأمم المتحدة حاليا هو أغنية زياد رحباني البسيطة الرائعة "اتغير هوانا". وليس المقولة الشهيرة "بردت دمشق، فعطست بيروت".
مقداد (من الخلف) يستمع إلى كلمة ميليس الذي يجاوره عساف
عندما بدأت جلسة مجلس الأمن عشية الثلاثاء لمناقشة تقرير ميليس، دعي المندوبان السوري واللبناني للمشاركة فيها وتلاوة بيانين أمام بقية الأعضاء.
جلس الوفد السوري برئاسة السفير فيصل مقداد في طرف الجلسة - وهي دائرة غير مغلقة- وجلس الوفد اللبناني برئاسة السفير ابراهيم عساف في طرفها القصي، وإلى جانبه ديتليف ميليس رئيس لجنة التحقيق في جريمة اغتيال رفيق الحريري.
صافح ميليس عساف بحرارة - فاللجنة وحكومته شريكتان في التحقيق- لكنه لم يصافح مقداد.
طالب عساف في كلمته سوريةبالتعاون- بينما الجميع هنا يطالبون سورية وعلنا بالانصياع.
إقدام وإحجام
في صباح الجلسة اتصلت هاتفيا بالسفير مقداد لأطلب منه مقابلة، فقبل مرحبا ومشتكيا من عدم عدالة الإعلام الغربي "الذي لا يقرأ الحقيقة كاملة". بعده اتصلت بالبعثة اللبنانية طالبا التحدث إلى السفير، قالوا ليس لدينا ما نقوله عن جلسة مجلس الأمن.
أعلمت الشخصية التي كانت تهاتفني بأن السفير السوري سيتحدث وإنه بوسعهم إعطاء وجهة نظرهم، قالت " يكفي ما حصلت، هل فعلا لديهم شيء يقولونه؟" لا يشرفنا التحدث فى مكان تحدثوا فيه
سألت نفس الشخصية، متى التقيتم نظراءكم السوريين وتبادلتم المجاملات الاجتماعية والدبلوماسية معهم؟ صارت نبرة محدثتي حزينه، وهي تقول "لا أعرف، بل لا أتذكر". لم تكن بيننا محادثات كانوا يأمرون و كنا ننفذ.
لم تكن المتحدثة في تلك اللحظة - على ما أدركت - تقدم ردا دبلوماسيا، بقدر ما كان توصيفا للشرخ الذي أصاب علاقة سوريا ولبنان، فجعلهما وجها لوجه حتى على مستوى الأشخاص.
في يوم ما كان لبنان بالنسبة لسورية في مجلس الأمن كالسبابة والإبهام يرتفعان سويا وينخفضان سويا، لكن الأمور تغيرت ولا يبدو أن الدبلوماسية قادرة حتى على إذابة الجليد.
السوريون بما لديهم من طواقم مؤهلة في الدبلوماسية، منفتحون بقوة على الإعلام في الوقت الراهن، ويردون دون خجل وبصبر، مع بقية من توجس لا يخفى مصدرها.
عندما وقف السفير مقداد أمام الصحفيين في مجلس الأمن سألته عما إذا كان ميليس قد طلب من سورية اعتقال مسؤولين كبار في الحكومة السورية أو استجوب رموزا كبيرة بين الخمسة الذين تحدث عنهم تقرير ميليس، قال: "أنتم ترتكبون أخطاء في الإعلام ولا أعرف ما إذا كانت محطتك ارتكبت ذلك، لكن لم يطلب منا ميليس اعتقال أحد".
كان السؤال باللغة العربية، ونفس السؤال طرحه مراسل غربي بالانجليزية "عما إذا كان المشتبه فيه السادس الذي لم يستجوبه ميليس هو اللواء عاصف شوكت صهر الرئيس السوري، قال السفير السوري: لن أؤكد ولن أنفي ذلك". وسؤال آخر بالإنجليزية أيضا : هل ستعتقلون المشتبه فيهم ؟ رد السفير ردا آخر - غير ما وجهه إلي سؤالي من تصحيح- "لم نتلق طلبا باعتقال الأشخاص بعد، وعندما يحدث ذلك سننظر ماذا نرى".
مقداد كان طويل البال وهو يتحدث إلى الصحفيين ويرد على ما قاله السفير الأمريكي جون بولتون من أن "سورية لا تستجيب إلا بالضغوط" فقال" إن بولتون مخطئ في كل ما يقول لأن بلاده لا تريد الخير لسوريا ولا للمنطقة".
وقد نفى السفير السوري أي إمكانية لفرض عزلة على بلاده من قبل أمريكا، وقال "كما ترون لدينا علاقات ممتازة بالجميع" وأيضا "إذا كانوا يعتقدون إمكانية إسقاط النظام فهم واهمون، النظام جذوره ضاربة في دمشق".
قبل أن تنتهي جلسة المجلس التي كان الصحفيون يعلمون أنها لن تطالب بعقوبات على سورية، وبعدما استمعت إلى كلام بولتون ومقداد ، أدركت أن ثمة حسابات لم تنته بعد بين واشنطن ودمشق، وما يحدث هو بالتأكيد جزء منها.
|