ولقد تكررت قرارات الحرمان في الداخل لكل شريف يقول كلمة حق، كنظمي لوقا الذي كتب يمتدح الإسلام والقس إبراهيم عبد السيد الذي كتب ينتقد البابا.. لكن هذه القرارات لم تلحق أبدا بخنزير مثل زكريا بطرس لا يجرؤ أبدا على مواجهة شاب مسلم في العشرينيات لديه الحد الأدنى من العلم الديني ( كما حدث في قصة فتاة حلوان) .. ولكنهم أعطوه قناة فضائية حيث يحصل على مائة وعشرين ألف جنيه مقابل كل محاضرة – واحدة – يلقيها.. وهو الجاهل عبد الشيطان!!..
نعم.. حرم البابا من لا يتفق فكرهم مع فكره وحرم من يختلف فكره مع فكره..
نعم.. حسمت أموال الخارج توجه رأس الكنيسة..
فتعداد هؤلاء المهاجرين، وإمكاناتهم المادية والأدبية، ونفوذهم وحركيتهم، وعلاقاتهم مع ولائهم للبلاد التي يحملون جنسيتها، وتسخيرهم أحيانا لخدمة المصالح الاستعمارية لتلك البلاد- وخاصة في أمريكا-.. وكذلك زيادة الفروع الخارجية لهذه الكنيسة، ومن ثم ثقل ونفوذ هذه الفروع.. كل هذا الجديد قد أحدث تطورا نوعيا وكيفيا – على حد تعبير الدكتور مورو- في حسابات وتوجهات الكنيسة، التي اتجهت غربا أكثر فأكثر، بعد رجحان كفة رعيتها الغربية على رعيتها الداخلية الوطنية.. ولقد كان دخولها في "مجلس الكنائس العالمي"- الذي أقامته المخابرات الأمريكية، إبان الحرب الباردة، لخدمة الهيمنة الأمريكية- بعد أن ظلت هذه الكنيسة رافضة دخوله لسنوات طويلة- كان ذلك إعلانا عن هذا التحول في التوجهات.. حتى لقد أصبح بعض الغيورين عليها- حتى من أبنائها- يخشون من اهتزاز طابعها الوطني التاريخي لحساب الغرب و ا لتغريب!.. وهذا هو ما حدث.. تحول البابا شنودة إلى قيصر..
ولقد كتب مدحت بشاي يهاجم البابا شنودة في مقال له بجريدة روز اليوسف:
- ألا تري سيدي البابا أن انشغالكم بأمور سياسية والتحدث في شأنها إلي جميع الأجهزة الإعلامية وتبني مواقف قد تكون متسرعة تأتي بشكل قاطع وحاد في أحيان كثيرة قد أدي بنا إلي حدوث ظواهر سلبية وتبعات تحدث هنا وهناك مثل أن تتبني جماعة قبطية فكرة السعي إلي إنشاء حزب الأمة القبطية الذي يرفع شعارات شديدة التطرف، أو يتم تنظيم مؤتمرات لأقباط المهجر تناقش أحوال أقباط الداخل بشكل منفرد ودونما تنسيق مع الكنيسة الأم في مصر؟
ـ لماذا تفرض سيدي البابا سلطانك الروحي والتأديبي إذا لزم الأمر علي المسيحيين داخل البلاد، أما التابعون للكنيسة في بلاد المهجر ورغم حبهم الجارف لقداستكم نجد منهم المارقين المتاجرين بمواقف عنترية مبالغ فيها وبدلا من أن يمدوا أيادي العون الخيرة للمساهمة في حل مشاكل المواطن المصري يرفعون الشعارات الكثيرة للفتن والمشاكل.. فلماذا لا تجدون وسيلة لوقف محاولاتهم التي قد تودي بأحلام السلام الاجتماعي في وطنهم الأم.
ـ ألا تري قداستكم أن ما استحدثتموه من أشكال احتفالية بمناسبة الأعياد في مقر الكنيسة الأم والتي صارت طقوسا سنوية بداية من ارتداء البابا لحلة جديدة تخطف الأبصار من شدة بريق الإكسسوارات ذات الألوان الفضية والذهبية والقرمزية المبهرة للاحتفال بمولد المسيح الذي اختار لميلاده مِزود بقر ثم الاحتفال بقيامته وهو الذي رآه العالم علي الصليب برداء متواضع لا يكاد يستر بدنه.. فلماذا البابا الراهب الزاهد يطل علينا ملكا يرتدي بزة أباطرة القرون الوسطي؟ ثم تطوف بنا الكاميرا فنلمح الصف الأول وقد شغلت كراسيه مجموعة كبيرة من المسئولين يمثلون رموز الدولة والسلطة التنفيذية والتشريعية بالإضافة لعدد من الشخصيات العامة ونجوم المجتمع أقباطا ومسلمين في صورة تليفزيونية أمريكاني .. وهنا أناشد الكنيسة أن توضح للناس مبرر مشاهد سيناريو احتفالات ليالي الأعياد وتجيب عن أسئلة المواطنين التالية: لماذا تشاركنا تلك النخبة صلاة العيد، فإذا كان للتهنئة فأظن أن مكانها هو الصالون البابوي في الكاتدرائية ولا مانع من حضور كل كاميرات العالم لترصد تلك اللحظة العبقرية والتفضل الأخاذ في ضرب الأمثلة علي التواد والمحبة! أما إذا كان ليتفضل البابا بتقديمهم بامتنان للمجتمع المسيحي الحضور في الكاتدرائية والمتابعين لصلاة العيد عبر شاشات التليفزيون فأري أنه مشهد عبثي لم تعد مدلولاته المظهرية المتكررة ذات معني أو قيمة.. فما معني أن يتابع الضيوف طقوسا شديدة الخصوصية.. تعذبهم موجات الوقوف والجلوس المتكررة ويصعب عليهم بالطبع فهم ما يقال باللغة القبطية التي يصعب علي المسيحيين أيضا فك طلاسمها ويتعجبون لهذا الإصرار من الكنيسة علي استخدامها في تباعد مترفع عن وجدان مصلين بسطاء يرفعون أكف الضراعة إلي المولي فتخرج من صدورهم حروف مفردات عامية بسيطة صادقة.. فالرب المستجيب للدعاء لم يشترط لصلاتنا أن تكون بالقبطية. هل تشارك الرموز المسيحية في احتفالات المسلمين بحضور صلاة عيد الفطر أو الأضحى في المساجد وساحات الصلاة أم يتم الاكتفاء بالمشاركة بزيارات تهنئة لرجال الدين في مكاتبهم وهو الأمر الطبيعي والمقبول.. فلماذا التزيد علي الجانب الآخر!؟ هل صارت من طقوس الأعياد المسيحية شعائر تتضمن قراءة كشوف أسماء المهنئين يعقبها تصفيق الحضور وزغاريد النساء؟ .القدس العربي 8-11
***
يتحدث الدكتور محمد عمارة عن تداعيات الصلف والمليارات والغباء والتعاون مع العدو ضد مصلحة البلاد.. يتحدث عن سقوط النخبة في مراكز "البحث "- في داخل مصر- في براثن العمالة والخيانة، ويتحدث عن أموال حرام استقطبت غلاة العلمانيين، وسواقط الماركسيين، والتي تمولها- بسخاء يسيل اللعاب- الدوائر والمؤسسات الأجنبية، لتعد "الملفات " عن ما يسمى باضطهاد الأقباط وهموم الأقباط ومظالم الأقباط.. تلك "الملفات " التي تفتحها وتستخدمها الدوائر المعادية لوحدة مصر في الخارج.. حتى لقد وصل الأمر بأحد هذه المراكز : " مركز ابن خلدون- مع الاعتذار لاسم فقيه الإسلام ابن خلدون!" أن يدعو صاحبه- د. سعد إبراهيم- إلى تنفيذ المخطط الإمبريالي- الصهيوني لتفتيت العالم العربي- أكثر مما فتتته اتفاقية "سيكس- بيكو" سنة 1916 م- فيطالب بإقامة كيانات "فيدرالية"، تحقق "تعددية سياسية"- نعم تعددية سياسية- لكل الأقليات في الوطن العربي "لأن المجتمعات التي تتسم بالتعددية الإثنية في الوقت الحالي، ينبغي أن تكون متعددة من الناحية السياسية أيضا..
نحن أمام جريمة خيانة عظمى ولسنا أمام مسرحية سافلة أو كاهن ساقط أو مغارة لصوص أو قيادات خائنة..
نحن أمام جريمة خيانة عظمى أيا كان وضع مرتكبها..
يصرخ الدكتور عمارة محذرا أن المشروع الغربي لا رابطة بينه وبين المسيحية الشرقية ومنها الأرثوذكسية المصرية- فهذه الأرثوذكسية، فضلا عن أنها جزء من نسيجنا الوطني والقومي والحضاري والثقافي والقيمى، فإن مسيحية الغرب لا تعترف بمسيحيتها؟!.. وإنما يتخذ الغرب الاستعماري- والصهيونية- منها "ورقة" يلعب بها في معركته ضد الاستقلال الحضاري للشرق، واليقظة القومية لأممه وشعوبه.
|