عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 16-06-2005
2ana 7or 2ana 7or غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2004
المشاركات: 745
2ana 7or is on a distinguished road
(تكملة...)
خمسة عشر يوما كانت كافية كى يبكى الواحد لأجل الملايين المسحوقة بالوعود منذ عام 1952، حين كانت كوريا تأكل ورق الشجر وتتحارب، حين كانت ماليزيا مستنقعات يعشش فيها التخلف، حين كانت الصين ترتدى البزات الزرقاء الكاكى وتوزع الطعام على مواطنيها بالكوبون، حين كانت أسبانيا تعيش حربا أهلية ويجثم على صدرها الديكتاتور فرانكو، حين كانت اليونان متدهورة ويسافر مواطنوها ليعملوا فى مقاهى مصر ومحلات بقالتها. أين هذه الدول الأن وأين نحن..!!!؟. خمسة عشر يوما كانت كافية لأن يبكى الواحد على نفسه وهو ينهزم يوميا أمام سوط الحكومة والإهانة والإذلال والقهر. خمسة عشر يوما كانت كافية لأن ترى مصر الغاضبة المتعصبة المنقبة المغيبة المتراجعة. لن ترى مصر الجميلة التى كنا نراها فى الأفلام الأبيض والأسود، لن ترى مصر الناهضة التى حلم بها الأوربى محمد على أو الخديو إسماعيل، لن ترى مصر التى صرخ فيها طه حسين ضد الخرافة والتغييب وعندما حاصره الرجعيون فوجد قضاءا متحضرا ينصفه وليس قضاءا تتسنمه الأصولية بارك قتل المفكر فرج فوده ودفع بنصر حامد أبو زيد الى الفرار بعقله الى هولندا. لن ترى مصر المتسامحة التى رسم بنوها الهلال والصليب على علم واحد حتى كتبوا دستورا لم ترى دولة ناهضة مثيلا له فى شموله وهو دستور 1923. لن ترى مصر المنفتحة الفتية التى إتسعت لكل الثقافات وإستمعت الى كل الألحان.

لن ترى مصر التى رأها الأستاذ الكاتب الكبير عبد الرحمن الراشد فى مقاله الخميس 16يونيو (حزيران ) بجريدة الشرق الأوسط. الكاتب المبدع نبيل شرف الدين أحد المرضى بحب مصر لم يطق صبرا وعلق على مقال عبد الرحمن الراشد، نزف نبيل شرف الدين أوجاعنا جميعا وهو يعقب على مقال الأستاذ عبد الرحمن، نبيل شرف الدين كان يحترق وهو يرد على المقال. نبيل شرف الدين كان جريحا ينزف يصر الأستاذ الراشد على أنه بخير وجاهز لمباراة فى المصارعة غدا. تحدث أستاذنا الراشد عن قاهرة غريبة لانعرفها نحن الصراصير المذعورة التى تلاحقنا " شباشب " الحكومة أنى رحنا حتى نعود الى بلاعاتنا الوثيرة بسلام. تحدث الراشد عن قاهرة تحتفى به وتستقبله فى فنادقها الفاخرة وتريه ليلها النيلى الساحر، تحدث عن طبقة متوسطة لاوجود لها وإن وجدت فهى مغيبة ومسحوقة بسيف القهر والفساد والتغييب الدينى والأخلاق القشرية والإعلام السطحى التافه. الطبقة المتوسطة التى كانت تجلس فى الصفوف الأولى لحفلات أم كلثوم فى وقار يعبر عن خلفياتها الثقافية إندثرت وحل محلها أغنياء الحرب وأثرياء الفساد.

كنت أهتف خلف نبيل شرف الدين وأتمنى لو كتب الأستاذ الراشد عن المسحوقين الذين يقفون فى طوابير غسيل الكلى التى أفسدتها مياه الحكومة فى دلتا مصرالقابعة بين فرعين للنيل السعيد، كنت أتمنى أن يكتب الأستاذ الراشد عن أقسام الشرطة ومايحدث فيها عندما تدخلها مواطنا شريفا وتخرج منها إرهابيا تحت التمرين، كنت أتمنى أن يكتب الأستاذ الراشد عن بلطجية الشوارع والمواصلات الذين يتحرشون بكل جميل وطيب فى هذا البلد، أجهزة الشرطة قد تطارد ولدا وبنتا يجلسان على كورنيش النيل فى النور أمام المجتمع وتأخذهما الى قسم الشرطة حيث يتحرشون بالبنت ويتركون ألف بلطجى يمرحون فى شارع من الشوارع، حدث هذا ويحدث كل يوم. كنت أتمنى أن يكتب الأستاذ الراشد عن إهانة المواطن وإذلال كرامته كلما كانت له حاجة فى مصلحة حكومية أو دائره سنية، عبد الرحمن الراشد لم يرى القاهرة الحقيقية وعذاباتها، لم يشاهد بعينه التحرش بغير المحجبات مسلمات ومسيحيات، لم يسمع عن دروس المنقبات فى عربة السيدات بمترو الأنفاق وسب وإهانة غير المحجبات والدعاء الجماعى عليهن، لم يستسلم صاغرا لميكرفون ألف وات معلق فى شرفة منزله ضمن ستة ميكروفونات أخرى فى شرفات مجاورة بأمر واعظ غاضب من كل شىء ناقم على كل شىء يريد أن يتجرع الجميع ترهاته وصوته الأجش صباح مساء بمسجد حى الشباب بمدينة العبور المصرية، لم يقف فى طوابير الخبز لأجل أطفاله، لم يجرب أن يكون أبا لأربعة شباب أنفق عليهم عمره ليتخرجوا من كليات القمة ويجلسون لسنوات على المقاهى أو تتخطفهم الدروشة والتطرف والكراهية لأنه لايملك واسطة. لم يرى شبابا يبتلعهم الموج فى البحر الأبيض المتوسط فى رحلة الهروب الى أوربا، لم يسمع عن شاب متفوق بإمتياز إنتحر لان موظفة كانت تتناول إفطارها فى جهاز التمثيل الدبلوماسى التجارى قالت له طلبك مرفوض لأن والدك مجرد عامل بالمصانع الحربية والتمثيل التجارى لايقبل إلا" أولاد الناس" أستاذنا عبد الرحمن لايعرف أنه فى مصر المذيعة لابد أن تكون بنت مذيعة والطبيب إبن طبيب والقاضى من سلسال قضاة وضابط الشرطة إبن ضابط، وأستاذ الجامعة أبنه بالضرورة أستاذ بعد سنوات معدودة، ووفق نفس النظرية فالبسطاء يورثون الأبناء فقرهم وإنسحاقهم.

نبيل شرف الدين لم يكن يرد على مقال الراشد، كان يصرخ فى مرارة مثلنا جميعا، صديقى الذى لم أقابله قط وأعرفه منذ كان يكتب فى مطبوعه من مطبوعات الأهرام أظنها الأهرام العربى فى باب عن الكومبيوتر صرخ نيابة عنا وصحح المانيفست السياحى الممهور بتوقيع الراشد فى جريدة الشرق الأوسط.

أستاذى المبدع عبد الرحمن الراشد أدعوك الى رحلة الى وطنى ووجعى وجرحى حتى ألقى الله مصر.أسبوع واحد ياسيدى تأكل فية طعامنا وتشرب ماءنا وتذهب معى فى رحلة بسيطة لإستخراج شهادات ميلاد لإبنتى أو تجديد رخصة قيادة أو العلاج فى مستشفى حكومى.. بشرط أن أكون أنا مرشدك السياحى أو الأستاذ نبيل شرف الدين.

دعوة للبكاء:

نكته قاله زميل دراستى يحمل ليسانس الأدب الإنجليزى ويعمل ماسح سيارات بمحطة خدمة السيارات موبيل بطريق القاهرة الدائرى، عندما باغته وجهى من سيارتى المتواضعة أسأله أن يمون سيارتى. تبادلنا تظرات طويلة صامتة قبل أن يندفع كلانا فى عناق طويل ونحن نبكى، أقسم بالله العظيم، أقسم بوطنى الذى أعشق حتى حتى طيوره أننى حتى هذه اللحظة لاأعرف مالذى دعانا الى التشارك فى هذا البكاء المرير، أما النكته فهى:

" من كثرة الذين يبرزون لى من سياراتهم المكيفة ويبادروننى قبل السلام بعبارة " إنت ماتعرفش أنا مين " أو عبارة مباحث أمن الدولة" أخاف أن أموت وأحاسب وأدخل الجنة فيبرز لى أحدهم شاهرا بطاقته فى وجهى : قف مباحث أمن الجنة.. إنت ماتعرفش أنا مين "

نداء هام من نجيب محفوظ فى ثرثرته النيلية :

" يـا أى شىء : إفعل شيئا فقد طحننا اللا شىء "

كاتب ومواطن من مصر aymanalsimery@yahoo.com
http://www.elaph.com/ElaphWeb/AsdaEl...05/6/69733.htm
2/2
الرد مع إقتباس