عرض مشاركة مفردة
  #5  
قديم 13-06-2006
الاصلاح الاصلاح غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 300
الاصلاح is on a distinguished road
مباحث أمن الدولة : أخطر أجهزة الأمن ليس في مصر فحسب، بل في المنطقة


تحقيق خاص ـ نبيل شرف الدين :نواصل في الحلقة الثانية قصة أخطر أجهزة الأمن ليس في مصر فحسب، بل في المنطقة برمتها، وكنا قد توقفنا في الحلقة الأولى عند المقارنة بين نادي ضباط الشرطة ونادي القضاة، وهو ما يقودنا إلى مسألة قد لا يستسغيها كثير من القراء، تحت مؤثر سمعة أجهزة الأمن السيئة، وتراثها القمعي، فضلاً عن انحراف بعض الضباط بالسلطة إلى التورط في جرائم التعذيب والتلفيق والتنكيل وغيرها، لكن كل هذا لا يحول دون التأكيد على أن ضباط الشرطة من أكثر فئات العاملين في الدولة المصرية في حجم الجهود الملقاة على عاتقهم، بغض النظر عن تقويم تلك المهام فهذا شأن آخر، ومع ذلك فليست هناك ثمة جهة تدافع عنهم أو حتى تتعاطف معهم.


إلغاء أمن الدولة


يبقى السؤال عن معالجة تضخم سلطات وصلاحيات جهاز أمن الدولة إلى حد يجعل منه مركز قوة موازياً للسلطة السياسية، وتتحول معه المناخ العام إلى أجواء الدولة البوليسية التي يتحكم الأمن في كافة مفاصلها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقد طالعنا مؤخراً مركز حقوقي بمطالبته بإلغاء جهاز مباحث أمن الدولة، "باعتباره جهازًا أخطبوطيًّا يمدٌّ أذرعه في كُلِّ ركنٍ وفي كل شبرٍ من أرضِ مصر" .

ووصف (مركزُ النديم)
الجهازَ بأنَّ أفراده متوحشون يستخدمون الرجال والنساء من المسجلين الخطرين

وأضاف أنَّ أفراد الجهاز "انتشروا حتى أصبحوا مثل وباءِ الطاعون، يحومون في كلِّ مكانٍ؛ في الشارعِ وفي وسط المظاهرة، وفي الجامعة وفي النيابة، وفي لجان الانتخابات وفي المحاكم وحتى في البيوت، يحملون فيروس الرعب ويسعون إلى بثِّه في كلِّ قلبٍ ينبضُ بحبِّ هذا البلد"، كما ورد بتقرير المركز الحقوقي المصري المعروف .

وأرجع المركز أسبابَ توحش إلى عناصر هذا الجهاز قائلاً إنهم يستندون إلى حصانةٍ غيرِ قانونيةٍ

مصدرها قانون الطوارئ والاستبداد السياسي

وأكد المركز ضرورةَ إلغاء الجهاز فورًا، مشيرًا في البيانِ الذي أصدره في هذا الشأنِ إلى أنه "لم يعد هناك بدٌّ من أن يُزال هذا الجهاز من أساسه"، وأنه "لم يعد يكفي المطالبة بمحاكمتهم أو إقالتهم"، فوصولهم إلى المحكمة مرتبط بموافقةِ النائب العام المعين من قِبل السلطة التنفيذية، التي يُمثل هذا الجهاز صمام الأمان لوجودها"، كما أنَّ "سلطة إقالتهم منوطة بمَن عيَّنهم من البداية لبثِّ الرعبِ والخوف في قلوبِ المواطنين بدون مراقبةٍ ومحاسبةٍ من قانونٍ أو جهةٍ سواهم هم أنفسهم، فهم فعليًّا فوق القانون .

واختتم (مركز النديم)
بيانه قائلاً : "إننا لم نعد في حاجةٍ إلى دليلٍ مادي جديد، فالأدلة المادية تملأ الشوارع، وبعضها في القبور، ولا مجالَ لإنصافِ هؤلاء جميعًا سوى بالنضالِ من أجلِ إلغاءِ هذا الجهاز الإجرامي"، حسب ما ورد في البيان المشار إليه .

من هنا تكون البداية

بأن يخضع جهاز أمن الدولة لإعادة ترتيب من داخله

وهذا لا يتسنى إلا من خلال ثلاثة شروط أساسية

الأول : أن تتجه الإرادة السياسية إلى ذلك، وهذا بتقديري مستبعد في الوقت الراهن، حيث لا يزال النظام الحاكم في حاجة إلى خدمات هذا الجهاز وفقاً لأدائه الراهن

والشرط الثاني: أن يجري ذلك بإشراف خبرات من محترفي الأمن المسيسين، وهؤلاء قلة نادرة خاصة بعد أن تعرض جهاز أمن الدولة لسلسلة من التصفيات في خبرات الجهاز وكوادره، وهو الأمر الذي مارسه كل وزراء الداخلية خلال العقود الثلاث الأخيرة، فكل وزير جاء قام بعملية تصفية أطاحت خبرات مهمة، فإذا كان الوزير قادماً من خارج الجهاز كما هو حال حسن الألفي أو عبد الحليم موسى أو زكي بدر، جاء محملاً بصورة سلبية عن ممارسات بعض قادة أمن الدولة معه، كما حدث مع زكي بدر مثلاً، وبالتالي تبدأ لعبة الانتقام بالتنكيل بكل من اصطدم به ذات يوم، وإن كان الوزير قادماً من داخل الجهاز فهو قادم بالضرورة مثقل بحساباته الداخلية، حين كان طرفاً في لعبة المنافسة المهنية وصراع السلطة داخل الجهاز، وبالتالي سيجدها فرصة مواتية لتصفية كل خصومه السابقين، وبالتأكد سيكون هناك من بينهم خبرات مهمة يتطلب إعدادها عقوداً طويلة، وهكذا بتكرار عمليات التصفية يجري تفريغ الجهاز من كوادره الاحترافية، وتتحقق النظرية القائلة إن العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة، ومن أبرز سمات الانحراف تدني الكفاءة .

وأخيراً فإن الشرط الثالث: يرتبط بالمناخ السياسي، فإن عجز الحزب الحاكم والنخبة السياسية في الحكم والمعارضة الرسمية على السواء، عن كسب معاركها السياسية في الشارع المصري عبر الأدوات السياسية المعتبرة والمتعارف عليها في كافة النظم الديموقراطية الحقيقية، مما يجعلها توكل هذه المهمة إلى أجهزة الأمن لتواجهها بأدوات القمع التقليدية، وهو ما حول جهاز مباحث أمن الدولة إلى أهم حزب سياسي فعلي يطلع بحماية النخبة الحاكمة عبر التخلص من كل منافسيه أو حتى من يشتبه في احتمال توجيهه أسهم النقد، والإدانة لهذه النخبة التي أبرزت الثلاثين سنة الماضية عجزها الكامل في ممارسة عمل سياسي يحتكم للشارع وهذا يعني ببساطة أن الأمر في البداية والنهاية يرتبط بقدرة النخبة السياسية على الفطام الأمني، وأن تعتمد على أدواتها السياسية، ولا تلجأ لنظرية الضرب تحت الحزام باستخدام الأمن في أعمال أبسط ما توصف بها بأنه إجرامية ولا يمكن أن تتسق مع مزاعم الإصلاح السياسي بينما يتمدد جهاز الأمن في كل شبر، كثعبان أسطوري يلتهم كل من حوله .

Nabil@elaph.com

آخر تعديل بواسطة الاصلاح ، 13-06-2006 الساعة 05:18 AM
الرد مع إقتباس