عرض مشاركة مفردة
  #5  
قديم 23-06-2004
الصورة الرمزية لـ amoni
amoni amoni غير متصل
Gold User
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: في قلب مسيحي
المشاركات: 1,626
amoni is on a distinguished road
خدعة في فك الارتباط عن الواقع
بقلم: عميره هاس
هآرتس - 2/6/2004
المستشفى الحكومي في رفح تلقى في الاسبوع الماضي من جمعية فلسطينية غير حكومية (لجان الانقاذ الطبي) اربع ثلاجات تتسع لاربع وعشرين جثة اضافة الى الثلاجة القديمة الموجودة فيه والتي تتسع الى ست جثث فقط. بذلك ستنتهي مشاهد الجثث الملقاة في الثلاجات التجارية بصورة تبعث على الفزع والقشعريرة.
هذا العتاد الجديد يعتبر خلاصة للتوقعات الفلسطينية للعام أو العامين القادمين على الأقل: شارون سيحاول دفع خطة فك الارتباط التي طرحها بينما يحاول جيش الدفاع الاستمرار في مهاجمة القطاع، وستبقى رفح بؤرة للهجمات حيث سيقتل فلسطينيون كثيرون ويتحول آخرون الى مُشردين بلا مأوى، في اسرائيل سيتحدثون عن صيغ مختلفة لفك الارتباط وسيحاول الفلسطينيون ضرب الجيش وزرع العبوات الناسفة على الطرقات وتطوير صواريخ القسام ومحاولة تهريب الاسلحة بأي طريقة كانت. في اسرائيل سيتداولون في الألم الناجم عن اخلاء المستوطنين من منازلهم، ومصر ستقترح اقتراحات من جانبها وجيش الدفاع سيدمر المزيد من منازل الفلسطينيين وما تبقى من حقولهم وبياراتهم، ولكن كل ذلك بهدوء. الجيش الاسرائيلي هدم 23 منزلا في بلوك (ج) في رفح بين يومي السبت والاحد، فهل سمع أحد عن ذلك؟.
مشاهد الدمار هذه التي ذاقها سكان رفح وخانيونس منذ عام 2001 غابت وستغيب عن شاشاتنا ووعينا. الفلسطينيون الذين فقدوا منازلهم في القطاع منذ الآن (17 ألف حسب معطيات الامم المتحدة) يبلغون ضعف عدد مستوطني القطاع.
بسبب هذه التوقعات تبدو المداولات الاسرائيلية المتثاقلة والتسويفية حول الانسحاب في نظر الفلسطينيين خصوصا في رفح وفي قطاع غزة عموما كمناورة خداعية للفرار من الواقع اليومي الآني جدا المتمثل بالدمار. فك الارتباط الذي وجهت اليه خطة شارون هو فك ارتباط الضفة عن غزة، أي عزل الفلسطينيين في غزة عن إخوانهم في الضفة الغربية. أي دق إسفين جديد في حل الدولتين إن كان المقصود من الدولة الفلسطينية هو اقامة دولة قادرة على الوجود وليس مجموعة من الجيوب المعزولة المقطعة الأوصال. لذلك تفسر المداولات الاسرائيلية حول فك الارتباط في نظر أهالي القطاع على انها محاولة جديدة للتملص الناجح من المسؤولية الاسرائيلية عن المناطق المحتلة.
هنا ايضا يقوم شارون بتطوير ما بدأه من سبقوه. عزل الضفة عن غزة بدأ منذ مدة من الزمن، في عام 1991، عندما فرضت اسرائيل سياسة الاغلاق وقيدت حرية حركة الفلسطينيين بدرحة قصوى. الفصل أصبح شديدا بصورة متصاعدة منذ عام 1994. هذا العزل أصبح في الواقع أحد الخطوط الهيكلية المميزة لاتفاق اوسلو كما سيطبق الامر على الارض. هذا رغم البنود الواردة في الاتفاقات والتي تعترف فيها اسرائيل بأن الضفة وغزة وحدة جغرافية واحدة. هذا الفصل كانت له ثلاثة تعبيرات مركزية:
اولا، اسرائيل واصلت السيطرة على سجل السكان الفلسطينيين بفعل الاتفاقات (أي تحديد عدد الفلسطينيين الذين يعودون من الخارج ويطلبون المواطنة في مناطق السلطة)، واصدار بطاقات الهوية الفلسطينية يلزم الفلسطينيين بالحصول على مصادقة اسرائيلية عليا. استبدال العنوان السكني في داخل المناطق اعترف به كحق "للسلطة". الا ان اسرائيل منعت بحكم سيطرتها على تسجيل التفاصيل استبدال العنوان من غزة الى الضفة في حالات كثيرة حتى لاطفال غزة الذين يعيشون في الضفة منذ مدة طويلة وتعلموا فيها وأقاموا عائلات لهم. الغزاويون الذين يعيشون في الضفة هم بمثابة "مقيمين غير قانونيين" وهم مهددون بالابعاد الى غزة في أي لحظة.
ثانيا، السيطرة الاسرائيلية على تصاريح الدخول والخروج أدت بالتدريج الى تقليل عدد سكان القطاع الذين يتعلمون في مؤسسات الضفة، وتصاريح الاقامة في الضفة لم تمدد محولة الطلاب الغزاويين في جامعات الضفة الى مقيمين غير شرعيين أو عالقين في القطاع وغير قادرين على العودة الى مقاعد الدراسة. المؤسسات التعليمية تحفظت من تسجيل الطلاب الغزاويين والعائلات رفضت ارسال أبنائها للدراسة في الضفة خشية ان لا يروهم من جديد. نفس الشيء حدث مع عدد الفلسطينيين الذين يتوجهون من القطاع الى الضفة لاسباب تحول حرية الحركة الى حرية أساسية يحظر إستلابها كالمرض والثقافة والراحة والأواصر العائلية والاجتماعية، ومجرد الحركة من اجل الحركة.
ثالثا، حسب الاتفاقات "الانتقالية" يتوجب ان يكون المورد المائي الغزاوي "مستقلا"، أي ان على السكان الفلسطينيين ان يسدوا احتياجاتهم من موارد المياه الموجودة داخل القطاع.. الإذن المحدد الذي أعطته اسرائيل للسلطة الفلسطينية بتطوير مواردها المائية في الضفة لم يأخذ بالحسبان ما يحتاجه القطاع من المياه.. فماذا يشبه ذلك؟ هذا يشبه مطالبة سكان ايلات والعربة بأن يكتفوا بمواردهم المائية الذاتية المحصورة في منطقتهم الضيقة. الضخ المفرط للمياه يحول دون شرب المياه من الصنابير. الماء الغزاوي يتحول الى ماء غير صاف ومالح شيئا فشيئا ويستوجب التصفية المنزلية أو شراء المياه العذبة المطهرة. في اسرائيل اشخاص يقدرون ويأملون ان يستكين الفلسطينيون مع ضغط الحقائق على الارض والضائقة المتزايدة الى هذا الواقع القائم على العزل والفصل وان يُسلموا بنتائجه الخطيرة على المجتمع والاقتصاد الفلسطيني. ربما تتحقق آمالهم لفترة محدودة من الزمن ذلك لان هذا الطريق لا يوصل الى السلام والأمن.
__________________
From all the things i have lost i miss my mind the most
http://www.youtube.com/watch?v=pMePM...layer_embedded
الرد مع إقتباس