عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 04-07-2003
ELSHIEKH ELSHIEKH غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2003
المشاركات: 569
ELSHIEKH is on a distinguished road
لا نص صريحاً في القرآن أو الحديث على دوام الحال

من ناحية أخرى لا يوجد نص صريح في القرآن أو في أحاديث الرسول، يقول أن آيات القرآن أو أحاديث الرسول عابرة للتاريخ، وتصلح لكل زمان ومكان. وما هذه المقولة إلا من اجتهاد الفقهاء السياسيين في العصور المختلفة. وتلك كانت واحدة من مآثر القرآن ومآثر أحاديث الرسول الذي لم يُغلق سير التاريخ والحياة ويوقفهما على نصوص القرآن أو أحاديثه فقط، بل أبقى هذه النصوص مفتوحة، أن صلُحت للحال المتجدد أُخذ بها، وإذ لم تصلُح نتيجة لتغير الأحوال أُخذ بغيرها شرط أن تتوفر فيها المصلحة العامة. ومن هنا، قال الشيخ محمد الغزالي في كتابه (مائة سؤال عن الإسلام، ص 170): "لا نسخ في القرآن أبداً، إلا ما كان بمعنى تخصيص العام، أو التدرّج في التشريع". والعالم كله – كما هو معروف - يسير من "العام إلى الخاص"، منذ أقدم العصور إلى الآن، ويتدرج في التشريع منذ عهد آدم إلى الآن. وما القوانين المدنية الموضوعة، والمتغيرة من حين لآخر، إلا نموذجاً للتدرّج في التشريع.
فلا نص قديماً يُطبّق على حال جديد، إلا بما اتفق.


الشيخ البنا يدعو إلى إلغاء تفاسير القرآن

لقد وعى كل هذا في أيامنا هذه، شيخ "خارجي" من شيوخ الإسلام، وهو الشيخ جمال البنَّا شقيق مؤسس "حركة الأخوان المسلمين" حسن البنَّا. فقد دعا الشيخ جمال البنَّا إلى إلغاء كافة تفاسير القرآن، والإبقاء على القرآن بدون تفاسير، لكي يفهمه كل واحد على قدر سعة عقله، ومعرفته، وإدراكه، دون تدخل من المفسرين أصحاب المصالح والمشالح (العباءات) في تفسير القرآن. وهو ما عبَّر عنه في القرن التاسع عشر الشيخ محمد عبده، عندما حدد نشاطه الفكري الساعي الى: تحرير الدين من قيد التقليد، وفهم الدين على طريقة سلف الأمة قبل ظهور الخلاف، والرجوع في كسب معارفه الى ينابيعها الأولى.
وقال الشيخ جمال البنَّا كما قرأنا في نشرة "الميدان" التي تصدر في القاهرة، عن "الإخوان المسلمين" بأن الإسلام من القوة، بحيث لا يحتاج إلى من يدافع عنه. وأن القرآن من الوضوح والجلاء، بحيث لا يحتاج إلى من يفسره ويُغرقه في كثير من الايديولوجيات. وقال البنَّا بأن تفاسير القرآن المختلفة والمتعددة هذه قد حجبت نور وجوهر الإسلام من أن يصل إلى النفوس. وأن المفسرين طرحوا في هذه التفاسير فكرهم هم، وأغراضهم الشخصية السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

وقال جمال البنَّا بأن الرسول لم يأمرنا بتفسير القرآن، وإنما بتلاوته فقط. وأن الرسول نفسه لم يقم بتفسير القرآن كما أن الخلفاء الراشدين من بعده لم يقوموا بتفسير القرآن. ولو كان القرآن بحاجة التي تفسير لقام الرسول بتفسيره - فهو الأولى بتفسير القرآن وخير من يفسره - أو لقام الصحابة من بعده بتفسيره وهم أقدر الناس على تفسيره لعلمهم بأسباب نزوله. ولكن ما حدث هو عكس ذلك، إذ أن عمر بن الخطاب قد قام بمنع تفسير القرآن، وقال قولته الشهيرة : "القرآن حمّال أوجه".


فماذا كان مصير جمال البنَّا هذا، نتيجة حملته على الشيوخ المفسرين للقرآن لأغراض خاصة ؟

لقد قام عليه أشياخ الأزهر، وصدرت فتاوى أزهرية كثيرة في حقه، منها ما أدانه بالكفر، ومنها ما أدانه بالالحاد، ومنها ما أدانه بالمروق. وهوجم جمال البنَّا هجوماً شديداً. ولعلنا ندرك ونفهم السبب من وراء هذا الهجوم الكاسح على جمال البنَّا من قبل أشياخ الأزهر.

إن السبب الرئيسي وراء هذا الهجوم من أشياخ الأزهر وغيرهم من شيوخ التفاسير، أن جمال البنَّا بدعوته إلغاء تفاسير القرآن السابقة وإيقاف تفسير القرآن من قبل كل شيخ على هواه، معناه تقليص السلطة الدينية والهيبة الدينية للأزهر وأشياخه ولباقي الأشياخ. وهذا يعني في زعمي أموراً كثيرة وخطيرة، منها:

1. ازاحة السلطة الدينية عن أن تكون واسطة بين المسلم والكتاب، أو بين المسلم والحديث النبوي، وبذا تنتفي أهمية هذه السلطة وأهمية خدماتها كوسيط بين المسلم وربه.

2. رفع وصاية المؤسسة الدينية عن تفسير الكتاب والسُنَّة. وهذا من شأنه أن يُقلّص من أهمية المدارس الدينية المنتشرة في العالم الإسلامي كله، والذي يقوم الأزهر بتزويدها بالمدرسين المفسرين.

3. تقليص السلطة السياسية والاجتماعية والاقتصادية لأشياخ الأزهر حيث يجردون من سلاح الفتاوى التي تُعلي من شأنهم، وترفع مناصبهم في أعين السلطة والمجتمع وتمتعهم بالمميزات الكثيرة والكبيرة، وتأتي لهم بالعطايا والمطايا والهدايا. ولنا أن نتصور مثلاً كيف لو أن الشيخ متولي الشعراوي أُوقف عن تفسير القرآن في ندواته الدينية الشهيرة التي كانت تذيعها كل محطات التلفزيون العربية تقريباً، وجُرِّد من سلاحه الإعلامي هذا، فماذا سيبقى منه، وما هو دوره في الحياة اليومية الإسلامية وهو الذي كان حديث المجتمعات الإسلامية، بتفسيره المسرحي "الجديد" القديم للقرآن والحديث من وجهة نظره كداعية ديني صاحب أيديولوجية سياسية، كانت أهم مظاهرها مباركة الصلح مع اسرائيل (وتلك ظاهرة فريدة وغريبة ولا تتفق مع منهاج الشعراوي في عدائه للآخر ودعوته للجهاد الانتحاري. ويبدو أن السادات قد لعب دوراً فيها. فلو لم يكن السادات هو صاحب السلام مع اسرائيل لما أيده الشعراوي الذي كان وزيراً للأوقاف في عده) وإصدار فتوى شرعية تقول بأن الشورى "مُستحبة" للحاكم ولكنها غير "مُلزمة" إن شاء الحاكم أخذ بها وإن شاء تركها، وقيامه بالصلاة شكراً لله على هزيمة 1967، لأن الله هزم المصريين والعرب من ورائهم لأنهم كانوا من الاشتراكيين الشيوعيين في ذلك الوقت، وأن الفائدة البنكية ربا وحرام، وأن الحل في المؤسسات الاستثمارية المالية الإسلامية التي نشأت في مصر وغيرها، ودعمها الشيخ الشعراوي دعماً شرعياً وإعلامياً كبيراً، التي نَصَبَت على الناس أخيراً، وخدعتهم، وأكلت أموالهم، وهربت إلى خارج مصر، وظهر أن مؤسييها جميعهم من اللصوص والنصابين.


يتبع
الرد مع إقتباس