الموضوع: تمصير مصر
عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 02-08-2003
asuty asuty غير متصل
Gold User
 
تاريخ التّسجيل: May 2003
المشاركات: 354
asuty is on a distinguished road
والتعصب المضاد فى موجات قد لا تنتج عنفاً آنياً ولكنها
تعد
له وتحضره .
واللافت للنظر أن هناك من يربط بين الانتماء العروبى والاسلام السياسى
ويوحدهما ، رغم الصراع التقليدى بين التيار العروبى وتيار الاسلام السياسى
،
وفيه يزعم كلاهما بأحقيته فى تجميع الأوطان التى تقع فى دائرته تحت لواءه
،
ويمنعنا هذا الربط القسرى من مناقشة قضايانا المصرية بعيداً عن مظلة
العروبة
لأن هذا يعد عند الرابطين ـ ومنهم للعامة ـ إفتئاتاً على الاسلام ، وقد
اكون
بحاجة لمن يجيب على سؤال : هل الأقباط عرباً وهل أهل النوبة عرباً وهل كل
مسلمى
مصر عرباً ؟!! ، مع عدم المساس بمصرية كل هؤلاء .
ليس عيباً أن لا نكون كلنا عرباً ، فليس فى هذا انتقاصاً للعروبة ، ولا
طعناً
فيها ، بل لتبقى العروبة واحدة من روافد الشخصية المصرية وليست كلها ،
فهناك
البعد المصرى القديم ـ الفرعونى ـ وهناك البعد الأفريقى العمق التاريخى
والجغرافى وهناك البعد المتوسطى الى الجنوب من اوروبا ، ومن كل منهم تتغذى
الشخصية المصرية وتتفرد .
والخطر لا يتوقف عند هذا الحد بل يتخطاه الى قراءة التاريخ بعيون متحيزة
،
فصرنا نحتفى بالغازى ونتغنى بأمجاده ، فهكذا صرنا نقرأ عصر المماليك
والعصر
الأيوبى وحتى العصر العثمانى وقبلهم العصر العباسى وكل دول المحتلين لمجرد
أنهم
حكام مسلمون ، مع انهم اذاقوا المصريين كل انواع الإذلال والهوان ، فى غير
تمييز بين مسلم ومسيحى مع بعض التركيز على الاقباط لجمعهم بين الجرمين :
المصرية والمسيحية ( !! ) وعلى التوازى تم اغفال العصر المصرى القبطى
ونسبناه
الى المحتل الاغريقى والهيلينى .
إن اعادة مصر إلى بعدها المصرى المتعدد الثقافات والجذور سيعود بنا الى
التركيبة المصرية الفاهمة لحتمية التعددية وقبولها ، والتى تنتج بالضرورة
تفعيل
فكر قبول الأخر ـ الذى يصبح شريكاً فى الوطن ـ ويجد فكر المواطنة مكانه
الطبيعى
فى وطن يؤمن بالمساواة ويعدل مواثيقه لتترجم هذه القيم ، ورغم مشروعية هذا
المطلب " تمصير مصر " بمعنى ان ننحاز بغير شيفونية لمصرنا التى عبرت عنها
الرائعة الدكتورة نعمات أحمد فؤاد بقولها " مصر قبل الأديان ومصر بعد
الأديان "
بغير أن يحسب هذا تعرضاً للأديان أو تعريضاً بها ، أقول أنه رغم مشروعية
هذا
المطلب فإن تحقيقه على ارض الواقع ليس بالأمر اليسير لكنه يبقى ممكناً
بقدر من
الجهد والمثابرة خاصة بعد أن تلوث فكر الشارع عبر أكثر من ثلاث عقود
بالفكر
الأحادى المتطرف .
ولما كان الفكر يواجه بالفكر فإننا لابد أن نطرح بالحاح فكر المواطنة حتى
يحدث
تراكم معرفى بديل يتشربه الجيل الجديد من صبية وشباب اليوم وهم فى حقيقتهم
أكثر
من نصف الحاضر وكل المستقبل ، ولكن بشرط أن يأتى هذا التراكم بشكل متسارع
متخطياً الطرائق التقليدية ، ولعل ادوات الإتصال العصرية تختزل لنا الزمن
فنكسب
منه الرهان ، واتصور أن هناك ثلاث مؤسسات بحاجة إلى مراجعة وهى الإعلام
والتعليم والمؤسسة الدينية على الجانبين ، ويأتى الإعلام على رأس القائمة
خاصة
المرئى منه لأن ما ينتجه من آثار من بث لمدة ساعة واحدة يفوق ما تنتجه
وسائل
الاتصال الأخرى عبر عام بأكمله لما يملكه من وسائل جذب وابهار وتأثير ،
خاصة فى
مجتمع يعانى من الأمية الابجدية والثقافية أيضاً .
أما منظومة التعليم فهى التى تشكل عقل وطرق التفكير عند طالبى العلم
لأجيال ،
وعليها عبء تطوير وتنوير هذه العقول ووضعها على طريق التقدم ، والاتصال
بالعالم
والتفاعل معه بغير عقد ـ استعلاءً أو دونية ـ وبغير قيود خلقتها ثوابت
تحتاج
غالبيتها الى مراجعة وتقييم وتقويم .
أما المؤسسة الدينية فهى بحاجة الى العودة الى دورها المنوط بها بعد أن وتصنع من رموزها
ابطالاً ،
فاختلط عند كثيرون منهم ادوات السياسة مع ثوابت دعوتهم ، فجارت الأولى على
الثانية ووقفت وراء الكثير من ازمات التطرف والفرز .
نحن بحاجة لأن تتحول الوقفة إلى حوار موضوعى ينطلق من فكر المواطنة لا من
ثوابت وجدت مكانها فى العقل المصرى العام ولم يفكر احد فى مدى مصداقية هذه
الثوابت .
غازلتها اضواء السياسة وكادت تجتذبها اضواء الإعلام
الرد مع إقتباس