عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 29-01-2005
محمد عبد المجيد محمد عبد المجيد غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
المشاركات: 60
محمد عبد المجيد is on a distinguished road
حوار بين الرئيسين حسني مبارك وجمال مبارك .. الجزء االثالث

[RIGHT][FONT=Tahoma][SIZE=3]

مبارك الثاني: القاء نظرة متفحصة ومتأنية وعميقة على المشهد المصري برمته يوشي بأننا أسرة يبغضها المصريون بغضا شديدا، ويتمنى رعايانا رحيلَنا في انقلاب يقوده وطنيون مصريون لانقاذ ما بقي من هذا البلد، هل تضمن بقاء ولاء الجيش لنا؟

مبارك الأول: انصت إلي جيدا، ولدي الحبيب، إنما يبكي على الحبِ النساءُ، فلا تنشغل بأبعد من صناعة العبودية. أما الجيش الوطني المصري فهو يغلي في كل ثكناته، وضباطه وجنوده ينتمون للشعب المصري ويعرفون من ذويهم واقاربهم وأهلهم أن الغليان امتد إلى كل أفراد الطبقتين المتوسطة والدنيا فضلا عن المثقفين والأكاديميين والمفكرين والشرفاء المستقلين، لهذا أقوم أنا بمراقبة الجيش أكثر مما أفعل مع العدو على حدودنا.
أقوم بتغييرات في القيادات. أجعلهم يشعرون أن أنفاسهم تصل إلى في مخدعي بالقصر الجمهوري، وأنني أستطيع احصاء عدد دقات القلب لأي مصري تُسوّل له نفسه أن يحلم، مجرد الحلم، بتأييد انقلاب ضدي، واجعل وزير الدفاع لا يغيب عن عيني ليلا أو نهارا، فمهمته ليست بناء جيش قوي، إنما خدمة الرئيس وحضور الحفلات والوقوف في صف المودعين والمستقبلين.
عندما قام شيخ الجامع الأزهر يؤم الناس للصلاة أمام نعش الرئيس الراحل ياسر عرفات، كان وزير الدفاع خلفه مباشرة وأنا كنت في سرادق العزاء أحتمي برجالي وحراسة لم تشهد لها مصر من قبل مثيلا.

مبارك الثاني: هل تنصحني بالتحالف مع المخابرات ومباحث أمن الدولة؟

مبارك الأول: ليست القضية تحالفا أو اقترابا، ولكن عليك أن تربكهم، وتشغلهم بقضايا هامشية، وتضع أمامهم ملفات لأخطار وهمية حتى تخلق صراعا بينهم وبين أفراد الشعب مثل تطبيق قانون الطواريء، ومراقبة الجماعات الاسلامية والعائدين من أفغانستان والبوسنة والعراق والصومال وأي منطقة بها صراعات.فهم رجال يتعاملون بجدية مع قضايا العدو الخارجي.
بين الحين والآخر تقوم بعمل تنقلات مفاجئة لكبار رجال الأمن والمخابرات، وتفصل بين المتحالفين والأصدقاء، وتشم رائحة المشاعر الوطنية الجارفة فتركل بلطف بعض اللواءات الذين يعرفون أكثر من اللازم.
لكن الأهم أن تنمي روح الخوف منهم والكراهية لهم من أفراد الشعب مثلما فعلت أنا عندما تركت ضباط الشرطة يُنَكّلون بالمواطنين، ويرتكبون جرائم الاعتداء على الكرامة، ويسلخون جلود مواطنينا ورعايانا، ثم تتوجه الاتهامات إلى مباحث أمن الدولة وأجهزة المخابرات وغيرها من الجهات الأمنية الوطنية.

مبارك الثاني: هل يمثلون خطرا علي في المستقبل؟

مبارك الأول: نعم، في حالة واحدة وهي تحالفهم مع الجيش والشعب في الوقت عينه، وتنامي روح الوطنية الجارف.أما الغضب الشعبي فأنا نجحت فيما لم يتمكن منه أي حاكم أو طاغية حكم أرضَ الكنانة في الخمسة آلاف عام من عمر وادي النيل. لقد تمكنتُ بمهارة فائقة من التسلل خفية إلى النفس المصرية، وعبثت في أزرارها، وغيرت في قواعد سلوكياتها، وأخرجت إلى السطح اللامبالاة والخوف والجُبن وثقافة التسول والقسوة وبعد ثلاثة وعشرين عاما من حكمي ظهر المشهد المصري الجديد كأنه لا يَمُتّ لأصالة وعمق وتاريخ وجذور وحضارة هذا الشعب.
تحدث الآن مع مصري مغترب أو عربي عاشق لهذا البلد، ودعه يحكي لك عن انطباعاته منذ وصوله مطار القاهرة الدولي وحتى عودته إلى مهجره أو بلده.
ستعرف آنئذ أن والدك قام بتكسير وتهشيم وتدمير الشخصية المصرية، وغَيّرْتُ ملامحها، ورسمتُ البؤسَ عليها، وألصقت الخوف بأوصالها.
لا تخف، ولدي العزيز، فالمصريون لن يثوروا قبل صعود البطل الجديد على خشبة المسرح، وقد يكون من الجيش أو المخابرات أو أمن الدولة.
البيان رقم واحد لا يعلم إلا الله متى وأين وكيف سيُعْلَن على الملأ.
المصريون ينتظرون بصبر نافد قيادة جديدة تنهي حكمنا المباركي الشريف، وتعيد السلطة إليهم، وتفضح عورات نظامنا، وتفتح ملفات جرائمنا، ونحن لن نمكنهم من اكمال حلمهم، ولو اضطررنا لارسال الالاف منهم لمقابر جماعية أو نكدس كل السجون والمعتقلات بكل صاحب صوت ينطق أو يعبر عن أحلام المصريين وآمالهم وتمنياتهم بزوال نظام حكم مبارك وأسرته.

مبارك الثاني: إنك تخيفني، والدي العزيز، بدلا من أن تدخل الطمأنينة إلى قلبي، فأنا لست على استعداد للوقوف متهما أمام محكمة الشعب.
ولا أستطيع أن أتخيلك واقفا في قفص الاتهام، فملفُك، أبي الحبيب، متضخم حتى الانفجار، وبامكان أي قاض أو مستشار متمرس أن يستخرج منه آلافَ التجاوزات والأخطاء والسلبيات والجرائم أو الصمت عمدا على جرائم مافيا عهد أسرتنا المباركة ولن تفلت من حكم صارم وقاس وغليظ يكون عبرة لكل زعماء العالم الثالث.

مبارك الأول: لا تخف فالمصري يتحمل صبر الأنبياء، وعذاب القديسين، وجبالا من القهر، ثم تشتري صمته وسكوته ومزيدا من صبره عندما تقنعه بالخوف من المجهول، وبأن المستبد الحالي أكثر شفقة عليه من حاكم عادل لم يره بعد.
إن وقوفي خلف قفص الاتهام في محكمة شعبية لن يحدث حتى يلج الجمل في سَمِ الخْياط.
تأمل، ولدي العزيز، في الحراسة التي تحيط بي. إنها دولة داخل الدولة، وجيش عرمرم من الأمن والاستخبارات والمرشدين وكلهم يُكَوّنُون هرما قاعدته تمتد مع عشرات الآلاف من الأمن المركزي وشبيبة الحزب الوطني وأعضاء مجلس الشعب واعلاميي الصحف القومية ، الأهرام فقط بها 2000 صحفي.
نعم فمصر تغلي فوق بركان ألهبت حِمَمَه سنواتُ عهدي، لكنه لن يثور الآن، وقد يمتد لأجيال ثم يهدأ عندما يدب اليأسُ في نفوس المصريين، وتتحول الطبقةُ الدنيا بملايينها إلى خدم وعبيد أقصى أمانيها أن يلقي إليها رجالنا بفتات الخبز أو بقايا ما تستغني عنه حيتاننا.

مبارك الثاني: هل الدرس الذي لقنته للممدوح حمزة وعبد الحليم قنديل كاف لتخويف الآخرين؟

مبارك الأول: دروسنا لا تتوقف، فإذا ظننت أن الشعب هاديء دون أن تُلوّح بعصا الطاعة فقد كتبتَ نهايتك بيديك.لهذا، ولدي العزيز، كلما هدأ الحديث عن حقوق الانسان المصري وكرامته، خرجتْ من أحد أقسام الشرطة جثةٌ لمواطن قضى تحت التعذيب مع ضمان كامل مني لمعذبيه من ضباط الشرطة بأن لا يُقَدَموا لمحاكمة أو تُوَجَّه لهم كلمة عتاب واحدة، ولا مانع بين الفينة والأخرى أن نبحث عن كبش فداء حتى يتمكن رجالنا في بلاط السلطة الرابعة من الكتابة عن القصاص العادل من ضباط الشرطة الذين يتجاوزون حدود مهمتهم في خدمة الشعب.

الجزء الثالث
الرد مع إقتباس