عرض مشاركة مفردة
  #23  
قديم 27-03-2008
nonabnnon nonabnnon غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2008
المشاركات: 9
nonabnnon is on a distinguished road
مشاركة: +++ من اين جاءت تسمية " مصر " باللغه العربيه !!! الاجابه من العبريه لمن لا ي

الاسم : كان قدماء المصريين يطلقون على بلادهم اسم " كيمي : أي " الأرض السوداء " وذلك بالنسبة لتربة الأرض الطينية ، التي غطى بها نهر النيل ضفتيه ، بالمقارنة بالرمال الذهبية التي تغطي الصحراء الشاسعة التي تكتنف وادي النيل من الجانبين.

كما كانوا يسمونها " توا " أي " الأرضين " أي مصر العليا ( الوجه القبلي ) ، ومصر السفلى ( الوجه البحري ). أما اليونانيون فقد أطلقوا عليها اسم " إيجيبتس " (Aigyptos) ومنها كلمة " قبط " منذ أيام هوميروس ، تحريفاً للاسم الفرعوني " ها – كو – بتاح " أي " بيت روح بتاح " الذي كان يطلق على مدينة " منف " عاصمة البلاد. أما العبرانيون فقد أطلقوا عليها اسم " مصرايم "وهي كلمة في صيغة المثنى أي " المصْريْن " وهو على الأرجح إشارة أيضاً إلى مصر العليا ومصر السفلى ، ومنه جاء اسم " مصر " في العربية .

ثانياً :مصر في الكتاب المقدس : يرد اسم مصر كثيراً في الكتاب المقدس ، فإليها نزل إبراهيم عندما حدث جوع شديد في أرض كنعان ( تك 12: 10-20، 13: 1). وإليها جاء يوسف بعد أن باعه إخوته عبداً ، لقافلة من المديانيين النازلين إلى مصر ، فباعوه في مصر لفوطيفار رئيس شرطة فرعون(تك 37: 28و36). وفي مصر كان الرب مع يوسف فأصبح الوزير الأول لفرعون ملك مصر (تك 41: 37-46). واستدعى يوسف أباه يعقوب وأسرته للإقامة في أرض جاسان في شرقي الدلتا ( تك 46: 1-47: 5). وظل بنو إسرائيل في مصر نحو أربعمائة سنة ، إلى أن خرجوا منها بقيادة موسى بعد الضربات العشر التي أجراها الرب على أرض مصر . ولما طاردهم فرعون بجيوشه ، شق الرب أمامهم البحر الأحمر ، فعبروه على أرض يابسة إلى برية سيناء ( خر 13: 17-14: 31).

وأخذ سليمان بنت فرعون مصر زوجة له ( 1مل 3: 1). وهرب يربعام بن ناباط من وجه سليمان الملك إلى مصر (1مل 11: 40، 42: 2). وبعد ذلك صعد شيشق ملك مصر إلى أورشليم ، وأخذ أتراس الذهب التي عملها سليمان ( 1مل 14: 25و26).

وأراد هوشع ملك إسرائيل أن يتحالف مع سوا ملك مصر ضد أشور ( 2مل 17: 3و4) . وفي أيام يوشيا ملك يهوذا ، صعد فرعون " نخو " ملك مصر على ملك أشور ، إلى نهر الفرات ، فلما اعترض يوشيا طريقه ، قتله في مجدو ( 2مل 23: 29و30). كما كانت مصر موضوع الكثير من نبوات الأنبياء ( انظر مثلاً إش 7، 11، 19، 23، 27، إرميا 44، 46، حز 30: 32، دانيال 11).

وبعد استيلاء نبوخذ نصر على أورشليم وتدميرها في 586 ق.م. نزل بعض رؤساء يهوذا آخذين معهم إرميا النبي ، إلى مصر ( إرميا 43: 4-7). وفي مصر تكاثروا . وترجم بعض اليهود في الإسكندرية ، العهد القديم من العبرية إلى اليونانية فيما بين 250-150 ق.م. وهي الترجمة المعروفة باسم " السبعينية " ، والتي استخدمها الرسل ، واستخدمتها الكنيسة في القرون الأولى في الكرازة للأمم.

وعندما أراد هيرودس الكبير أن يقتل الطفل يسوع أمر الملاك يوسف أن يأخذ الصبي وأمه ويهرب إلى مصر ، حيث مكثوا في مصر إلى أن مات هيرودس الكبير ( مت 2: 13-23). وفي يوم الخمسين كان بين من سمعوا خطاب بطرس يهود من " مصر " ممن جاءوا ليعيدوا في أورشليم( أع 2: 10).

ثالثاً – جغرافية مصر : مصر – كما قال هيرودوت – " هبة النيل " ، فلولا النيل ، ما كانت مصر . فمنذ عصور جيولوجية قديمة ، ظل النيل يترك عند انحسار فيضانه ، طبقة رقيقة من الطمي على ضفتيه ، وهكذا تكوَّن هذا الشريط شديد الخصوبة الذي قامت عليه حضارة مصر الشهيرة ، والذي تحف به الصحراء على الجانبين . كما أن النيل هو مصدر المياه لري هذه الأراضي الخصبة ، فعلى مياهه تتوقف الزراعة في مصر ، حيث لا يزيد معدل سقوط الأمطار عن 6-8 بوصات سنوياً على سواحل البحر المتوسط ، وبمعدل بوصتين أو أقل على القاهرة ، وأقل من ذلك على الصعيد.

وتعترض مجرى النيل في جنوبي مصر وشمالي السودان ستة جنادل تعوق الملاحة في هذا الجزاء . وهي أساساً أكوام غير منتظمة من الحجارة التي لم يستطع النهر أن يجرفها في طريقه . ويبلغ عرض وادي النيل بين سلستي التلال الغربية والشرقية ، ما بين عشرة أميال إلى واحد وثلاثين ميلاً فيما بين القاهرة وأسوان . وتبلغ مساحة هذا الشريط المنزرع نحو 000,5 ميل مربع.

ولكن مصر لا تتكون من هذا الشريط فقط ، إذ هناك الدلتا إلى الشمال من القاهرة ، وقد تكونت من طمي النيل ، ويبلغ متوسط طولها من الشمال إلى الجنوب نحو 125 ميلاً ، كما يبلغ متوسط عرضها من الشرق إلى الغرب نحو 115 ميلاً ، وتمتاز بخصوبتها العالية ، وتبلغ مساحتها نحو 000,5 ميل مربع، مما يجعل المساحة القابلة للزراعة نحو 10.000 ميل مربع ، أي نحو ستة ملايين من الأفدنة في كلا الوجهين .

وتوجد إلى الغرب من الوادي ، سلسلة من الواحات أكبرها الفيوم التي تبعد إلى الجنوب الغربي من القاهرة بنحو سبعين ميلاً ، وفي وسطها بحيرة قارون التى تبلغ مساحتها الحالية نحو 90 ميلاً مربعاً ، وعمقها نحو 17 قدماً ، ويحيط بها نحو نصف مليون فدان من الأرض الخصبة .

وتمتد مصر السفلى نحو 125 ميلاً ( كما سبق القول ) من البحر المتوسط إلى القاهرة ، ثم تمتد مصر العليا نحو 600 ميل من القاهرة إلى أسوان . وقد امتد حكم مصر قديماً إلى الجندل الرابع في بلاد النوبة ، أي أن حكمها امتد نحو 1.100 ميل جنوبي البحر المتوسط.

وكان أهم موارد مصر هي تربتها الخصبة على ضفتي النيل ، فكان الفلاحون، عند انحسار مياه الفيضان ، يزرعون الشعير والقمح ، والبصل والكرات ، والفول والعدس وغيرها . وكان أشهر الفاكهة عندهم البلح والتين والعنب . وكانوا يستخرجون الزيت من بذور الخروع والسمسم أكثر مما من الزيتون ، كما في سائر بلاد البحر المتوسط . وكانوا ينسجون ألياف الكتان لصناعة الثياب ، ويربون الماشية التي كان أهمها البقر والثيران والغنم والماعز والخنازير والحمير والخيل .

كما تملك مصر ثروة من الأحجار ، فتقوم جبال الجرانيت بين البحر الأحمر والنيل ، كما توجد بصحراء مصر رواسب من المرمر وغيره من الأحجار الثمينة . وإلى الجنوب من أسوان توجد جبال الجرانيت النوبية ، وتشتهر محاجر أسوان بأجود أنواع الجرانيت الأحمر . كما كان يكثر الذهب في عروق الكوارتز في جبال النوبة " شرقي النيل " ، كما استغل قدماء المصرين مناجم النحاس والفيروز في سيناء على مدى عصورهم التاريخية الهامة . كما كان يوجد في العصور القديمة ، بعض الأخشاب في النوبة ، استخدمت في بناء القناطر التي تحملت الحجارة الثقيلة التي استخدمت في بناء الأهرامات و المعابد وغيرها من المباني الرائعة التي خلفها قدماء المصريين .

وكان النيل نفسه صالحاً للملاحة في معظم أجزائه ، فكانت السفن تسير شمالاً مع التيار ، وتسير جنوباً ضد التيار ( بسرعة 3ميل/ساعة ) بفعل الرياح الشمالية السائدة . وفي الواقع كان النيل هو طريق المواصلات في مصر القديمة . فكانت الدواب تحمل البضائع حتى شاطئ النيل ، ثم تحملها السفن بعد ذلك .و بالإضافة إلى السفن التي كانت تقطع النهر شمالاً وجنوباً ، وكانت هناك قوارب للتعدية ، للانتقال بين ضفتي النهر .

وكان ينمو على جوانب النهر ، نبات البردي الذي كانت تصنع منه الصحائف للكتابة عليها. كما كانت تقوم علي ضفتي النهر صناعة الفخار والطوب اللبن الذي كانت تبنى به بيوت الفقراء .

ولقد عاش قدماء المصريين في شبه عزلة وسلام نسبي داخل واديهم ، فكانت الجنادل في الجنوب ، والصحاري وتلالها في الشرق والغرب ، والبحر المتوسط في الشمال ، تحمي مصر من الغزو الخارجي ، مما أتاح للمصريين التفرغ لإبداع حضارتهم الرائعة. وكانت التأثيرات الخارجية يمكن أن تتسلل من خلال الطرفين الشماليين للدلتا، فكان هناك غزو حضاري سامي من الشرق ، وغزو ليبي- الأرجح أنه أوربي الأصل – من الغرب . وقد بُنيت الحصون والقلاع في الجهتين . وكانت هذه الحواجز الطبيعية ، وسطوع الشمس في أغلب أيام السنة، ووفاء النيل ، مما يبعث الأمان والثقة في قلوب المصريين ، والاطمئنان إلى موارد الرزق ، وهو ما لم يكن يتوافر بهذه الصورة لسائر شعوب الشرق الأوسط القديم.

رابعاً – التاريخ : (أ) كان قدماء المصريين حاميين أصلاً ( تك 10: 6) ، ولكن منذ العصور القديمة جاء إليهم أقوام من بابل من أصل سامي ، وتركوا طابعهم على اللغة والحضارة . كما هاجرت إليهم عناصر من النوبة ، وامتزجت كل هذه الدماء ليخرج منها الشعب المصري القديم . فإن كانت مصر حامية أساساً، إلا أن الأصح هو القول بأنها كانت حامية سامية . ثم تحركت بعض العناصر الزنجية من النوبة ، كما جاء الآسيويون عن طريق برزخ السويس إلى الدلتا ، كما هاجرت إليها عناصر من شعوب البحر المتوسط منذ عصور مبكرة . ولكن رغم هذا التنوع في أصولهم ، كان قدماء المصريين يحسون بأنهم أمة واحدة وشعباً واحداً متميزاً ، وكانوا متوسطي القامة، أميل إلى النحافة ، ولكن أقوياء البنية، لهم رؤوس مستديرة ووجوه بيضاوية . وكانوا يحلقون لحاهم بينما كان الأسيويون يربونها.

(ب) أقدم الحضارات : كشف الأثريون سلسلة من الحضارات التي سبقت عصر الأسرات ، فهناك حضارات حلوان وتاسا والبداري ومرمدة بني سلامة ونقادة والعُمرة والفيوم ودرزة والمعادي وغيرها، ويرجع أغلبها إلى نحو 5000 سنة قبل الميلاد. وقد أتقنوا المهارات الفنية الأساسية ، وتعلموا كيف يبدعون حضارة بأقل الموارد. لقد أنشأوا نظاماً دقيقاً للري للمحافظة على برنامج زراعي ناجح . ومنذ عصور مبكرة جداً ، اكتشفوا كيف يصنعون الثياب من ألياف الكتان . كما صنعوا القوارب من عيدان البردي وأغصان الأشجار التي كانت تنمو على شواطئ النيل . وصنعوا الطوب من الطمي وجففوه في الشمس ، واستخدموه في البناء . كما صنعوا الأواني الفخارية ، وكانت في البداية صناعة يدوية ، ثم ظهر الدولاب في عهد الأسرات الأولى.

وظهرت الكتابة في مصر في أواخر عصر ما قبل الأسرات . وكانوا يسمون كتابتهم " الهيروغليفية " ( أي العلاقات المقدسة أو " كلمات الله " ، إذ كانوا يعتقدون أنها من مصدر إلهي وينسبونها إلى " توت " إله الحكمة.وحوالي 2700ق.م. تعلموا صناعة ورق الكتابة من عيدان البردي ، بوضع شرائط من لب نبات البردي على طبقتين ، متعامدتين ، ولصقهما ببعضهما. وحوالي نفس الوقت، تعلموا قطع الحجارة من المحاجر، وكان يتم ذلك عادة ، بعمل شق حول القطعة التي يراد فصلها ، ويدقون في هذا الشق أسافين من الخشب الجاف ، ثم يبللونها بالماء ، فتنتفخ ، وتفصل قطعة الحجر عن الجبل. كما كانوا – أحياناً – يوقدون النار في ذلك الشق لتسخين الحجر ، ثم يصبون ماء عليه لفصله عن الكتلة الأصلية.

(ج) توحيد البلاد : فيما قبل نحو عام 3100ق.م. كانت مصر تتكون من قطرين منفصلين ، هما : مصر العليا ومصر السفلى. وفي نحو عام 3100ق.م.غزا ملك مصر العليا، مصر السفلى ووحد القطرين تحت حكمه. ورغم ذلك ظل هذا الانقسام يلقي بظله أمداً طويلاً ، فكان يطلق على البلاد اسم " الأرضين " ، وكان الفراعنة يلبسون تاجاً مزدوجاً يجمع بين تاجي الوجهين القبلي والبحري . وكان قصر الملك في منف يسمى " القصر المزدوج ".

وينسب توحيد القطرين إلى الملك نرمر ( نعرمر أو مينا ) الذي يعتبر مؤسساً للأسرة الفرعونية الأولى لمصر الموحدة ، كما سجله الكاهن المصري
" مانيثون " ( من منتصف القرن الثالث قبل الميلاد) ، وقسم حكم الفراعنة إلى ثلاثين أسرة، من بدء توحيد القطرين إلى نهاية حكمهم باستيلاء الاسكندر الأكبر على البلاد في 332 ق.م. ويقسم المؤرخون هذا التاريخ من بدء الأسرة الأولى ، إلى :

(1) عصر الأسرات الأولى ( 3100-2700 ق.م.) ، وهي فترة حكم الأسرتين الأولى والثانية ، في الكاب ( أمام هيراقونبوليس وهي الكوم الأحمر بالقرب من ادفو ) على بعد نحو 300 ميل إلى الجنوب من القاهرة ، وقد اكتشف فيها لوح
" نرمر " وعليه صورة الملك ممسكاً بشعر أحد الأعداء ، وبيده الأخرى دبوس لتحطيم رأسه ، ويلبس الملك على رأسه تاج الوجه القبلي ، وتبدو على منطقته الآلاهة " هاتور". وقد أسس مدينة منف لتكون عاصمة إدارية أخرى للبلاد . وقد أطبقوا قبضتهم على البلاد وأقروا نظرية أن الملك ينتمي إلى الآلهة . وبدأت الاتصالات بالعالم الخارجي ، وبخاصة ببلاد بين النهرين .وقد اكتشف مدافنهم في الصحراء بالقرب من أبيدوس ( العرابة المدفونة) غربي البلينا.

(2) الدولة القديمة : ( 2700-2200 ق.م. ) ، وتشمل الأسرات من الثالثة إلى السادسة , وتشتهر هذه الفترة من تاريخ مصر القديم ببناء الأهرامات .وكانت عاصمتهم في منف ( المذكورة في الكتاب المقدس باسم " نوف " –انظر مثلاً إش 19: 13، إرميا 2: 16..إلخ ) إلى الجنوب الغربي من القاهرة . وكانت لهم علاقات قوية بفينيقية . وفي عهدهم ارتفع مستوى الفنون.

وكان أول ملوك الأسرة الثالثة هو " زوسر " الذي بنى هرم سقارة المدرج الذي يتكون من ست مصاطب ، وهو أول بناء حجري ضخم في التاريخ، ويبلغ ارتفاعه 190 قدماً،وكان مهندسه هو " إيمحتب " وزيره الأول ، الذي رفعوه بعد ذلك إلى مرتبة الألوهية ، ونسبوا إليه بدايات علوم المعمار والآداب والطب ، وهو عند اليونانيين إله الطب " أسكليبيوس " (asklepios).

وكان فراعنة الأسرة الرابعة بناة أهرام الجيزة الثلاثة فيما بين 2600- 2500 ق.م. والهرم الأكبر الذي بناه الملك خوفو يشغل مساحة 13 فداناً ، وكان ارتفاعه أصلاً 481 قدماً ويتكون جسم الهرم من 2.300000 كتلة من الحجر الجيري ، ويبلغ متوسط وزن الحجر الواحد طنين ونصف الطن ويبلغ ارتفاع الهرم الثاني ( الذي بناه ابنه الملك خفرع ) 447.5 من الأقدام . فهو لا يقل كثيراً عن الهرم الأكبر . ويتبع هرم خفرع تمثال أبي الهول الذي يقع إلى الشرق منه، والأرجح أن وجهه يمثل وجه الملك خفرع ، وجسمه على صورة أسد رابض. ويبلغ ارتفاع الهرم الثالث الذي بناه الملك " منكاورع " ( منقرع ) 204 أقدام .

وتوجد تسع مناطق الأهرامات تمتد على طول الشط الغربي للنيل ، من منطقة الجيزة إلى جنوبي منطقة منف والفيوم . وفي عهد الأسرتين الخامسة والسادسة ، ظهرت " نصوص الأهرامات " ، وهي نقوش محفورة وملونة ، تحتوي على تعاويذ سحرية ، ترانيم . وكانوا يفترضون أنها تساعد الميت في الحياة الأخرى.


وقد ازدهر الفن المصري القديم في عهد أسرات الدولة القديم ، وكان الملك والآلهة يُرسمون في أشكال رائعة، إذ كان الفن يجنح إلى الخيال أكثر مما للمنظور والواقع . كما كانت أهمية الشخص هي التي تحدد حجم صورته. ففي تصوير معركة مثلاً ، كانت صورة الملك هي أكبر صورة ، وتبدأ الصور تتصاغر بحسب الأهمية من ضباط فجنود ، وكان الأعداء هم الأصغر حجماً.

كما كان الفن يميل إلى رسم قصة متحركة أكثر منه لقطعة ثابتة . فمثلاً لتصوير صناعة النبيذ ، كان المنظر يشمل قطف عناقيد العنب ، ثم دوسها بالأقدام لاستخراج العصير منها ، ثم تخزين العصير في الجرار.

ومن الواضح أيضاً تقدم علوم الطب في الدولة القديمة. ومع أن مصدر معلوماتنا عن الطب المصري القديم ، هي برديات الدولة الوسطى ، فإن هناك بعض الدلائل على أنه يرجع إلى ما قبل ذلك بكثير . ويبدو أن قدماء المصريين عرفوا شيئاً عن الدورة الدموية ، فذكروا سمع " ضربات القلب " . وكان ذلك الطب خليطاً من الوصفات الشعبية والرقي والتعاويذ والخبرات العلمية.وتعتبر بردية إدوين سميث دراسة رائعة في الجراحة وبخاصة في معالجة كسور العظام.

وفي عصر الأسرة السادسة ، بدأت الدولة القديمة في الانحلال أضعف شخصية ملوكها وتمرد نبلائها ، مع متاعب مالية ، وغارات النوبيين في الجنوب ، والهجمات الأسيوية في الشمال الشرقي.

(3) الفترة الأولى من الحكم الإقطاعي ( الأسرات من السابعة إلى الحادية عشرة – 2200- 2050 ق.م.).

في زمن الدولة القديمة كان هناك استقرار سياسي ، وازدهار اقتصادي . وكان النيل يوفي بفيضانه كالعهد به ، دون أن يكون كاسحاً مدمراً ، فكان هناك طعام لكل فم، وكان كل شيء يسير على ما يرام لتحقيق التوافق والتناغم في الحياة.

ولكن في أواخر أيام الأسرة السادسة بدأت السلطة المركزية في الانهيار، وضعفت سلطة الملك ، فتدهورت الأحوال وتفشى النهب والسلب ، واستقل الأشراف كل واحد بمنطقته ، واتخذ كل منهم لنفسه لقب " ملك " ، رغم وجود ملك في " منف " في أيام الأسرة السابعة ، وفي " أبيدوس " في أيام الأسرة الثامنة ، وفي " أهناسيا "
( هراقليوبوليس ) في أيام الأسرتين التاسعة والعاشرة . وفي أيام الأسرة العاشرة الأهناسية ، ظهرت في طيبة أسرة قوية ، كان أعضاؤها يرون في أنفسهم أنهم أحق بالملك من الأسرة الأهناسية ،فأعلنوا عدم خضوعهم لأهناسيا ، واستطاعوا أن يوحدوا البلاد تحت سلطانهم ، و يؤسسوا الأسرة الحادية عشرة ، و كان مؤسس هذه الأسرة هو " أنيوتف الأول" ، وكان من أشهر ملوكها " منتوحوتب الثاني " (2061 –2010 ق.م.) الذي سقطت في يده أهناسيا نفسها . وهكذا كان أول ملك من ملوك طيبة ,يصبح ملكاً للوجهين القبلي و البحري , ويعيد للحكومة هيبتها ، فيستتب فيها الأمن و السلام . و بذلك يعتبر مؤسس الدولة الوسطي وبداية عصر جديد .

(4) الدولة الوسطى (2050- 1780 ق.م.الأسرة الثانية عشرة ). وكان لمنتوحوتب الرابع آخر ملوك الأسرة الحادية عشرة , وزير قوي اسمه " أمنمحات " استطاع أن يستولي على العرش ويؤسس الأسرة الثانية عشر ، وأن يضع حداً لعدم الاستقرار ، فاستتب له الحكم ،ونشر الأمن في ربوع البلاد ، ونقل العاصمة إلى اللشت في منطقة الفيوم . وطال حكمه حتى بلغ ثلاثين عاماً ( 1991 – 1961 ق. م. ) ، إلى أن قتل اغتيالاً في أثناء غياب ابنه وولي عهده " سنوسرت " في حملة على ليبيا.

خلفه على العرش ابنه سنوسرت الأول بعد القضاء على قتلة أبيه ، وقد تابع سياسة أبيه. وهو الذي شيد معبداً لرع في منطقة هليوبوليس ( عين شمس – أون ) ، وأقام أمام المعبد مسلتين من الجرانيت ، ومازالت إحداهما قائمة في مكانها إلى الآن .

وكان ملوك هذه الأسرة يشركون أبنائهم معهم في الحكم للعمل على استقرار الأمور ، وبخاصة أنهم نشروا العدل بين الناس ، وأصبح يُنظر إلى الملك على أساس أنه الراعي لشعبه ، والحامل لأثقالهم . ومن أشهر ملوك هذه الأسرة أمنمحات الثالث الذي بنى قصر اللابرنت ( التيه) في الفيوم وهرماً في دهشور ، وشيد القناطر وجعل من بحيرة موريس ( قارون ) خزاناً لمياه الفيضان.

وقد امتاز ملوك هذه الأسرة بالاعتدال فلم يسرفوا في استنزاف موارد الدولة في تشييد أهرامات ضخمة لهم ، وانصرفوا إلى الاهتمام بزيادة الرقعة المنزرعة وبخاصة في الفيوم . كما بنوا حصوناً ضخمة في شبه جزيرة سيناء لحماية حدود مصر الشرقية ، واستخرجوا النحاس وغيره من مناجم سيناء ، واتسعت التجارة مع كريت ولبنان وسورية وبلاد بونت في الجنوب . ومن المؤرخين من يقول إنهم حكموا فلسطين وسورية أو أجزاء منها ، ولكن لا شك في أنهم فتحوا بلاد النوبة إلى ما وراء الجندل الثاني ، كما أوصلوا النيل بقناة إلى البحر الأحمر ، وتركوا الكثير من الحلي رائعة الجمال.

وفي عصر الدولة الوسطى برز آمون وأصبح كبير آلهة مصر ، وأدمج مع إله الشمس فأصبح " أمون رع " سيد آلهة طيبة ، وبعد أن كانت النقوش والكتابات الدينية تسجل على حوائط الأهرامات في أيام الدولة القديمة ، أصبحت في أيام الدولة الوسطى ، تُسجل على النواويس سواء للملوك أو للأشراف أيضاً.

وقد خلفت الدولة الوسطى الكثير من الكتابات الأدبية . بل والعلمية ، كما تدل على ذلك بردية رند (Rhind ) للحساب ، وبردية سميث عن الجراحة ، وبردية إيبرس الطبية . كما أن نصائح مريكارع تحتوي على الكثير من روائع أدب الحكمة . وقصة الرحَّالة " سنوهي " من أدب الرحلات ، فيروى لنا مشاهداته في سورية وفلسطين.

وفي مقبرة خنوم حتب الثاني ، أحد كبار الأشراف في عهد سنوسرت الثاني ، في بني حسن ( على بعد 169 ميلاً إلى الجنوب من القاهرة ) رسم لسبعة وثلاثين شخصاً أسيوياً في زيارة لمصر وذلك في نحو 1900 ق.م. ومكتوب تحتها : " وصول 37 أسيوياً يحملون الكحل ". وكان زعيمهم يسمى " شيخ بلاح إبشي ".

وإذا أخذنا بالتاريخ المبكر لخروج بني إسرائيل لخروج بني إسرائيل من مصر ( أي نحو 1446 ق.م. ) ، وأضفنا إليه 430 سنة ، مدة إقامتهم في مصر ( خر 12: 40) فيكون معنى ذلك أن بني إسرائيل نزلوا إلى مصر في نحو 1876 ق.م. أي في أيام سنوسرت الثالث ( 1878 – 1840 ق.م. ) ، وكان ملكاً قوياً مد حدود مصر الجنوبية إلى الجندل الثاني ، كما قضى على كل أثر للإقطاع في مصر ، وعلى كل نفوذ الأشراف وحكام الأقاليم ، وعيَّن مكانهم موظفين حكوميين . ولعله كان النظام الذي وضعه يوسف للبلاد في أيام المجاعة، كان مساعداً على ذلك ( تك 37: 13-26).

(5) فترة الاضمحلال الثانية : ( 1780- 1570 ق.م. – الأسرات 13: 17) . بانتهاء عصر الأسرة الثانية عشرة القوية ، ودخلت مصر في فترة أخرى من الضعف والتفكك، فتسلل إلى مناطق الدلتا الهكسوس ( حكام البلاد الأجنبية ) والأسيويون من سورية وفلسطين ، واستولوا على الحكم في نحو 1730 ق.م. وجعلوا عاصمتهم في تانيس وأفاريس في شرقي الدلتا . وفي نفس الوقت كان أمراء طيبة يحكمون الصعيد كنواب للهكسوس.

ولشدة بغضة المصريين للهكسوس ، وجهودهم العنيفة لمحو ذكرهم ، لم يبق من أثارهم ما يكفي لمعرفة تاريخهم بالتفصيل . والمفروض أنهم هم الذين أدخلوا أنواعاً من السيوف والحناجر المصنوعة من البرونز ،والأقواس المركبة. وأهم كل شيء أنهم أدخلوا الخيل والمركبات الحربية التي تجرها الخيل . وقد أحسن المصريون استخدامها في طرد الهكسوس أنفسهم ، ثم بناء امبراطورية مصرية في فلسطين وسورية. وكان الصراع ضد الهكسوس قد استمر زمناً طويلاً ، وأنها منذ منتصف القرن السادس عشر قبل الميلاد ، وأنهاه أحمس الأول ( 1570 – 1546 ق.م. ).

(6) فترة الامبراطورية : ( 1570 – 1090 – الأسرات من 18-20): أسس " أحمس " أمير طيبة الأسرة الثامنة عشرة بعد أن طرد الهكسوس من مصر ، كما قام بغزوات ناجحة على بلاد النوبة امتدت بها حدود مصر إلى الجندل الرابع ، وعلى جنوبي فلسطين . كما أخضع الأمراء الذين كانوا قد استقلوا عن الحكومة المركزية في عصر الهكسوس ، ومات في نحو الأربعين من عمره ، وخلفه على العرش ابنه " أمنحوتب " الأول " ( 1546 – 1525 ق.م.) الذي اضطر لمحاربة النوبيين في الجنوب ، والليبيين في الغرب ، ومات أمنحوتب الأول دون أن يترك ولداً يخلفه على العرش ، ولكن ابنته " أحمس " تزوجت من شخص اسمه " تحوتمس " من أمراء البيت المالك ، فأصبح له الحق في إعادة إخضاع النوبيين الثائرين ، في أول سنة من حكمه ، فقام بعدة غزوات وطد فيها حكم مصر هناك، كما قمع ثورة في سورية ، وهكذا كوَّن أول امبراطورية امتدت من الفرات إلى الجندل الرابع .ولعل موسى ولد في أوائل حكم تحوتمس الأول ، الذي كان أول من أنشأ له مقبرة ملكية في وادي الملوك غربي طيبة
( وقد ملك من 1525 – 1495 ق.م. ).

ولم تلد الأميرة أحمس للملك تحوتمس الأول إلا ابنة واحدة هي " حتشبسوت " التي تزوجت تحوتمس الثاني ، وكان ابناً لتحوتمس الأول من زوجة أخرى اسمها " موت نفرت " ،


وهكذا تولى " تحوتمس الثاني " العرش ( 1495 – 1490 ق.م. ) مع زوجته وأخته لأبيه ، " حتشبسوت ". وكانت " حتشبسوت " قوية الشخصية شديدة المراس ، فدب الخلاف بين الاثنين ، وكان عليه أن يقمع ثورة في بلاد النوبة . ولم ينجب من زوجته حتشبسوت سوى ابنتين ، ولم يستمر حكمه سوى خمس سنوات ، وبموته بدا الصراع بين ابنه تحتمس الثالث – من زوجة أخرى – وحتشبسوت الملكة الشرعية ، وكان قد تزوجها بدوره ، وكان أصغر منها سناً ، فظلت في يدها السلطة الكاملة ، وادعت أنها ابنة الإله " أمون رع " من أمها الملكة " أحمس " ، وسجلت ذلك على حائط معبد الدير البحري في غربي طيبة ، وأرسلت البعثات البحرية إلى بلاد بونت ( حول بوغاز باب المندب ) ، كما أقامت مسلتين عظيمتين في معبد الكرنك ، والباقية منهما ترتفع نحو 96.5 من القدم ، وتزن نحو 700.000 رطل . ويظن بعض العلماء أنها ابنة فرعون التي أنقذت موسى وتبنته ( خر 2: 5). ولا نعلم كيف انتهت حياتها في 1482 ق.م. فقد أزال تحوتمس الثالث اسمها من كل أثر . وفي خلال 75 يوماً من موتها ، كان تحوتمس قد جمع جيشاً وزحف به شمالاٍ إلى فلسطين وسورية ليخمد تمرد الأمراء الثائرين هناك ، فانتصر انتصاراً حاسماً في موقعة " مجدو " واستولى على المدينة بعد أن حاصرها لمدة سبعة أشهر ، ثم اتجه شمالاً وفتح عدة مدن بغير عناء ،وجمع الكثير من الغنائم . وقد سجل ذلك على معبد الكرنك. وقد بلغ عدد حملاته على بلاد الشام ست عشرة حملة ، كان يقوم بها في أوائل الصيف ويعود إلى مصر في أوائل الشتاء ، فيوجه أنظاره إلى إصلاح أحوال البلاد الداخلية ، وتشييد المعابد والآثار . وقد بنى أسطولاً بحرياً عاونه في فتح مواني الشام وجزر البحر المتوسط ، وامتاز حكمه بالعدل والسماحة فاستتب الأمن وعم الرخاء ، فأصبحت طيبة عاصمة عالمية ، تتدفق إليها خيرات أفريقية وآسيا وجزر البحر المتوسط. وكل ذلك مسجل على جدران مقابر كبار رجال عهده في طيبة. وقد تزوج " مريت رع " ابنه الملكة حتشبسوت من تحوتمس الثاني ، فولدت له ابنه أمنحوتب الذي خلفه على العرش. ومات تحوتمس الثالث بعد أن حكم أربعة وخمسين عاماً في مقبرته في وادي الملوك.

وملك بعده ابنه أمنحوتب الثاني ، وهو في الثامنة عشرة من عمره ، وكان أبوه قد رباه تربية عسكرية منذ صغره ليحافظ على الامبراطورية الواسعة الأطراف التي أنشأها أبوه تحوتمس الثالث . وقد حكم أمنحوتب الثاني من 1452 – 1425 ق.م. ويظن البعض أنه كان فرعون الخروج ، فقد اشترك زمناً قصيراً مع أبيه في الحكم ، ثم انتقل إليه العرش في يسر فأصبح الحاكم الوحيد للامبراطورية . ولكنه اضطر للقيام بحملات حربية في سورية وفلسطين لإخضاع بعض المدن التي تمردت.ولكن يبدو أن فترة حكمه تميزت – بشكل عام – بالسلام.

وتولى بعده تحوتمس الرابع ( 1425 – 1412 ق.م. ) أحد أبنائه الخمسة ، عقب نزاع دب بينه وبين إخوته ، كما يستفاد من " لوحة الحلم " التي أقامها بين ذراعي أبي الهول في الجيزة من العام الأول من حكمه تخليداً لحلمه الذي حلمه وهو نائم في ظل أبي الهول ، بأنه سيصبح ملكاً على مصر . وقد أثبت جدرانه بذهابه إلى سورية على رأس جيشه لقمع تمرد بعض المدن السورية . وقد تزوج ابنه ملك " الميتاني "
( في شمالي بلاد النهرين) ، والتي ولدت له ابنه أمنحوتب الثالث بالثراء والرخاء ، فقام بتشييد عدة معابد وأقام " تمثالي ممنون " اللذين يمثلان الملك جالساً . ويبدو أنه لم يقم بحملات حربية إلا لإخماد ثورة بلاد النوبة ، ولكنه لم يقم بأي حملات في بلاد الشام.

وفي أواخر أيامه – ولاعتلال صحته – أشرك ابنه امنحوتب الرابع
( 1387 – 1366 ق.م. ) في الحكم في 1387 ق.م. ولكن أمنحوتب– بنزعته الفلسفية– انصرف إلى الاهتمام بعبادة " أتون " ( قرص الشمس ) ، في عاصمة جديدة أنشأها في تل العمارنة ( شرقي النيل على بعد نحو خمسين كيلومتراً إلى الجنوب من المنيا ) ليبتعد عن طيبة مقر عبادة آمون وكهنته ، وسماها " أخت آتون " أي " مشرق أتون ". كما غير اسمه من أمنحوتب إلى " أخناتون " أي "روح أتون " أو " النافع لأتون"، فقد حاول بذلك توحيد العبادة " لأتون " ، وهكذا قام بثورة دينية شاملة ، امتدت إلى الفن ، فتخلص من كثير من قيوده ، فأصبح أكثر تحرراً ، وأقرب إلى فن " الكاريكاتير ".

ولم يلتفت أخناتون إلى رسائل الاستنجاد العديدة ( المعروفة باسم تل العمارنة) التي أرسلها إليه أمراء فلسطين وسورية الموالون لمصر ، طالبين النجدة لدفع الغزاة والمتمردين ، وللحفاظ على الامبراطور وهكذا بدأت الامبراطورية في الانحلال.

وإذا أخذنا بالتاريخ المبكر للخروج ، فيكون غزو بني إسرائيل لأرض كنعان واستقرارهم فيها ، قد بدأ في عهد امنحوتب الثالث وابنه أمنحوتب الرابع ، عندما ارتخت قبضة مصر على تلك البلاد ، رغم أن " الخابيرو " – الذين ورد ذكرهم في بعض رسائل تل العمارنة – لا يمكن أن يكون المقصود بهم هم العبرانيون.

وعندما مات أمنحوتب الرابع ( أخناتون ) تولى العرش " توت عنخ آمون "
( 1366 – 1357 ق.م. ) بالاشتراك مع " آي " أحد الرجال المقربين من أخناتون. وعندما مات توت عنخ آمون بعد تسع سنوات ، استقل " آي " بالحكم حتى 1353 ق.م. وقد ملأ صيت توت عنخ آمون العالم عندما اكتشف قبره في 1922م ، وانبهر العالم بما وجده في قبره من آلاف الآثار التي تخلب العقول وتخطف الأبصار ، وتدل على ما بلغته الحضارة المصرية القديمة من روعة وجمال.وتبين قوة ما نقرأه عن موسى ، وكيف أعطى ظهره لكل هذا الثراء والجمال والمجد ( عب 11: 26).

وعندما مات " آي " تولى العرش " حور محب " قائد الجيش
(1353- 1319 ق.م.) ، واستطاع أن يعيد الأمن والنظام . ومات دون أن يعقب ولداً وكان قد عيَّن " رمسيس الأول " قائد الجيش ووزيره الأول ، خليفة له ( 1319- 1318ق.م. ) وقد بذل رمسيس الأول وخليفته سيتي الأول ( 1318 – 1299 ق.م. ) جهوداً جبارة لاستعادة الامبراطورية في آسيا ، التي ضاعت في أيام أخناتون. ونقلوا العاصمة إلى " تانيس " ( صان الحجر ) في الدلتا لتكون قريبة من أملاك مصر في آسيا.

وتولى العرش بعد الأول ابنه رمسيس الثاني ( 1299 – 1232 ق.م.) الذي واصل الجهود لتأكيد قبضة مصر على فلسطين . وفي السنة الخامسة من حكمه ، تقابل مع الحيثيين في موقعة قادش على نهر الأورنت في سورية ، ونجا هو وجيوشه بأعجوبة ، وواصل المعارك على طول البلاد من جنوبي فلسطين إلى شمالي سورية. ولو كان الإسرائيليون موجودين في البلاد – بناء على التاريخ المبكر للخروج – فالأرجح أنهم لم يحتكوا إطلاقاً بالمصريين ، لأنهم كانوا رعاة وكرامين على تلال فلسطين ، بينما كان رمسيس يتبع الطريق الساحلي . وأخيراً في السنة الحادية والعشرين من حكمه ، عقد رمسيس الثاني معاهدة صلح مع الحيثيين ، ظلت سارية إلى نهاية أيامه.


وقد شيد رمسيس الثاني الكثير من المعابد والآثار وبخاصة في عاصمته تانيس وفي طيبة وفي أبي سمبل ( إلى الجنوب من أسوان) وفي منف. ويعتقد كثيرون أنه هو فرعون الخروج.

وتولى بعده مرنبتاح ( 1232 – 1222 ق.م. ) ، الابن الثالث عشر من أبناء رمسيس الثاني ، وهو الفرعون الوحيد الذي يدعى أنه هزم العبرانيين في معركة، وإن كان بعض العلماء يرون أنه لم يحارب أبداً في آسيا ، إن ما سجله عن ذلك على جدران معبد الكرنك ، إنما هو تفاخر كاذب بالانتصار على كل البلاد المجاورة . وقد صد مرنبتاح ( منفتاح ) غزواً ليبياً في السنة الخامسة من حكمه.

كما صد رمسيس الثالث ( 1198 – 1164 ق.م. ) في السنة الخامسة وفي السنة الحادية عشرة من حكمه غزوات ليبية على الدلتا . وفي سنته الثامنة صد غزو شعوب البحر وكان من بينهم الفلسطينيون. وكان رمسيس الثالث هو


آخر الفراعنة الذين قاموا بحملات لتدعيم حكم مصر في فلسطين وسورية . ولكن في أواخر أيامه تدهورت أحوال مصر الاقتصادية ، وأفلست موارد الدولة ، مما أدى إلى قيام مظاهرات شعبية عديدة نتيجة لانتشار المجاعة.

وظلت الأمور في الانحدار في عصور رمسيس الرابع حتى رمسيس الحادي عشر ( 1167 – 1085 ق.م.) ، وتزايد التضخم والضيق . وفي عهد رمسيس التاسع ( 1138 – 1119 ق.م.) عاث الجنود المرتزقة نهباً وسلباً في الدلتا ، وانتشر لصوص المقابر ، وامتدت أياديهم إلى قبور الملوك ، إلى أن قبض على زمام المُلك حريحور كبير كهنة آمون ونائب الملك في النوبة وقائد الجيش في الجنوب ، وفي نفس الوقت كان هناك ملك آخر في " تانيس " في شرقي الدلتا اسمه " سمندس " كان متزوجاً بإحدى أميرات العائلة المالكة القديمة . وكان حريحور طاعناً في السن ، فلم يملك إلا سنوات قليلة ، بموته خلفه في طيبة ابنه بعنخي الذي اعترف بالبيت المالك في تانيس واكتفى بمنصب رئيس كهنة آمون . وخلف سمندس على العرش بسوسينس الأول الذي زوَّج ابنته لبينزم أكبر أبناء بعنخي . والأرجح أن بسوسينس هذا هو فرعون الذي تزوج سليمان بن داود الملك ابنته ( 1مل 3: 1، 9: 16). فلما مات بسوسينس أعلن ابنه " بينزم " نفسه . وظل الأمر سجالاً بين أمراء طيبة وأمراء تانيس إلى أن انتهت أيام الأسرة الحادية والعشرين .

ثم أسس " شيشق الأول" ( 950 – 929 ق.م. ) وهو من الأسرة الثانية والعشرين ، واستطاع أن يوطد سلطانه على الجنوب والشمال ، وهو الذي زحف على يهوذا في السنة الخامسة لملك رحبعام بن سليمان ، وأخذ خزائن بيت الرب وخزائن بيت الملك وجميع أتراس الذهب التي عملها سليمان ( 1مل 14: 25-27). وفي عهد خلفائه سادت المنازعات على الحكم وعمت الفوضى وانقسمت البلاد طوال عهد الأسرتين الثالثة والعشرين والرابعة والعشرين ( 817 – 715 ق.م.) وكان من ملوكها ترهاقة ( 1مل 19: 9 إش 37: 9) . ولما ساءت الأحوال زحف بعنخي ملك النوبة شمالاً واستطاع توحيد البلاد وجمع السلطة في يده ، وأسس الأسرة الخامسة والعشرين ( الأثيوبية – 751 – 670ق.م. ) . وبعد فترة قصيرة من الحكم الأشوري ( 670 – 663 ق.م.) ظهرت أسرة وطنية في " سايس " بزعامة " بسماتيك الأول " الذي أسس الأسرة السادسة والعشرين ( 663 – 525 ق.م.) فاستعادت البلاد استقلالها واستتب الأمن فيها . ومن أهم ملوك هذه الأسرة " نخو الثاني " ( 2مل 23: 29- 34، 2أخ 35: 20، 36: 3و4).

وفي 525 ق.م. في عهد بسماتيك الثالث ، غزا قمبيز ملك الفرس مصر وأسس الأسرة السابعة والعشرين . ثم أسس حكام وطنيون الأسرتين الثامنة والعشرين في سايس " صا الحجر " والتاسعة والعشرين في " مندس ". وفي نهاية الأسرة الثلاثين، وفي عهد " نخنبو الثاني " عاود الفرس فتح مصر ( 341 – 332 ق.م. ) إلى أن جاءها الاسكندر الأكبر في 332 ق.م. فرحب به المصريون إذ رأوا فيه منقذاً لهم من الحكم الفارسي.

وبعد موت الاسكندر ، حكم مصر البطالمة ( 323 – 30ق.م.) وقد ازدهرت مصر في أوائل عهدهم ، وبمرور الزمن تخلقوا بأخلاق المصريين ، واعتنقوا ديانتهم ، وأصبحت مصر هي وطنهم . وعن طريق حجر رشيد – الذي يرجع إلى عصر بطليموس الخامس ( 203 – 181 ق.م.) والذي اكتشفه أحد رجال حملة نابليون بونابرت على مصر ، أمكن للعالم الفرنسي " شامبليون " في 1822 ق.م. أن يفك رموز اللغة الهيروغليفية ، فكان ذلك مفتاحاً لمعرفة تاريخ مصر القديم المسجل على الآثار وفي البرديات العديدة التي تم العثور عليها.

وانتهى حكم البطالمة بكليوباترا في 30م. بفتح الرومان لها . وفي أيام حكم الرومان، جاءت العذراء مريم ويوسف والصبي يسوع إلى مصر هرباً من هيرودس الملك. وفي عهود اليونان والرومان اصطبغت مصر بالثقافة الهيلينية.

وفي السنين التي أعقبت انحلال الامبراطورية المصرية ، وعندما كانت الثقافة المصرية الفرعونية هي السائدة في البلاد ، ترد أسماء عدد من ملوك مصر الكتاب المقدس ( العهد القديم ). فكما سبقت الإشارة ، في السنة الخامسة لرحبعام ملك يهوذا ( المرجح أن ذلك كان في 926 ق.م. ) غزا شيشق الأول ملك مصر يهوذا ونهب خزائنها ( 1مل 14: 25و26) ، بل وتقدم داخل مملكة إسرائيل ، كما تدل على ذلك الكشوف الأركيولوجية . وفي نحو 700ق.م. في أيام الملك حزقيا ملك يهوذا ، والنبي إشعياء ، قاد " ترهاقة " الكوشي ملك مصر جيشه إلى فلسطين لمساعدة اليهود ضد الغزاة الأشوريين ( 2مل 19: 9).

وفي أيام هوشع آخر ملوك مملكة إسرائيل ( المملكة الشمالية أرسل رسلاً إلى" سوا " ملك مصر يستنجد به ، ولم يؤد جزية لملك أشور حسب كل سنة ، فقبض عليه ملك أشور وأوثقه في السجن ( الرجاء الرجوع إلى مادة " سوا " في موضعها من حرف " السين " في الجزء الرابع من " دائرة المعارف الكتابية " ) .

وفي أواخر القرن السابع قبل الميلاد زحف نخو الثاني ملك مصر بجيشه إلى يهوذا لمقابلة جيش أشور عند نهر الفرات ، فاعترض يوشيا ملك يهوذا طريقه ، فقتله
( 2مل 23: 28 – 30) . وأخذ فرعون نخو ملك مصر يهوآحاز بن يوشيا الذي أقاموه ملكاً عوضاً عن أبيه ، أسيراً إلى مصر حيث مات هناك ، ووضع " نخو " على عرش يهوذا " ألياقيم " بن يوشيا ، وغيَّر اسمه إلى " يهوياقيم " ، وفرض عليه جزية ضخمة
( 2مل 23: 29-35).

وفي أواخر مملكة يهوذا ، عندما كان نبوخذ نصر يحاصر أورشليم( 588 -586 ق.م.) ، حاول الفرعون حفرع أن يغزو فلسطين لمساعدة اليهود ضد البابليين ، ولكنه لم يفلح كما تنبأ إرميا النبي ( إرميا 37: 5-11، 44: 3 ، حز 17: 11-21).

(منقول عن دائرة المعارف الكتابية اصدار دار الثقافة المسيحية )
الرد مع إقتباس