عرض مشاركة مفردة
  #30  
قديم 15-05-2004
Mike1 Mike1 غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: sweden
المشاركات: 341
Mike1 is on a distinguished road
puzzl

هوا الناس دي عايشه في اي كوكب ؟
مقاله في اهرام النهارده :

42894 ‏السنة 127-العدد 2004 مايو 15 ‏25 من ربيع الأول 1425 هـ السبت

حماية حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية
بقلم : د‏.‏ محيي الدين علي عشماوي
أستاذ القانون الدولي الإنساني
وقانون حقوق الإنسان



لعل مايزيد الشريعة الإسلامية فخرا وإعزازا ما جاءت به هذه الشريعة الغراء من أحكام وقواعد وتشريعات حرصت علي حماية الإنسان في زمن السلم والحرب‏,‏ وحيث كانت سابقة في وضع قواعد هذه الحماية علي كافة التشريعات والاتفاقيات والمعاهدات الدولية الوضعية التي تشكل كل منها القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان والتي وضعها المجتمع الدولي والتي منها اتفاقيات لاهاي ولوائحها والإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقيات جنيف لعام‏1949‏ وبروتوكول جنيف لعام‏1977‏ والاتفاقية الدولية بشأن الحقوق المدنية والسياسية والبروتوكول الملحق بها والاتفاقية الدولية بشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغير ذلك مما جاء متأخرا عن قواعد الشريعة الإسلامية بما يزيد علي أربعة عشر قرنا‏.‏

إن أبرز ما أهتمت به أحكام الشريعة الإسلامية هو المحافظة علي الحقوق الشخصية للإنسان وحمايتها ونقصد بالحقوق الشخصية مايتعلق بالشخص نفسه وبآدميته وبحرياته الأساسية من فكر وعمل وعقيدة دينية وحرية الانتقال والهجرة والاستقرار في الوطن الذي يختاره الشخص إلي غير ذلك من الحقوق التي لاغني للشخص عنها حتي يضمن العيش كإنسان له كرامته البشرية وحياته الخاصة التي يحميها المجتمع وتحفظها له الدولة وتستنكر الإعتداء عليها وسنقتصر في عرضنا لهذه الحقوق الشخصية علي‏:‏
حق الحياة والنهي عن التعذيب والمعاملة غير الإنسانية‏.‏
وفي تفصيل ذلك نذكر باختصار مايلي‏:‏
حق الحياة والنهي عن التعذيب والمعاملة غير الإنسانية

فقد جاءت الشريعة الإسلامية بالأحكام الخاصة بحماية حق الإنسان في الحياة في زمن السلم والحرب علي السواء‏.‏ وقد بلغ حرص الشريعة الإسلامية علي عدم المساس بحياة الإنسان درجة كبيرة لم تصل اليها أية شريعة أخري من شرائع العالم قديمة ومتوسطة وحديثه‏,‏ ففي حالة القتل العمد تقرر الشريعة الإسلامية أقصي عقوبة وهي عقوبة الاعدام‏(‏ القود‏)‏ ولاينظر الإسلام إلي هذه العقوبة علي أنها أنتقام من القاتل وقصاص للعدالة فحسب بل ينظر إليها كذلك علي أنها وسيلة للزجر‏,‏ وصيانة لحق الإنسان في الحياة‏,‏ وضمان لاستقرار العمران الإنساني‏.‏ وفي هذا يقول القرآن الكريم في عبارة موجز بليغة‏:‏
ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون صدق الله العظيم

ولايفرق الإسلام في ذلك بين أن يكون القتيل رجلا أو أمرأة‏,‏ بالغا أو صبيا‏,‏ عاقلا أو مجنونا‏,‏ عالما أو جاهلا‏,‏ شريفا أو وضيعا‏,‏ مسلما أو كافرا فيقتل الرجل في المرأة‏.‏ والبالغ في الصبي‏,‏ والعاقل في المجنون‏,‏ والعالم في الجاهل والشريف في الوضيع والمسلم في الذمي‏.‏

ومن هذا يظهر أن الإسلام يحترم الحياة الإنسانية علي الإطلاق‏,‏ ويحترم حق الإنسان علي الإطلاق في الحياة‏,‏ وأنه قد وضع عقوبة القصاص لحماية هذه الحياة وهذا الحق بصرف النظر عن جنس القتيل وسنه ومنزلته وديانته وكونه من الاعداء أو غيرهم‏.‏

وحتي إذا لم يعلم القاتل علي وجه اليقين فإن الإسلام لايعفي الناس من المسئولية والجزاء فمجرد حدوث الاعتداء علي الحياة الإنسانية يقتضي في نظر الإسلام توقيع العقوبة‏.‏ سواء أمكن تعيين من أحدث الاعتداء أم لم يمكن تعيينه‏,‏ فإذا وجد قتيل في محله ولايعلم من قتله أستحلف خمسون رجلا من أهل المحلة يتخيرهم ولي الدم فيقسم كل منهم بالله ماقتله ولاعلمت له قاتلا‏.‏ فإذا حلفوا سقط القصاص‏.‏ ولكن يقضي علي أهل المحلة جميعا بالدية متضامنين ويسمي هذا الإجراء في عرف الفقهاء القامة

وأبلغ من هذا كله في الدلالة علي حرص الإسلام علي احترام الحياة وحماية النفس‏.‏ وعلي زجر الناس وتخويفهم من عواقب الاستهانة والإهمال في هذه الشئون وحملهم علي اتخاذ منتهي الحيطة والحذر في صددها هو ما مسئولية في حالة القتل الخطأ وما في حكمه حتي ولو كان من وقع عليه القتل الخطأ حربيا مستأمنا‏(‏ أي من الاعداء ولكن منح الأمان وسمح بإقامته في دار السلام‏)‏ فالإسلام يوجب في هذه الحالة الدية لأهل القتيل‏.‏ وهي غرامة مالية تجب علي القاتل‏.‏

كما يحاسب الإسلام علي القتل بالتسبب‏.‏ ومثال ذلك أن يموت إنسان جوعا في بلد إسلامي أو بلد استقر فيها الحكم للمسلمين‏.‏ فإذا مات أحد بسبب الجوع أعتبر ذلك تقصيرا يحاسب عليه الإسلام ويستوجب المسئولية ودفع الدية لأهل القتيل‏.‏

ولقد كان قادة الفتوح الإسلامية يحرصون علي تأمين أهالي البلاد التي يفتحونها ويحافظون علي حياتهم بعد الفتح‏.‏ وفي هذا يقول عمرو بن العاص في معاهدته مع المصريين بعد فتحه لمصر‏(‏ هذا ما أعطي عمرو بن العاص أهل مصر من الأمان علي أنفسهم وملتهم وأموالهم وكنائسهم وصلبهم وبرهم وبحرهم لايدخل عليهم شئ من ذلك ولاينتقص‏)‏

وقد قررت أحكام الشريعة الإسلامية السمحاء في مجال سلوك المحاربين في زمن الحرب أن الفضيلة والتقوي هي أساس العلاقات الدولية في الحرب كما هي في السلم سواء بسواء‏.‏ فالمحاربون يلتزمون في فتوحاتهم بإقامة العلاقات الإنسانية مع شعوب البلاد المفتوحة علي أساس احترام حياتهم ومراعاة اعراضهم فلا يحل قتال غير المقاتلين ولا التخريب ولا التدمير إلا في حدود الضرورة ولاتنتهك الأعراض وإن صنع العدو شيئا من ذلك‏.‏ فحياة الإنسان وعرضه حرمة من حرمات الله تعالي لاتباح في أرض‏.‏ ولايختلف التحريم لها باختلاف الأشخاص أو الاجناس أو الأديان‏.‏

ورعاية هذه الحرمات أمر مقرر بصفة أصلية في الدين الأسلامي الحنيف‏,‏ قال الإمام الشافعي‏(‏ رضي الله عنه‏)‏ في كتابه الأم الجزء السابع ص‏322:‏

مايفعله المسلمون ويجتمعون عليه أن الحلال في دار السلام حلال في بلاد الكفر والحرام في دار السلام حرام في دار الكفر‏.‏ فمن أصاب حراما‏.‏ فقد حده الله علي ماشاء منه ولاتضع عنه بلاد الكفر شيئا

وحيث إن التعرض لحياة الإنسان في بلاد الإسلام حرام فإن التعرض لحياة الانسان في غيرها من البلاد يصير حراما يستوجب مسئولية مرتكب هذا التعرض ويقع عليه الحد في الإسلام‏.‏

وقد بلغ الإسلام في حرصه علي حق الحياة تحريم قتل بعض الأشخاص حتي في زمن الحرب‏,‏ فقد حرم الاسلام قتل الصغار والنساء والشيوخ والعميان والمرضي وأصحاب العاهات والعجزة عن القتال والفلاحين في حرثهم والرهبان والعباد وكل أولئك معصومون بحصانة القانون من أخطار الحروب إلا إذا قاتلوا بقول أوفعل أو رأي أو مداد بمال‏.‏


فالتشريع الإسلامي يحرم قتل المدنيين وكل من ألقي السلاح وأنصرف الي عمله‏,‏ وكل من لم يقاتل المسلمين‏,‏ فهؤلاء معصومون من القتال ومنهي عن قتالهم ويجب المحافظة علي حقهم في الحياة‏.‏ وهذا ما سار عليه العرب المسلمون منذ صدر الإسلام وسجله تاريخ الفتوحات الإسلامية واعترف به الفلاسفة والمؤرخون من الشرق والغرب‏.‏ قال جوستاف لوبون‏:‏
ماعرف التاريخ فاتحا أرحم ولا أعدل من العرب

ولقد كان حرص الإسلام علي حق الحياة لكل فرد حتي ولو كان من الأعداء يبلغ منتهاه بمنع القتل حتي في ظروف الحرب إلا إذا ابتدأ العدو بالقتال‏.‏
ودليلنا في ذلك وصايا الرسول صلي الله عليه وسلم إلي قادة المسلمين والتي نذكر منها‏:‏
الرد مع إقتباس